يشتكى المواطن السوداني البسيط مر الشكوي من النفق المظلم الذي أجبر على السير في دربه جراء تبني الدولة لسياسات التحرير الاقتصادي منذ العام 1992م، وحتى تاريخه، هذه الشريحة المتأثرة من الشعب السوداني بتلك السياسات المتوحشة تمثل غالب شعب السودان ولا تنفي وجود فئة قليلة العدد من الشعب السوداني ليستفيد من تطبيق تلك السياسات الاقتصادية وهي فئة الاغنياء وميسوري الحال من المحظوظين، نحن لا نحسدهم على حالتهم ولكننا نبكي على احوال عامة الشعب المغلوب على أمره، الاغنياء في السودان يزدادون غنى والفقراء يزدادون فقراً ولله في خلقه شئون. رغم معاناة شعب السودان من هذه السياسات فان القائمين عليها وبدون قراءة صحيحة للواقع يؤججون نيرانها بمزيد من الإجراءات ضد القطاع العام، كالذي يحدث الآن لبيع مستشفى العيونبالخرطوم بدعاوي زائفة، مستشفي العيونبالخرطوم رمز وطني لا ينبغي التفريط فيها لتباع بدارهم معدودة، إن كانت الفكرة وراءها تحسين أدائها، فالمطلوب دعمها والعمل على استكمال النواقص فيها وليس التخلص منها. اليوم يقف أطباء العيون بالمستشفي وقفة احتجاجية على بيعها وقلوب الملايين من شعب السودان معهم في تلك الوقفة الاحتجاجية، الغريب في الامر ان المسؤولين عن تنفيذ سياسات الاشخاص تلك سائرون في تنفيذها حتي محاولات السيد الدكتور عبد الرحمن الخضر والي الخرطوم لضبط انفلات أسعار السلع والخدمات ارتفعت اصواتهم مطالبين ومحتجين عن تدخلات السيد الوالي بالاسواق، السيد الدكتور عبد الرحمن الخضر والي الخرطوم رجل سياسي واعي لمسؤولياته أمام جماهير العاصمة إلا ان المصالح الشخصية للمحتجين على تلك التدخلات المهمة ربما اثرت في ايجابياتها واستطاعت تلك القوى من إزالة مراكز البيع المخصص للسلع والتي كانت جزءا من تدابير السيد الدكتور عبد الرحمن الخضر لمحاربة الجشع والاحتكار وانفلات الاسعار، إلى متي يعتقد هؤلاء القوم ان الامور ستسير على وفق امزجتهم؟ الله يشهد لسنا ضد أحد ولكننا نسعى بان نحافظ على حقوق الجميع ونمشي بين الناس بالعدل تحت الأضواء الكاشفة، سياسات التحرير الاقتصادي هي أساس الفكر الرأسمالي المادي، فهي لا تناسبنا من الناحية الدينية والاجتماعية فالشعب السوداني في تطوره لم يعهد الاقطاع ولا الرأسمالية المستغلة فقد عرف بين فئاته بالتكامل والتكاف والتعاون وفي عزة وكرامة لا يحط من قدر سوداني لانه فقير ولا يرفع من قدره لانه غني. لقد طالبنا كثيراً بمراجعة سياساتنا الاقتصادية الكلية لنعطي المجال للجميع للقطاع الخاص والقطاع العام والقطاع التعاوني ليلعب كل دوره بفعالية ولابد للدولة السودانية ان تلعب دورها الاخلاقي والاشرافي والتخطيطي والتنفيذي كقوة حاكمة ومنظمة لحياة المواطن السوداني ومسؤولة عن هذه الدولة وقوتها ووحدتها وإدارة شئونها في كل المجالات وفق التجارب الانسانية المتاحة ووفق توجيهات ديننا الحنيف، انه من دواعي الامن والاستقرار في اي قطر أن يشعر كل فرد فيه أنه صاحب مصلحة حقيقية وأنه على درجة عالية من الرضى في وطنه. محمد عثمان سيراب مهندس زراعي بالمعاش