لاشئ يعلو حاليا غير صوت الغلاء الذى سوف يستشرى فى البلد عموما ويؤثر بصورة كبيرة على كل المواطنين بعد ان طمأنت وزارة المالية فى موازنتها للعام الجارى بعدم وجود اى زيادات فى السلع واقرارها باستمرار دعمها للوقود مع تشديدها على عدم وجود زيادات فى المرتبات بحجة ان الامر غير وارد برغم احتجاجات اتحادات العمال بضرورة الزيادة لمقابلة احتياجات المواطن الضرورية اليومية الا ان وزارة المالية فاجأت الجميع فى اقل من شهر عقب اجازة الموازنة العامة للدولة باجراءات جديدة وصفها الجميع بانها تأتى وقت غير وقتها بعد ان اجمع عليها مجلس الوزراء واجازها المجلس الوطنى المنوط به البحث عن بدائل اخرى غير ذات اثر مباشر على المواطن الا ان المسألة كلها تم اقرارها فى يوم واحد منذ العاشرة ليلا بمجلس الوزراء والحادية عشرة صباحا بالمجلس الوطنى واصبحت واقعا معاشا يزيد من معاناة المواطنين عما كانت عليه ، وبرغم من ان التاسع من يناير الذى يهل علينا بعد غد وتبدأ فيه اولى اجراءات الاقتراع لاستفتاء جنوب السودان والذى يجد اهتماما دوليا واقليميا كبيرا الا انه على المستوى المحلى انحسرت وتيرة الاهتمام به من قبل المواطنين الذى ابدوا حيرة لما تم خلال اليومين الماضيين من حراك اقتصادى مكثف اربك كل مواطنى «الشمال» خاصة بعد ان تم تمرير الزيادات من المجلس الوطنى بالاغلبية الساحقة ، ولذا فان الامر يعتبر اكبر حدث يهز المواطنين الذين ابدوا دهشة كبيرة لهذه القرارات والتى نفذت فى اول يوم وكأنها كانت معلومة للجميع حيث ان قرار زيادة تعرفة المواصلات بدأ سريانه وفق منشور ابتداء من اول يوم صدر فيه القرار هذا بجانب الوقود والسكر ، ويتساءل البعض عن الكيفية التى تم بها القرار «صدر بليل ونفذ بليل» وتبقى مسألة الرقابة فى فلك اخر وبدأت مرحلة رزق اليوم باليوم وعدم التكهنات بما يحدث غدا وازدادت المعاناة اضعافا فكيف يعقل ان يزداد جوال السكر 20 جنيها بين يوم وليلة هذا دون الترحيل الذى يعتمد على الوقود والذى بدوره ازداد 2جنيه ونصف الجنيه وكما قال احد التجار ان الانفلات التجارى بدأ منذ الان فى ظل التحرير الاقتصادى ، ولكن يرى اخرون ان الامر ليس متعلقا بالانفصال الذى لم يحدث بعد ولكنه نتيجة تراكمات لم تتحسب لها الدولة مستنكرين مسألة تخفيض الانفاق الحكومى الذى اقرته الدولة ،قائلين بانه لا يمثل شيئا بالنسبة للاجراءات الاخرى والتى سوف يتأثر بها كل الشعب السودانى... حقائق هامة فى مسيرة الاقتصاد السودانى : قال وزير المالية علي محمود خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده امس حول الاجراءات الاخيرة المتعلقة بازالة الخلل الهيكلي في الاقتصاد ،قال هذا المؤتمر دعونا له لتوضيح حقائق هامة في مسيرة الاقتصاد السوداني ولالقاء الضوء حول الاجراءات الاخيرة التي تمت واجازها المجلس الوطني ولتمليك وسائل الاعلام الحقائق بقصد شرحها بصورة واضحة وشارك في المؤتمر وزراء الزراعة والثروة الحيوانية وزير الدولة بوزارة النفط وزير الدولة بوزارة التجارة الخارجية ومحافظ بنك السودان ، وقال ان الاجراءات التي تمت هي سلسلة من حلقة طويلة في برنامج الاصلاح الاقتصادي الذي بدأ عام 2010 بقراءة متأنية بعد الانتخابات وتشكيل الحكومة الجديدة ،وعكفنا على دراسة الوضع الاقتصادي الكلي وخرجنا برؤية واضحة عبر برنامج ثلاثي يستمر من 2011-2013 بحشد نخبة من خبراء الاقتصاد ووزارء المالية السابقين واشار الى