المناطق منزوعة السلاح .. عربون سلام تقرير: محمد المختار متأبطاً موافقة الحكومة على إقامة منطقة منزوعة السلاح بعمق عشرة كيلومترات على الحدود مع جنوب السودان، واستعدادها لاستئناف المفاوضات مع جوبا حول القضايا العالقة استنادا إلى الاتفاقيات السابقة بين الدولتين توجه رئيس الآلية الافريقية رفيعة المستوى التابعة للاتحاد الافريقي لرعاية المباحثات بين السودان وجنوب السودان ثامبو امبيكي الى جوبا في إطار جهوده لاستئناف المفاوضات بين الطرفين، بعد عدة لقاءات أجراها مع عدد من المسئولين فى الحكومة اختتمها بلقاء رئيس الجمهورية المشير عمر البشير ببيت الضيافة أمس الأول. لم تكن هي المرة الأولى التى يقدم فيها اقتراح بإنشاء منطقة منزوعة السلاح بين البلدين، فقد برز هذا الاتجاه من قبل حول منطقة أبيي، وهو ما قاله الخبير العسكري اللواء معاش عبد الرحمن أرباب فى حديثه ل (السوداني) بأن الحديث عن المنطقة منزوعة السلاح بدأ منذ بداية أزمة أبيي وكانت واحدة من الاقتراحات منطقة عازلة بين الحكومة والحركة الشعبية بعمق 20 كيلو متر، مشيرا الى أن الفكرة تطورت بعد الانفصال لتصبح عشرة كيلومترات من الشمال ومن الجنوب. ويوضح أرباب المنطقة منزوعة السلاح هي المنطقة التى يمنع فيها لجيش الحكومتين بحمل السلاح، وفيها قوة من الأممالمتحدة للمراقبة ومنع القوتين لحمل الأسلحة، وتعتبر حدود السودان مع دولة الجنوب أطول حدود بين بلدين فى العالم، حيث تبلغ أكثر من 2100 كيلو متر تبدأ من ولاية جنوب دارفور على الحدود مع جمهورية إفريقيا الوسطى مرورا بولاية جنوب كردفان، ولاية النيل الأبيض، ولاية سنار وولاية النيل الأزرق في الشرق على الحدود مع إثيوبيا، وحول وضع المدنيين وتحركات الرعاة بين الشمال والجنوب توقع أرباب حدوث مضايقات وإشكالات عديدة تحتاج الى حلول، وقال إن الجنوب سيكون له شروط فيما يتعلق بالرعاة من الشمال، مؤكدا أن الأمر يحتاج الى اتفاقية لتجاوز كافة العقبات المحتملة. الموافقة الآن تفسير واحد لموافقة الحكومة على إنشاء منطقة منزوعة السلاح على طول الحدود بين البلدين، وهو وقف اعتداءات دولة جنوب السودان المتكررة على المناطق الحدودية، فبعد احتلال الجيش الشعبي لمنطقة هجليج وتدميره لمنشآت النفط ، أصبحت الحكومة تنظر للملف الأمني كأولوية لابد من حسمها أولا أكثر من قبل، وإن عودتها إلى المفاوضات تعتمد على استطاعة مبيكي الحصول على التزام قاطع من الجنوب بالتفاوض على الترتيبات الأمنية، وهو ما أكده الرئيس البشير لامبيكى بالتزام السودان بسلام دائم مع دولة جنوب السودان يضمن عدم الاعتداء على السودان مرة ثانية ويؤدي الى تحقيق الأمن والطمأنينة لشعبي البلدين، الأمر الذى يتطلب وقف دعم الحركات المتمردة ضد الحكومة وسحب الفرقتين التاسعة والعاشرة التابعتين للجيش الشعبي من جنوب كردفان والنيل الأزرق، وحول تأثير إنشاء منطقة منزوعة السلاح على الحركات المسلحة، يرى أرباب أن الأمر نظريا يمنع تحرك أي قوة مسلحة سواء كانت تابعة للشمال أو الجنوب، وقال: "لكن عمليا قد لا يمكن التحكم فى ذلك نسبة لطول الحدود ، مشيرا الى أن القوات الدولية قد لا تستطيع أن تمنع التسلل بين البلدين. إقامة طويلة ويذهب فى ذات الاتجاه المحلل السياسي واستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم د. صفوت فانوس أنه ليس من الحكمة الدخول فى مواجهة مع الاتحاد الافريقي ومن ورائه مجلس الأمن، والادعاء بأن الحرب هي الحل، لذلك وضعت الحكومة الترتيبات الأمنية على أولويات المفاوضات، وقال فى حديث ل(السوداني) إن التزام الحكومة بالمنطقة منزوعة السلاح يعني أن قوات الحركة لا تكون موجودة على الحدود، وأضاف: من ناحية عملية يشمل قوات الحركة الموجودة فى الشمال، وهو مطلب الحكومة بسحب الفرقتين التاسعة والعاشرة، فيما يرى أرباب أن المنطقة منزوعة السلاح حل مشكلة ولكن لها مشاكل أخرى باعتبار أن القوات الأممية ستظل بالمنطقة لفترة طويلة حيث لم تشر التجارب الى خروجها فى مناطق أخرى، وقال إن المناطق المتنازع عليها ستظل بدون حل، مضيفا أن وجود قوات أممية فى الشريط الحدودي الذى يبلغ 2175 كيلو متر من شأنه أن يؤثر تأثيرا سالبا على المنطقة، وأبدى أرباب خشيته من أن تدخل قوات الافريكوم الأمريكية الى المنطقة، مشيرا الى وصول قائدها الى الجنوب ومقابلة سلفاكير وتسليمه جائزة، ويؤكد أرباب على أن السلبيات أكثر من الإيجابيات، مؤكدا أن الأمر يحتاج الى شروط تحفظ للسودان حقوقه وأن تحدد الفترة، فيما استبعد فانوس أن تقدم الافريكوم الى الدخول فى هذه المناطق، وقال إن وجود أي قوات دولية تأتي تحت مظلة الأممالمتحدة، وأضاف أن استضافة الجنوب لقوات الافريكوم من عدمه هو حر فى ذلك ولكن لا يمكن أن تكون قوات عازلة، ويرى فانوس أن الولاياتالمتحدةالامريكية لن تنقل قيادة الافريكوم من أوربا الى افريقيا، مشيرا الى تجربتها فى افريقيا عندما أرسلت قواتها الى الصومال.