متأبطاً موافقة الحكومة على إقامة منطقة منزوعة السلاح بعمق عشرة كيلومترات على الحدود مع جنوب السودان، واستعدادها لاستئناف المفاوضات مع جوبا حول القضايا العالقة استناداً إلي الاتفاقيات السابقة بين الدولتين توجه رئيس الآلية الأفريقية رفيعة المستوي التابعة للاتحاد الأفريقي لرعاية المباحثات بين السودان وجنوب السودان ثامبو امبيكي إلى جوبا في إطار جهوده لاستئناف المفاوضات بين الطرفين، بعد عدة لقاءات أجراها مع عدد من المسئولين في الحكومة اختتمها بلقاء رئيس الجمهورية المشير عمر البشير ببيت الضيافة أمس الأول. لم تكن هي المرة الأولي التي يقدم فيها اقتراح بإنشاء منطقة منزوعة السلاح بين البلدين، فقد برز هذا الاتجاه من قبل حول منطقة أبيي، وهو ما قاله الخبير العسكري اللواء معاش عبد الرحمن أرباب في حديثه ل(السوداني) بأن الحديث عن المنطقة منزوعة السلاح بدأ منذ بداية أزمة أبيي وكانت واحدة من الاقتراحات منطقة عازلة بين الحكومة والحركة الشعبية بعمق 20 كيلو متر، مشيراً إلى أن الفكرة تطورت بعد الانفصال لتصبح عشرة كيلومترات من الشمال ومن الجنوب. ويوضح أرباب المنطقة منزوعة السلاح هي المنطقة التي يمنع فيها لجيش الحكومتين بحمل السلاح، وفيها قوة من الأممالمتحدة للمراقبة ومنع القوتين لحمل الأسلحة، وتعتبر حدود السودان مع دولة الجنوب أطول حدود بين بلدين في العالم، حيث تبلغ أكثر من 2100 كيلو متر تبدأ من ولاية جنوب دارفور على الحدود مع جمهورية إفريقيا الوسطي مروراً بولاية جنوب كردفان، ولاية النيل الأبيض، ولاية سنار وولاية النيل الأزرق في الشرق على الحدود مع إثيوبيا، وحول وضع المدنيين وتحركات الرعاة بين الشمال والجنوب توقع أرباب حدوث مضايقات وإشكالات عديدة تحتاج إلى حلول، وقال عن الجنوب سيكون له شروط فيما يتعلق بالرعاة من الشمال، مؤكداً أن الأمر يحتاج إلى اتفاقية لتجاوز كافة العقبات المحتملة. الموافقة الآن: تفسير واحد لموافقة الحكومة على إنشاء منطقة منزوعة السلاح على طول الحدود بين البلدين، وهو وقف اعتداءات دولة جنوب السودان المتكررة على المناطق الحدودية، فبعد احتلال الجيش الشعبي لمنطقة هجليج وتدميره لمنشآت النفط، أصبحت الحكومة تنظر للملف الأمني كأولوية لابد من حسمها أولاً أكثر من قبل، وإن عودتها إلي المفاوضات تعتمد على استطاعة امبيكي الحصول على التزام قاطع من الجنوب بالتفاوض على الترتيبات الأمنية، وهو ما أكده الرئيس البشير لامبيكي بالتزام السودان بسلام دائم مع دولة جنوب السودان يضمن عدم الاعتداء على السودان مرة ثانية ويؤدي إلى تحقيق الأمن والطمأنينة لشعبي البلدين، الأمر الذي يتطلب وقف دعم الحركات المتمردة ضد الحكومة وسحب الفرقتين التاسعة والعاشرة التابعتين للجيش الشعبي من جنوب كردفان والنيل الأزرق، وحول تأثير إنشاء منطقة منزوعة السلاح على الحركات المسلحة، يري أرباب أن الأمر نظرياً يمنع تحرك أي قوة مسلحة سواء كانت تابعة للشمال أو الجنوب، وقال: لكن عملياً قد لا يمكن التحكم في ذلك نسبة لطول الحدود، مشيراً إلى أن القوات الدولية قد لا تستطيع أن تمنع التسلل بين البلدين. إقامة طويلة: ويذهب في ذات الاتجاه المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم د. صفوت فانوس أنه ليس من الحكمة الدخول في مواجهة مع الاتحاد الأفريقي ومن ورائه مجلس الأمن، والادعاء بان الحرب هي الحل، لذلك وضعت الحكومة الترتيبات الأمنية على اولويات المفاوضات، وقال في حديث ل(السوداني) عن التزام الحكومة بالمنطقة منزوعة السلاح يعني أن قوات الحركة لا تكون موجودة على الحدود، وأضاف: من ناحية عملية يشمل قوات الحركة الموجودة في الشمال، وهو مطلب الحكومة بسحب الفرقتين التاسعة والعاشرة، فيما يري أرباب أن المنطقة منزوعة السلاح حل مشكلة ولكن لها مشاكل أخرى باعتبار أن القوات الأممية ستظل بالمنطقة لفترة طويلة حيث لم تشر التجارب إلى خروجها في مناطق أخرى، وقال إن المناطق المتنازع عليها ستظل بدون حل، مضيفاً أن وجود قوات أممية في الشريط الحدودي الذي يبلغ 2175 كيلو متر من شأنه ان يؤثر تأثيراً سالباً على المنطقة، وأبدي أرباب خشيته من أن تدخل قوات الافريكوم الأمريكية إلى المنطقة، مشيراً إلى وصول قائدها إلى الجنوب ومقابلة سلفاكير وتسليمه جائزة، ويؤكد أرباب على أن السلبيات أكثر من الايجابيات، مؤكداً أن الأمر يحتاج إلى شروط تحفظ للسودان حقوقه وأن تحدد الفترة، فيما استبعد فانوس أن تقدم الافريكوم إلى الدخول في هذه المناطق، وأضاف أن استضافة الجنوب لقوات الافريكوم من عدمه هو حر في ذلك ولكن لا يمكن أن تكون قوات عازلة، ويري فانوس أن الولاياتالمتحدةالأمريكية لن تنقل قيادة الافريكوم من أوربا إلى أفريقيا، مشيراً إلى تجربتها في أفريقيا عندما أرسلت قواتها إلى الصومال. نقلاً عن صحيفة السوداني 21/5/2012م