بقلم/ عبد الرحيم المبارك علي ليس هذا نوعا من الجرد، لكنها شهادة مراقب هاله ماجرى ويجرى على مائدة التفاوض بين الجنوب والشمال، من شد وجذب، وانكار وتصريح، طوال فترة التفاوض الذي مازلنا نعيش في كنفه ونتلقى إيقاعاته كل صباح، ولا مفر من الاقرار هنا باننا وجدنا إفراطا في منبر المفاوض من جراء المرونة، وكانت النتيجة انهم مالوا مع الهواء، كل هوى وكل هواء! وقصة شعرة معاوية بن أبن سفيان اكثر دلالة على ذلك فمعاوية السياسى قال: لو كانت بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت، إذ شدوها أرخيتها، وإذا أرخوها شددتها، لكن الذي بينا وبين الناس اكثر من مليون شعرة فلا يهم كثيرا أن نقطع مئات الالاف وتبقى مئات الالاف من الشعيرات، وكذلك مابين الشمال والجنوب اكثر من مليون شعرة، فما المعنى مرة أخرى، المعنى انهم في كل جولات التفاوض يتخبطون، لاطريق واضح، ولاهدف أيضا هناك، اضطراب في الرؤية وتخبط في القرار، ربما كان السبب هو أن ابناء الجنوب يستوردون كل شئ جاهز، فهم يستوردون الاراء الجاهزة والحلول الجاهزة، وهم يجلسون على مائدة التفاوض وأمريكا تجئ اليهم بالرأى و القرار.. وعلى الرغم من ان عدد اطباء السياسة في الوفد المفاوض من الطرفين كثير، وكلهم قد وضع يده على قلب المريض وأمسك ورقة وكتب روشتة وكل الروشتات سليمة لولا انها لمريض اخر غير الذي أمامنا! وإذا كان اكثرهم يفقد الطريق.. فان أمامهم طريق واضح هو التاريخ بين الشمال والجنوب الذي لايمكن أن يكتب بواسطة أية لجنة، وإنما تحقق وقائعه وحقائقه عن طريق الوثائق والشهادات التي يمكن أن تكون المادة التي تغرى المفاوض الشمالى بأن يقاوم أشجار الجنوب الشائكة في حديقة التفاوض حتي تنجلى الحقيقة، وفي كل الاحوال ومع كل الاحترام للجهد الذي يبذل في التفاوض، فإن القيمة الحقيقية للحوار تبدو من خلال النشر على الرأي العام، حتي لايسقط الشعب في هاوية الشكوك والهواجس.. أن من لارؤية له فلا رأى له.. ولذلك فسوف يبقى كل شئ على ماهو عليه وأسوأ في الجنوب الذي يستورد الرأى من قوى لاتريد للسودان خيرا، ونمضى نحن في الشمال الذي له رؤية ورأى نحو استقلانا، من المؤكد أن الاسئلة سوف تكون من الشمال أقل، والاجابة اكثر، والرؤية أوضح! وعن "ضرورة حزب إسلامي جديد!". سنحكى باذن الله تعالى