.. يبدو أن الأمور قد اختلطت علينا في هذا البلد للحد الذي أصبحنا معه لا نميز بين المقلق و الخطر والخطير والأشد خطراً علينا منها .. ويبدو أن تطور الأوضاع الاجتماعية وتفاغم الأوضاع الاقتصادية مع توهان الوضع السياسي واضطرابه وهواجسه قد جعلنا كمجتمع و مع كل هذا في مهب الريح لا نكاد نقف على شيء لنتأمله قليلاً فنحكم عليه أو نقول فيه شيئاً ذا دلالة أو قيمة تقييمية أو تحليلية له .. ما الذي حدث لنا نحن السودانيين حتى وصلنا الى هذه الحالة الغريبة والمدهشة التي ما عدنا معها ننظر الى العيب كما كنا ننظر اليه ولا نحكم على الفسوق والفجور و (قلة الأدب والحياء) كما كنا نحكم عليه ببصيرة واضحة ورأي قاطع وصوت جهوري يهتز له قلب المستهترين وتجحظ له أعينهم .. شيء مؤسف أن بدأنا الآن نتبدل ونتغير علي هذا النحو المؤسف والخطير على سلوكنا الذي عرفنا به وأدبنا الذي نشأنا فيه وقيمنا التي تربينا عليها .. حديثي هنا لك الأخ الدكتور عبد الرحمن الخضر والي ولاية الخرطوم .. نحن أيها الوالي في مجتمع ولايتك في خطر سلوكي داهم لا يقل خطورة البتة عن خطر الحالة الاقتصادية بل قد يكون هو أحد أسبابها المباشرة أو غير المباشرة .. وأرجو أن تعيرنا سمعك وبصرك لدقائق معدودات .. .. هل مررت يوماً الأخ الوالي بطرقات و شوارع الخرطوم وأزقتها .. هل مررت بشوارع مدينة بحري (بديومها وأحيائها) وهل أخذتك قدميك يوماً فترجلت من علي سيارتك وتمشيت علي شوارع أمدرمان الشعبية وطرقاتها العامة (بحواريها وأسواقها القديمة) .. بنسبة كبيرة أتوقع ألا تكون قد فعلت .. ليس طعناً في شعورك واستشعارك بمجتمع ولايتك بحيث تتفقده كما كان يفعل الفاروق عمر رضي الله عنه ولكن لاحساسي بأنك وكغيرك من المسئولين ترى في ذلك ضرباً من الفعل الساذج أو غير المؤثر في بناء المجتمع ورعايته علي نحو مباشر وهو أمر بات يمثل الآن آفة من يسوس المجتمعات البشرية في كل مكان حيث تباعدت أنفاس القادة عن أنفاس شعوبهم بل تباعدت الوجوه والأجساد فضلاً عن الأفكار والآراء بمظلماتها وقضاياها فأضحت أحلام الشعوب أحلاماً محبوسة في صدورها كما وأضحت آلامها آهات مكتومة في ذات الصدور لأ يسمعها أحد غير أهلها الذين تنبض فيهم وتنمو حتي اذا ما اكتمل النمو بل وخرج في تعاظم جزره وورقه وسوقه علي حد النمو المعتاد انفجر الأمر كما والبركان تماماً كما بدأت أصوات الانفجارات المجتمعية تصك الآن مسامعنا وتكاد أن تخرق بقوتها طبل آذاننا فتدميها وتصمها الى الأبد .. واني لأذكر كما وغيري بأنك الأخ الوالي قد دفع بك الى ولاية الخرطوم من باب أنك الأصلح في نظر القيادة لتكون يداً حانية على مجتمعها الذي عانى في أوقات سابقة من روح من سبقوك بفكرهم التجاري وجنوهم الاستثماري حتى في حياة الناس وقوتهم فأصبح المواطن قلقاً طوال فترة وجوده من عقليتهم التي لا تقيم لحياته وحياة أهله وزناً فأصبحت الحياة رغدة لمن بيده المال وجحيماً قاسياً لغيرهم من الفقراء والمساكين الذين باتوا يعالجون من صباحهم الباكر معادلة البقاء والتنفس أحياء حتى اذا ما جاء المساء ناموه مبكرين حتى لا تداخلهم كوابيس معادلة القيام والنهوض أحياء .. وأذكر أنك قد جلست في ذاك النهار أمام السيد رئيس الجمهورية تستمع له حتى اذا خرجت منه صرحت بأن الرجل قد وجهك بالاهتمام بالمجتمع وقضاياه ومعيشته بما أكد ظن الكثيرين في أن الدفع بك جاء من باب الظن الحسن في قدرتك على الاتجاه نحو معالجة أمر الحياة المعيشية للمواطنين .. ستقول أنك فعلت وقدمت المشروعات ونفذت ما نفذت منها .. يمكننا أن نسمعك دهراً كاملاً ولكن بعدها سنقول لك كلمتين فقط .. لا نتيجة لفعلك .. ضاع كل ما فعلت بلا نتيجة بمثل ما خرج (المدعو البرنامج الاسعافي ولم يعد حتي الآن وما أظنه عائد أبداً اذ لم يكن أصلاً موجوداً ..) .. نعم ما زال الحال كما هو الأخ الوالي بل أضحي الآن أسوأ مما كان عليه ويمكننا في هذا أن نقول الكثير الذي لا نرى أن هذا مقامه .. والذي نريدك فيه هنا هو تحديداً ما يتعلق بهذا المظهر و ال (المخفر) الذي أضحت عليه شوارع ولايتك وهي تتزين برايات المقاهي الليلية و (النهارية) تماماً كما والرايات (الحمراء) في ذاك الزمان الجاهل .. لأ أدري الأخ الوالي كيف يستمر أمر كهذا وبمثل خطورته أمام أعينكم .. هل تدري ما يحدث داخل هذه المقاهي الأخ الوالي .. لا تعلم .. ؟؟ .. حسناً سأخبرك .. في داخل هذه (المأخورات) الأخ الوالي .. مجموعات من الفتيات (الأجنبيات) العاريات الكاسيات .. متحلقات حول مجموعات من المناضد مختلفة الأحجام منها ما هو منفرد قصي في انفراده وما هو ثنائي غير حذر في ثنائيته وما هو جماعي غير خجول أو (مستحي) بين جماعته المتضاحكة المتمايلة علي الأنغام و الألحان الأجنبية .. الواحدة من هؤلاء الأخ الوالي تأتيك مبتسمة ضاحكة قبل أن تحادثها أو حتي تنظر اليها .. نعم هكذا تدربن سريعاً على عملهن وهكذا تأقلمن سريعاً على طباع شبابنا وميولهم و (رغباتهم) .. يحدثني أحدهم أن شبابنا بات ومنذ غروب الشمس وبعضهم (منذ منتصف النهار) يسارع الى الحضور الى المقهي (المأخور) ليلتقي (فتاته) .. أي والله الأخ الوالي .. كل شاب ب (فتاته) تماماً كما والمجتمعات الغربية .. من جاء بهذا السلوك المخجل الخطير .. ؟؟ .. هؤلاء الفتيات الأجنبيات العاريات الكاسيات المريضات بمرض نقص المناعة (الأيدز) .. هنالك بالفعل تحقيق صحفي خطير وجريء قامت به احدى الصحف السودانية العريقة أعتبره تحقيق الموسم .. كشف هذا التحقيق عن تجارة تمارس بالفعل للبشر من دولة مجاورة يتم عبرها تهريب الفتيات في مختلف الأعمار للعمل بالبلاد .. أي عمل الأخ الوالي .. ؟؟ .. ألهذا العمل المشين جاءوا بهؤلاء الفتيات ومنهن من هن صغيرات السن وقاصرات .. المثير في تحقيق هذه الصحيفة أنه قد كشف حجم ما يحققه هؤلاء التجار من ربح في الشحنة الواحدة أما الخطير فيه فهو ما كشفه التقرير بشأن المنطقة التي يتم تهريب هؤلاء الفتيات منها حيث يؤكد صاحب التحقيق أنها منطقة (موبوءة بالايدز) .. هذا يعني الأخ الوالي أن جل هؤلاء الفتيات يمكن أن يكن مصابات بالفعل بهذا المرض المهلك فهل سلطات ولايتكم لديها علم عن هذه المعلومات الخطيرة وهل هنالك نظام ما تتبعه سلطات ولايتك الصحية للكشف علي الداخلين لحدود الولاية لضمان عدم حملهم لهذا المرض الخطير وفي هذا الأمر تحديداً هنالك تخوفات كبيرة من أن يكون عدد كبير من الداخلين للبلاد وولاية الخرطوم خاصة من أبناء دولة مجاورة أخري يحملون مرض وباء الكبد الفيروسي المعدي .. هل هذه التخوفات حقيقية لديكم ولدى سلطاتكم الصحية .. ولنعود للمقاهي تلك المواخير النتنة والخطيرة .. هل تعلم الأخ الوالي أن داخل هذه المقاهي غرف من بينها غرف ومن خلفها غرف ومن أمامها غرف لا يدري أحد ماذا يدور فيها ليلاً أو نهاراً .. ؟؟ .. هل تدري الأخ الوالي أن هنالك داخل هذه المواخير شرب للشاي والقهوة اسمه (الشاي الخاص) أو (القهوة الخاصة) .. أتدري كيف هذه .. سأخبرك .. تأتي الفتاة الكاسية العارية بكوب الشاي أو القهوة أو حتي العصير البارد أو الآيسكريم) .. ثم تجلس على مقربة جداً من فتاها حتى تكاد الأنفس تلتقي والأجساد تتلاصق وتبدأ هي بنفسها في تقديم الشاي أو القهوة كوب وراء كوب لا.. هي من تصبه وربما من تسقيه أيضاً .. يحكي البعض بأن عدداً كبيراً من شبابنا أدمن الآن هذه النوع الأخير (الجلسة الخاصة) كما أدمن صاحبته التي تعرف في المأخور بأنها صاحبته هو فقط لأ احد يشاركه فيها ..!! .. اشتكي لي احد الاخوة بأن لديه اخ شقيق أصبح همه الشاغل منذ غروب الشمس الذهاب الي هذه المقاهي (المواخير) ويصرف فيها كل ماله الذي يجنيه حتي اذا جاء آخر الشهر طلب منه مبلغاً من المال يأخذه كسلفة ولا يرجعه له .. اذاً أصبحت هذه المقاهي مكاناً يرمي فيه شبابنا بعرقهم وجهدهم في أفخاذ العاهرات و صدورهن .. !! .. .. ما هذا الأخ الوالي .. ما هذا القرف وما هذا القبح .. لا نريد شرطة نظام عام تنفذ الدين بجهل وعدم معرفة ولا نريدك أن تحول ولايتك الى قندهار أخرى .. لأ فقط نريدك أن تحمي شبابنا وأولادنا من هذا الأمر الخطير عن طريق منع واغلاق هذه المقاهي الي الأبد .. فهلا فعلت رحمك الله .. خالد حسن لقمانE:mail: ellogman@ yahoo.com