الخروج برؤية واحدة وقال حتى نتمكن من عمل اصلاح اقتصادي متكامل لابد من النظر الى مكونات الاقتصاد الرئيسية ثم البدء بعمل العلاج واعترف بوجود خلل في العرض والطلب الكلي الذي يؤدي الى فجوات في السلع الاساسية اعتمدنا فيها على الاستيراد بصورة كبيرة الامر الذي اثر على الميزان الخارجي بين الصادرات والواردات، وقال ان السودان اعتمد في الصادرات على البترول فقط بصورة كبيرة ولم تنمُ الصادرات غير البترولية الامر الذي ادى الى تأثرنا بالأزمة المالية العالمية لانخفاض عائدات النقد الاجنبي رغم الاجراءات التي عملت قي ذلك الوقت والتي ساعدت علي امتصاص الاثر السالب للأزمة المالية، مشيرا الى ان هذا الامر ادى الى استقرار في الاقتصاد بصورة كبيرة حيث لم تحدث انهيارات في البنوك وارجع ذلك لعدم ارتباط السودان بالاقتصاد العالمي . خلل فى الموازنة الداخلية بين الايرادات والمنصرفات : واشار الى ان الميزان الخارجي فيه خلل بين الصادرات والواردات في سلع غير اساسية وقال ان هذا قاد الى التأثر بالاسعار العالمية ، كما اشار الى وجود خلل في الموازنة الداخلية بين الايرادات والمصروفات مما يدفع الى الاستدانة من النظام المصرفي باساليب مختلفة من الدين لسد الفجوات التي تظهر في المصروفات الا انه قال رغم كل هذه السلبيات ظل الاقتصاد معافى الى حد كبير مدللا على ذلك بان الناتج المحلي الاجمالي ظل موجبا خلال فترة العشر سنوات الماضية بمتوسط يصل الى 7,2% واعتبره معدلا جيدا مقارنة بدول الجوار ، واشار الى ارتفاع مستوى دخل الفرد والسيطرة رغم التأرجح بين الرقم الاحادي بالاضافة الى الاستقرار في سعر الصرف الذي لم يتأثر الا بعد الأزمة المالية الامر الذي ادي الى اتخاذ الاجراءات لمعالجة الامر، واكد ان الاقتصاد معافى الى درجة كبيرة الا انه قال لا تصل درجة100% مشيرا الى وجود امراض الا انه اكد امكانية السيطرة على السلبيات، و اضاف ان الاجراءات الاخيرة الغرض منها السيطرة على الوضع الاقتصادي والمحافظة على المعدلات الكلية للاقتصاد، واشار الى ان البرنامج بدأ في شهر فبراير 2010قائلا ان البرنامج قدم لمجلس الوزراء والمجلس الوطني وتمت اجازته واشار الى البدء بخفض الانفاق الحكومي قائلا انه خفف الضغوض ولم يضطرهم الى الاستدانة من الجهاز المصرفي كما لم تعد الاستدانة التي اجازها البرلمان ظلت كما هي، وقال ان الاستدانة المجازة هذا العام لم تعدل ، وقال وفقا لهذا البرنامج عندما قدمت موازنة 2011 للبرلمان قدمت باجراءات صارمة في جانب المصروفات ولم نرفع الايرادات في جانب الجمارك او الضرائب والضرائب الموجودة في الموازنة حافظنا عليها بنفس النسب، واشار الى انه لم يتم اتخاذ اي اجراء يضر بالاستثمار قائلا ان الاعفاءات الممنوحة للمستثمرين ظلت قائمة كما هي، وقال حتى نوزن الموازنة الداخلية فصلنا المصروفات حسب الايرادات. إجراءات تقشفية غير انكماشية : وقال ان الاجراءات رغم انها تقشفية الا انها غير انكماشية، واشار الى ارتفاع اسعار القمح من 2007 حتى وصلت الان الى 181% واسعار السكر الى 142%وارجع الارتفاع في الاسعار الى التهريب ، واشار الى ان سياسة الدعم التي تتبعها الحكومة الان غير سليمة، واشارالي ان الاجراءات كانت لازالة جزء من الدعم وثبتنا السعر لسلعة غير ثابتة، واكد اذا تم ازالة كل الدعم الموجود فان جالون البنزين سيصل الى 17 جنيها، وقال عندما جلسنا مع اتحاد اصحاب العمل وجدنا ان هذه الزيادات لا