تتذكرون حديث الرئيس الراحل نميري عن ضرورة التقشف وربط الاحزمة وما ساقه من مطالب ومداخلات غير موفقة لغة ومعنى في خطابة الشهير بقاعة الصداقة قبل اشهر من خلعه. وتتذكرون ايضا حديث وزير المالية الحالي حول "الكسرة" وغيرها من البدائل الغذائية الى جانب حديثه الدائم عن الدعم الذي يثقل كاهل الميزانية. سنعتبر ذلك جزءا من ادبيات التقشف ودواعيه ، عندما يصبح ضبط النفقات وتقليصها شرا لا بد منه . اما لماذا تصل الامور الى هذا الحد فذاك سؤال لا يحب المسؤولون مجرد طرحه، خاصة في عالمنا الثالث المسكين. التقشف اصبح موضة هذه الايام مع حفظ الفارق بين دولة واخرى " فالتقشف خشم بيوت". حفل تنصيب الرئيس الفرنسي الجديد فرانسوا اولاند تم في ذات الإطار أي الاقتصاد في النفقات واللجوء إلى البساطة والدلالات الكامنة فيها، والمفارقة ان اولاند بنى حملته الانتخابية على مناهضة التقشف، داعيا الى تشجيع الإنفاق بدلا منه وهو ما اغضب ألمانيا قاطرة الاقتصاد والاتحاد الأوروبيين. في اليابان قصص اخرى للتقشف واليابانيون "اسيادها" كما تعرفون " يجضموا" كل شئ ويحسبونه بالمليمتر. ودافعهم الى ذلك كارثة تسونامي الاخيرة واثارها وخسائرها المدمرة. لا تحب الشعوب التقشف ولا الحديث عنه ، جن جنون اليونانيين وهم يراقبون حكوماتهم المتعاقبة تمطرهم بقوائم النفقات التي سيطالها التقشف. ضج الشارع وعمت المظاهرات البلاد، البعض فضل الهجرة ووصل الحال باليونانيين الى حد احياء نظام المقايضة التاريخي. وعندما واتتهم الفرصة في الانتخابات التشريعية الاخيرة لقنوا احزاب التقشف درسا لن تنساه. محظوظون الاغريق لديهم فرصة ان يقولوا لا وان يعاقبوا ساستهم ويردوا لهم الصاع صاعين. ماذا عنا نحن الغلابة يفعل بنا الساسة ما يفعلون وهم مطمئنون "قال انتخابات قال". لكن " ده كلو كوم والتقشف في اوزبكستان كوم تاني" وانا هنا انقل لكم خبرا من هناك كما اوردته وكالات الانباء تماما : "فوجئ موظفو القطاع العام بمنطقة أوديل التابعة لمحافظة بخارى بوسط أوزبكستان، بتسلمهم دجاجا مستوردا من صربيا، كجزء من رواتبهم الشهرية، وذلك في اطار خطة حكومية تستهدف خفض النفقات بالميزانية، التي تعاني من عجز في الوقت الراهن، تخطط الحكومة في إطارها لتقديم أبقار للموظفين ولكنها مستوردة هذه المرة من أوكرانيا. وحسب وكالة "أنباء الشرق الأوسط"، فقد وصف مسؤول محلي هذه الخطوة بأنها إيجابية وناجحة وكانت تطوعية من جانب الموظفين، إلا أن أحد المدرسين اشتكى من أنها مفروضة عليه، حيث تلقى كل مدرس 10 دجاجات يزيد سعرها قليلا عن ثمن شرائها المحلي، اضطروا لقبولها. وقال المسؤول: "إنه تم في إطار الخطة التي تستهدف الحكومة تعميمها بمناطق أخرى توزيع أكثر من 20 ألف دجاجة بين موظفي القطاع العام بالمنطقة، وسيتم توزيع 40 ألف أخرى في الأشهر المقبلة، الى جانب دراسة تقديم أبقار مستوردة من أوكرانيا بدلاً من الرواتب". انتهى الخبر. مؤكد ان حكومتنا لن تلجأ الى هكذا خيار لانها ستخسر حتما فاسعار الدجاج في اسواقنا نارية بامتياز، دعك عن لحوم الابقار المستوردة كمان ، ربما يكون الحمام حلا وسطا وما ضروري يكون مستورد "المحلي احلى".