وابل الضحي" “ "حكومة التقشف" بين الضخامة السياسية والتضخم الإقتصادي!!! بقلم/ فيصل علي موسى هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته أتت حكومة "التقشف " التي أعلنت عنها قيادة المؤتمر الوطني والدولة بُعيد إجتماع المكتب القيادي قُبيل أيام قلائل بما لاتشتهي نفوس قطاعات عريضة من هذا الشعب الصابر المصابر ؛ لأن الأزمة الإقتصادية ،والفجوة التي تركتها السياسات الإقتصادية طوال العقدين ونيف الفائتين تتطلب تقشفا أكثر فأكثر خصوصاً من قِبل الحكومة ، التي لاتزال مترهلة ، كبيرة الحجم على إمكانات البلد ،رغم التخفيض- الضئيل جداً -26 وزيرا ، وعدد غير قليل من وزراء الدولة ، رغم أن هنالك وكلاء وزارات ومدراء إدارات يمتازون بكفاءة إدارية علية ، إذا وجدوا التفويض والمساحات التي يتحركون فيها ، ويقول علماء الإدارة "إن التفويض يشكل إضافة للمسئول الاول لا خصماً عليه " بمعني أن العمل يتوزع على الكل ، والكل يشعر بالمسئولية المباشرة ، وتصبح المؤسسة جماعية الإدارة ، تنفذ خططها المرسومة مهما تقلبت الوجوه والقيادات ، وتتخلص الخدمة العامة من الرجل " الملحمة " الذي يختزل المؤسسة بأفرعها المختلفة في شخصه ، وديننا الحنيف يُعلي من شأن العمل الجماعي ، ورب العزة - عز وجل - يُثيب على الشعائر التي تُؤدي جماعياً أضعاف أضعاف على التي تُؤدي فردياً ، وما الصلاة – التي تُعتبر عماد الدين – من أقامها فقد أقام الدين ومن هدمها فقد هدم الدين ، رسولنا صلى الله علية وسلم قال:" صلاة الجماعة خيرٌ من صلاة الفرد بسبعٍ وعشرين درجه... أو كما قال صلى الله علية وسلم ... عليكم بالجماعة فالشيطان من الإثنين أبعد إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ "... شقيت الأمة من سلطة الفرد- الذي لايشاورالناس إلا بصورةٍ شكلية لاتثمن ولا تُغني من جوع ، ولاتقدم للمجتمع الحلول الناجعة لمشاكله المستعصية ، وعانت العديد من المؤسسات في الفترة المنصرمة من سياسات بعض الوزراء التي تركت فجوات في الاداء الإداري نحتاج إلى سنوات لردمها ... ظن الناس أنه سيكون هنالك تغيير في العناصر التي قادت المرحلة المنصرمة ، وتجرعت المواطن السم الزعاف من السياسات الإقتصادية التي قامت بها ، كل يومٍ من غلاء إلى غلاء أطحن ، ومن ضنكٍ إلى ضنكٍ أشد وأنكى ، ومن فقر ٍ إلى فقرٍ مدقع ، فحتى على المستوى السياسي لم يكن هنالك تأثير ، لاتزال المشاكل تحاصر السودان من كل ِ حدبٍ وصوب ، الأحزاب التي شاركت في السلطة بعد إنفصال الجنوب مشاركتها ماتعدت الأسر والعوائل "وهي تأكل في كل الموائد"!!! ، تجد أن الحزب بقيادة الزعيم المعني لديه مشاركة في السلطة ، ومن جهةٍ أخرى له قنوات وصل مع المعارضة ، وما المظاهرات التي تخرج من مساجدٍ بعينها بعد كل جمعةٍ ، وفي الأيام الأُخر ، ورغم تحقير الحكومة لها ، وسخرية البعض منها ، فالنار المشتعلة التي تحرق كل شئ ، تكون من شرارةٍ صغيرة ، ورغم قناعة أغلب الشعب السوداني بأن هذه الأحزاب " التي ضل سعيها " طوال الحقب الفائتة ،لا رجاء من ورائها ، وهي غير مؤهلة لقيادة السودان في هذا الظرف ، ولكن حينما يدخل المواطن إلى السوق ، ويدفع بإبنه إلى المدرسة ، ويمرض له عزيز وووو...!!!