ellogman@ yahoo.com .. وجدت دعوتي التي حملتها ما جاء في مقالي قبل الأخير في الأسبوع قبل الماضي والتي ناديت فيها بالغاء وزارة الاعلام وشطبها تماماً وعلى وجه السرعة من الهيكل التنفيذي الحكومي القيادي صدى أحسبه واسعاً بين عدد مقدر من الزملاء الاعلاميين الناشطين في مختلف وسائل الاعلام المقروءة والمسموعة والمرئية وكذا عبر عدد مقدر ونوعي من الأكاديميين والباحثين والمهتمين بل وعدد من القراء وبالرغم من أن أفكاراً كهذه لابد وانها قد وجدت مساحة ما في خاطرة الكثيرين بل أنه لابد وأن يكون هنالك من اجتهد بالفعل سواءً عبر الدراسات والبحوث أو عبر التداول أو الحوار حول هذا الأمر .. الا أنني شعرت وعبر ما وصلني من تأييد كبير للفكرة وحماس دافق مؤيد لها حتى من عامة القراء .. أن هنالك عهداً جديداً من الاهتمام و الوعي بدور الاعلام وأهميته وأثره المباشر على حياة الناس بتفاصيلها قد بدأ الآن على نحو أصبحت لدى المتعرضين للرسائل الاعلامية المختلفة رغبة جامحة للمشاركة في ايجاد واقع جديد للاعلام خاصة وأن جميع هؤلاء قد تخطوا (مع تخطي التقنيات الاعلامية الحديثة لحاجز اللاممكن والمستحيل) .. حيز دورهم القديم كمتلقين سلبيين للرسالة الاعلامية الي ناقلين لها بل والى صانعين لها ومن الطبيعي لمن أصبح جزءاً أصيلاً من الآلية الاعلامية الحديثة أن يتقدم الآن ليدفع برؤاه وأفكاره لخاصة التي يؤمن بها لتطوير وسطه المتفاعل معه والمتعاون فيه بالفعل مع الآخرين .. .. ولعله من المتأخر جداً علينا نحن هنا في الداخل وكذا محيطنا الاقليمي العربي والافريقي المجاور على الأقل أن نتحدث الآن فقط عن استقلالية الاعلام وانعتاق دوره عن ما يؤخره في خدمة الحقيقة عبر حرية الكلمة والأداء الصانع والمتفاعل لها وهو أمر معيب وحقيقة مؤلمة لحد كبير ومؤسف الا أن قاعدة (أن تأتي متأخراً أفضل من ألا تأتي مطلقاً .. ) .. تجعل من الاسراع الآن في طرح أفكار كهذه في خانة الاهتمام والتداول بغية الخروج بحلول لها .. أمراً حتمياً وعاجلاً للحاق بالعالم المتقدم من حولنا وكذا لمواكبة الروح العربي المتطلع الى واقع سياسي واجتماعي جديدين تماماً يكون فيهما الاعلام معبراً عن الدولة والشعب وليس عن أفكار وأهداف وقرارات ومواقف مجموعات تمثلها هياكل تنفيذية حكومية كانت أو حتى معارضة بحيث يصبح الفعل الاعلامي اعلام دولة تعترف بالمؤسسات وتحترم رأي الشعب وتعمل من أجله في حيدة وحرية وشفافية كاملة وتامة وفي هذا لا تقف المطالبة لاحداث هذا التحول فقط من قبل الأجهزة الاعلامية المملوكة للدولة ولكن حتى تلك الأجهزة والوسائل الاعلامية التي قامت (برأس مال غير حكومي ويملكها رأس مال خاص ممثلاً في أفراد أو مجموعات مستثمرة وناشطة في الساحة الاعلامية عبر أجهزتها ووسائلها المقروءة والمسموعة والمرئية .. ) عليها أن تعي بأن الحاضر الذي تسنده مؤشرات مستقبل قادم يقول بأن الوقت قد حان بالفعل لاجراء عملية جراحية كبيرة تنقل المكونات المفاهيمية لدور الاعلام الى محددات مهنية رفيعة ليس لرغبات المالك الرأسمالي وأهوائه أي حضور في الأداء العام وحتي التفصيلي لمؤسسته الاعلامية وهذه هي الاجابة علي السؤال : ( .. لماذا الغاء وزارة الاعلام .. لماذا .. ؟؟ ) .. باختصار إن العقلية البشرية المعاصرة والحديثة باتت اليوم رافضة لاعلام المجموعات والكيانات الحكومية أو حتى المعارضة التي تجعل من الاعلام مطيتها لتحقيق أهدافها ومصالحها الخاصة التي في غالب الأحوال يدفع بها لتمر عبر تأثير الاعلام وسطوته .. اليوم رغبة جديدة وشعور جديد لدى شعب المنطقة برمتها الذي أصبح صانعاً وناقلاً للرسالة لأن يدخل الاعلام الى مرحلة جديدة ومحترمة في أداء يعبر عن الدولة وعنه كشعب لديه أفكاره وقضاياه .. أما الاجابة علي السؤال : .. كيف يمكن الغاء وزارة الاعلام .. كيف .. ؟؟ .. فالاجابة هنا ببساطة أننا عندما ننادي بالغاء وزارة الاعلام فاننا حتماً ننادي ببديل لها والبديل هنا وان ( تأخر) وعجزت معه عقليتنا عن استيعاب مطلوباته فانه لن يكون أبداً بمواصفات وزارة الاعلام بهياكلها ومهامها وأهدافها يل أننا نتحدث هنا عن جسم مستقل بكيانه وأهدافه ومراميه بل وحتى ممثليه .. جسم يعمل على خدمة النشاط الاعلامي بمسئولية الدولة ونفس الشعب وليكن الحديث عن هيئة مستقلة .. لا بأس ولكن التخطيط لها ولصلاحياتها ومهامها وحدود حرية مباشرتها لوظيفتها يجب أن يكون بعيداً كل البعد عن الصورة العالقة في الأذهان عن الهيئات الخاصة التي تسمى هكذا اصطلاحاً بأنها هيئات سواءً كانت بصيغة رسمية – حكومية أو بصيغة شعبية تعطي لها فقط لاعطاء الشكل الشعبي علي غير ارادة حقيقية على الواقع والأرض .. نعم نتحدث عن هيئة (ان تم التراضي على ذلك) مستقلة تماماً في كل شأنها الهيكلي والاداري والمالي .. هل يمكن أن يتحقق ذلك الآن .. ؟؟ .. كثيرون قد يرون ذلك مستحيلاً الا أن المستحيل لا يبقي مستحيلاً الى الأبد اذا كان هنالك من يسعى تجاهه ويعمل من أجله خاصة اذا ما تحتم الأمر وأصبح ضرورة لازمة وواقعاً لا مناص منه وان قبلنا أن نكون بعيدين عن ركب الفكر والعقل المعاصر الممارس للحياة بتكامل تطورها التقني والمفاهيمي فان من حولنا سيجدون صعوبة بالغة في التعاطي والتعامل معنا لأنه حينها سنتحدث بلسان مختلف تماماً عن لسان الآخرين كما وسنصرف شئوننا على نحو يراه الآخرون شيئاً من الماضي المتخلف .. اذاً متى نبدأ التغيير ومتى نعلن عن الغاء وزارة الاعلام .. ؟؟ .. الاجابة تقول : الآن .. وعلى الفور .. على الأقل ان صدر قرار كهذا سيكون اعلاناً أولياً عن رغبتنا للحاق بالآخرين وليشرع في بناء الهيئة البديلة ولتجلس لها الكفاءات والخبرات والكوادر الاعلامية الوطنية ولتقدم الدعوة لبعض من خبراء المنطقة العربية والأفريقية وبعض من الخبراء والناشطين الدوليين لنخرج بجسم معافى ولو على مستوى التخطيط والتنظير المرحلي له ولتباشر هيئة كهذه بعد (انتخاب) أو حتى (تكليف) شخصيات متفق على استقلاليتها وحياديتها لتضطلع بمهام الهيئة الجديدة المستقلة في حركتها ومهامها ولنرى ما سيحدث .. لن نتوقع بالطبع ومنذ الوهلة الأولى أو التطبيق الأولي نجاحاً كبيراً وربما نرى اخفاقاً .. قد يحدث .. الا أننا حينها سنكون قد بدأنا السير في الإتجاه الصحيح.