بدأت تتمايز الصفوف بين القادرين على مواجهة العاصفة الاقتصادية، وغالبية أهل السودان الذين يعيشون على رزق اليوم باليوم، حيث أن الفئة الأولى من الذين يعلمون علم اليقين أن هذه الزيادات واقعة واقعة منذ بداية العام الجاري، وطفقوا يكدسون السكر، والزيوت، والدقيق، والاسمنت، وغيرها من السلع التي تقبل التخزين لفترة طويلة لليوم الموعود، وهو يوم إجازة هذه الإجراءات الاقتصادية الصعبة التي احتفت بها وزارة المالية أمس الاثنين في مؤتمر صحفي أتاحت فيه لكل من له علاقة بوزارة المالية الإسهاب في الحديث بعد صمت لأكثر من خمسة أشهر خاصة الأمين العام لديوان الضرائب د.عثمان محمد ابراهيم الذي لم يتحدث للصحافة منذ المؤتمر الصحفي الذي نظمته وزارة المالية في ذات الموقع القاعة الكبرى بوزارة التعاون الدولي عندما أجيزت فيه الموازنة في نسختها الأولى. المدهش أن غالبية الحديث الذي قيل في المؤتمر الصحفي أسس على منهج سياسي، وليس اقتصادي، حيث إن القواعد التي تدار بها الاقتصاد وضعت جانباً، وركزت على المعالجات السياسية، بما فيها تلك المتعلقة بالاتفاقيات الثنائية بين الدول، والتي تفرض واقعاً شاذاً في بعض الأحيان، وأن هذه المعالجات بكل تأكيد لها آثارها في السوق وإن لم تسمى بذات المسميات التي يعرفها بها أهل الاقتصاد. ظل التجار طوال الأسبوع المنصرم يشتكون من ضعف الإقبال على معروضاتهم وقلة المشترين، والذين يعدون بأصابع اليدين في اليوم لبعض السلع... فسره بعضهم بأن أصحاب القروش خزنوا حاجتهم من السلع الاستهلاكية والتجارية أيضاً، أولاً تحسباً للغلاء الذي صار واقعاً معايشاً، ثانياً تحسباً لمآلات التظاهرات التي خرجت هنا وهناك... وأن الذين يأتون إلى الأسواق للتسوق هذه الأيام هم من الفقراء الذين لا حيلة لهم إلا هذا المصير، لأنهم يعيشون رزق اليوم باليوم كما ذكرت. يتوقع أن تخرج في الأسبوع المقبل السلع التجارية المكدسة، والتي باتت تتندر في الأيام الماضيات، من أجل التقاط ما تبقى من أموال الفقراء الذين يكابدون من أجل أكل العيش ... وصدق شاعر هذه الأبيات الشعبية عندما قال: (العندو القرش ولو كان ريالتو تسيل.. تحترموا الدقون وتسويه ليها دليل والما عندو القرش تلقاه ضارب البوف.. ولو كان فارساً هلالها.. الناس في المجالس عادينو ديمة خروف)