منطقة هجليج ذات التربة الطينية لم تكن مثار اهتمام الكثير من السودانيين خلال الفترة الماضية، ولكنها كانت وما زالت تعني الكثير بالنسبة للإقتصاديين لما تتمتع به من موارد نفطية ضخمة تدر على الخزينة السودانية ملايين الدولارات، وقطعاً تعني الكثير لانسان المنطقة بطبيعته الرعوية والزراعية، لما فيها من ثروة حيوانية وغابية جعلتها من اهم المناطق التى تشكل حيوية للاقتصاد السوداني سيما بعد انفصال جنوب السودان، الذي سعى لضم المنطقة اليه من خلال النزاع حول حدود ابيي عبر محكمة التحكيم الدائم بلاهاي في العام 2009م، ومؤخراً عبر احتلالها بالعمل العسكري، لذا تعتبر منطقة ذات طبيعة إستراتيجية حيوية من الناحية الاقتصادية والعسكرية ومن حيث موقعها الجغرافي. تحد منطقة هجليج من ناحية الجنوب الغربي حقلا دفرة وأبيي على بعد (100) كلم اما مدينة المجلد فتقع غربها على بعد (240) كلم بينما من الشمال الغربي تحادد حقلي بليلة ونيم على بعد (140) كلم ومن الناحية الشمالية تقع بحيرة كيلك والخرصانة وبحيرة الأبيض ومن الشرق منطقة فاريوم وتبعد عن حدود دولة الجنوب حوالي (90) كلم من ولاية الوحدة واقرب المدن اليها من ناحية الجنوب ربكونا وفارينق، ويقول معتمد أبيى الاسبق اللواء (م) عبدالرحمن ارباب ان المنطقة كاشفة ليس بها غطاء نباتي كثيف وان أشجار الطلح وبعض اشجار اللالوب تنتشر على عدد من الطرق التي تربط المنطقة بالمناطق المجاورة ابرزها الطريق الرابط بينها وابيي والذي قال انه يمر بقرية الناما، ويقول ارباب فى حديثه ل(السودانى) ان منطقة هجليج كانت معبرا لرعاة المسيرية قبل استكشاف البترول ويلفت الى ان الخطورة تكمن فى وعورة ارض المنطقة الطينية التى تعيق اي تحرك فى فترة الخريف الذى تطرق ابوابه على الدخول ربما قبل نهاية الشهر الحالي ويضيف ان توقيت اعتداء الجنوب لايخلو من وضع عامل الجغرافيا ضمن حسابات المعركة، فيما يلفت احد قاطنى مدينة هجليج عز الدين عثمان فى حديثه ل(السودانى) بعد عودته الى منطقة المجلد عائداً من منطقة هجليج التى يعمل بها عقب الهجمات الاخيرة، يلفت عز الدين الى ان المنطقة تذخر بالحراك والنشاط الرعوي والتجاري وان معظم سكانها من قبيلة المسيرية العجايرة الذين ينحصر نشاطهم فى الرعي فى فترة الصيف بجانب بعض السكان الذين يعملون فى الشركات والمؤسسات فى مناطق البترول ويلفت الى ان المساكن فى المنطقة تتكون من أكواخ عشبية بالاضافة الى بعض المساطب الخرصانية ويمضي الى ان التأكيد بأن هنالك عددا من الشركات عاملة فى حقل هجليج ابرزها شركة النيل الكبرى لعمليات البترول وهى الشركة المالكة للحقل بالاضافة الى شركات اخرى صينية وفرنسية ومجموعة الشركات التى تعمل فى هجليج تصل الى (65) شركة تعمل فى انشطة مختلفة من اعمال الطرق والحفر والاستكشاف والكهرباء والسباكة واشار عزالدين الى ان المنطقة يوجد بها مستشفى يقدم خدمات علاج مجانية لسكان المنطقة وبها شبكة مياه وان النشاط التجاري اصبح سمة مهمة متسعة ومتنامية ومميزة للمنطقة في الفترة الاخيرة سيما عقب اكتشاف النفط. حديث الوثائق تنازع الطرفان الشمال والجنوب سابقاً حول تبعية المنطقة بجانب أبيى وبعد ان استعصى التوصل لحل بين الطرفين فى الداخل ذهبا للتحكيم الدولي في لاهاي الذى قضى بشمالية منطقة هجليج بينما مازالت أبيى في محطة التنازع وبالرجوع إلى قرار محكمة لاهاي التي أصدرت قرارها في 22/7/2009م جاء القرار لمصلحة الشمال في منطقة هجليج، عكس ما صدر بشأن أبيي وترك تبعيتها لنتيجة الاستفتاء الذى كان المفترض ان يتم بين سكان المنطقة دينكا نقوك والمسيرية وما يتمخض من تبعية للشمال أو الجنوب، لذا ان اعتداء دولة الجنوب على المنطقة (هجليج) وادعاء الحركة الشعبية بأن هجليج هي أرض جنوبية تدحضه الاتفاقيات والمواثيق، وبالتالى ضرورة استعادة المنطقة تمثل هما وطنيا الا ان كيفية طرح الخيارات فى استعادتها بالقوة ربما يهدد المنشآت النفطية هذا المنطق استبعده الخبير العسكرى اللواء ركن حسن ضحوى فى حديثه ل(السوداني) وقلل من تأثير المعارك فى المنطقة على حقول النفط لجهة ان قذائف المدفعية سطحية والآبار مغطاة وتحت الارض الا فى حال قصد ضرب الآبار مباشرة حتى تتأثر، وتوقع ضحوي ان يتم نهب آبار البترول ومعداتها للاستفادة منها فى حقول دولة الجنوب، فيما عزا معتمد ابيي السابق اللواء عبدالرحمن ارباب الى ان الاعتداءات المتكررة تنبع من عدم وجود منطق اقناعي لقضايا الجنوب باستخدام القوة المسنودة من قوة اجنبية لتوتر الموقف بين البلدين وقال ان هجليج منطقة بترولية ومورد اقتصادى كبير ومنطقة حيوية واردف بلغة "الجيش لايسمح باحتلالها"، ومن خلال حديث ارباب تطل اسئلة التفريط فى المنطقة فى ظل المناوشات العسكرية المستمره بين الطرفين وعدم وضع الاحتياطيات للتنبؤ بما هو قادم، بيد ان ارباب يرمى الى جهة اقتراب استعادة المنطقة من الجنوب لجهة الاستعدادات الكبيرة التى تجرى لاستعادتها باعتبارها منطقة حيوية، واعتبر ان توقيت الهجوم يبرهن على سعي دولة الجنوب للتمسك بالمنطقة التى يصعب استردادها فى الخريف لوعورته فى تلك المناطق بالاضافة الى ان الشعبية هدفت للضغط على حكومة السودان فى التفاوض بفقدانها المورد الاقتصادى مقابل حصولها على مطالبها فى النيل الازرق وجنوب كردفان وتحقيق تقدم إقتصادي فى مفاوضات القضايا العالقة ويبدو ان الشعبية تستخدم هجليج كورقة تفاوضية تساوم بها من اجل الحصول على تنازلات فى مناطق جنوب كردفان والنيل الازرق لكن الاهم من ذلك هو ما افصح عنه قادة الجنوب من حديثهم عن انسحاب جيشهم من هجليج مقابل انسحاب القوات المسلحة من أبيى.