تزيد التكلفة على السلعة المنقولة الابنسبة 2% ، واشار ان الاختلاف في اسعار السكر بين الولايات سيكون بحساب تكلفة الترحيل، واشار الى اشراف جهاز الامن الاقتصادي والغرفة التجارية وغيرها من الجهات ذات الصلة على عمليات الترحيل للولايات لمنع الاحتكار والتهريب، واشار الا انه لو ازيل الدعم عن جوال السكر سعره يصل الى 200 جنيه، واشار الى وجود مفارقات في جانب الواردات قائلا انه حتى اكتوبر العام الماضي تم استيراد سكر بقيمة 518 مليون دولار وفي العام 2010 قفز الى 878 مليون دولار، وقال ان الزيادة في اسعار السكر بلغت 69% مشيرا الى استيراد سكر بقيمة 84 مليون دولار العام 2009 في العام 2010 قيمة الاستيراد 506 ملايين دولار كما قال انه تم استيراد عربات صوالين بحوالي 280 مليون دولار وفي 2010 قفزت الى 292 دولار وهي الزيادة 40%. صندوق بمبلغ 250 مليون دولار لدعم الزراعة : ومن جانبه، اكد وزير الزراعة د.عبد الحليم المتعافي ان الاجراءات الاخيرة ستكون لها اثار مباشرة على الزراعة، مشيرا الى انها ترفع تكلفة الانتاج وقال انه تم تكوين صندوق لدعم الزراعة بمبلغ 250 مليون دولار دفعت منه الدفعة الاولى ، مشيرا الى ان هذا سيعينهم على حل مشلكة قلة الانتاج ودعم البحوث ونقل التقانة والتوسع رأسيا وأفقيا في الانتاج وزراعة محاصيل نقدية وغذائية ونقل تجربة مشروع الرهد الى الجزيرة،واشار الى ان هذا الصندوق يمكن الوزارة من الدخول الى الموسم مبكرا في شهر يناير. وطمأن وزير الدولة بوزارة النفط علي أحمد من التحسب لنقص موارد البترول حال انفصال الجنوب مشيرا الى وجود بعض الحقول الواعدة في الفولة وابو جابرة وشارف الا انه قال ان نصيب الاجانب في حقل الفولة 65% ونصيب الحكومة25% ، واعتبر مربع الفولة هو المربع الواعد ينتج حوالي 60 ألف برميل وقال ان مربع ابو جابرة وشارف يصل الانتاج الى 15 ألف برميل وفي نهاية 2012 الى 160-170 ألف برميل واشار الى ان مربعي 9-11 فيهما مؤشرات واعدة وتوقع ان تلحق منطقة ابو جب بنهاية 2014 ومربع غرب دنقلا بنهاية هذا العام ،واشار الى ان مربع 12ا فيه مؤشرات على المدى المتوسط والبعيد، واشار الى توقيع اتفاقية لبناء خط انابيب ومحطات توليد كهرباء واشار الى ان السودان سيكون له نصيب من بترول الجنوب من خلال ادارة عمليات النفط والرقابة الا انه قال لم يتم الاتفاق على ذلك . حظر استيراد الاثاث والحيوانات الحية والمياه المعدنية : واكد وزير الدولة بالتجارة فضل عبدالله فضل انه تم حظر استيراد مجموعة من السلع بناء على الاجراءات الاخيرة اهمها الاثاثات والحيوانات الحية والطيور والمياه المعدنية والاسماك والحلويات والسيارات المستعملة والبوهيات والمعسل ومنتجات الدقيق والنشأ والجلود والالبان ماعدا البودرة. تأخر معالجة الأزمة العالمية: وقال د. صابر محمد الحسن محافظ بنك السودان ان التضخم في هيكل الدولة نتيجة للنظام الفدرالي الذي ولدته اتفاقيات السلام -دارفور-الشرق، واشار الى ان الأزمة المالية خفضت ايرادات النقد الاجنبي الى 24% من الايرادات المتوقعة ، واشار الى تأخر معالجة الأزمة الاقتصادية، واشار ان الاجراءات الاخيرة هي بداية العلاج ،ودعا الى ضرورة تكامل السياسات المالية والنقدية والتجارية، واشار الى اصلاحات قام بها البنك المركزي منها ترشيد الطلب على النقد الاجنبي بالاضافة لمعالجة سعر الصرف، مشيرا الى ان السعر في البنوك والسوق الموازي يكاد يكون واحدا .