يشعر بأن الحكومة تركته فريسة للسوق ، وصارت تتفرج عليه ، رغم أن هنالك مجهودات مقدرةٌ لمحاولة تخفيف أعباء المعيشة ، ولكنها لاتساوي معشار ما يحتاجه الإنسان العادي ، فهي ملعقة سكر في برميل ماء !!! . دبلوماسياً ، وفي المحافل الدولية ، لا يزال السودان موضع عداءٍ سافر من قبل العديد من دول العالم طوال سنوات الإنقاذ التي قاربت "ربع قرن من الزمان " نعم هنالك استهداف من الدول الإستعمارية الظالمة ، وهنالك محاولاتٌ لخنق السودان وإغلاق باب التقدم والإستقرار أمامه ... وما زلنا نُعلق أسباب مشاكلنا على هذه أو تلك الدولة منذ ذلك التاريخ السحيق- وهذا يُعتبر نوعا من سطحية التفكير، ونوعا من التبرير غير المفيد ، صحيح أنها تستهدفنا لأسباب فكرية واقتصادية ، ولكننا يجب أن ترجع القيادة لقوله تعالي .."قل هو من عند انفسكم " اليوم قبل الغد، نراجع سياساتنا الداخلية والخارجية ، ونعمل فينا سياسة النقد الذاتي وبصرامة ، لا جلد الذات ، نراجع سياساتنا ونتراجع عن أخطائنا وبسرعة، ونعترف بأخطائنا وبكل صراحةٍ وشجاعه ... يجب أن يتحلي قادة التخطيط والتنفيذ السياسي والإقتصادي في البلد بالشجاعة والصراحة والوضوح ، وأن يعترفوا بأن السياسات المتحجرة ، والتي لم تُراجع بين الفينة والأخرى ، ولم يُشارك في وضعها المختصون والعلماء – بغض النظر عن إنتماءاتهم مع سياسة النظام ؛لأنه ليس من يخالفك هو عدوك !! ، وأهل الخبرة ، وتكرار الوجوه في المواقع ،والمواقع المؤثرة طوال العقود الفائتة ، هو من الأسباب الأساسية لما وصلنا إليه ؛ لأن بناء الدولة القوية لايمكن أن يقوم به حزب واحد مهما أوتي من قوةٍ ودهاءٍ سياسي ، ومرجعية فكرية تلامس عواطف الشعب ، والسواد الأعظم من أهل السودان لا يحبون الأحزاب بكل ألوانها وسياساتها ولكنهم يحبون الوطن ويقفون مع من يعمل بتجرد وعدالة ونكران ذات لهذا الهدف النبيل ، فكان الواجب إشراك هؤلاء في التخطيط والتنفيذ ووضع السياسات وجعل عدد مقدر منهم في الحكومة... كان الناس يظنون أنه سيكون هنالك تغيير جوهري في قيادة القطاع الإقتصادي في حكومة "مابعد التقشف " ؛ لان هذا يعني أن السياسات الإقتصادية السابقة كانت فيها أخطاء ونريد تصويب هذا الخطأ ، ولكن حينما تأتي ذات الوجوه التي أوصلت الوضع الإقتصادي لهذا الدرك السحيق يعني أن الحكومة ستسلك نفس الطريق القديم ، وهي لم تع الدرس ولم تحترم مشاعر هذا الشعب الصبور والوقوروفاءاً بوفاء .. والناس يتساءلون عن هؤلاء الذين عمروا في السلطة لعقود من الزمان ، أي منذ أن تفجرت الإنقاذ هم على صهوة السلطة ، عايشوا كل المحن والإبتلاءات التي مرت بها الإنقاذ وما أكثرها ، وعايشوا الإنجازات والمنجزات التي قدمتها الإنقاذ للشعب ... طوال هذه الفترة هم هم .. والإنسان بطبعه يريد التجديد ، ويكره البقاء علي حالٍ واحدٍ لفتراتٍ طويلةٍ ... ومن عبقرية النظم السياسية الغربية الحديثة حددت بواسطة النصوص الدستورية الصارمة مدة بقاء الحاكم في سدة الحكم مهما كانت إنجازاته ، لا يتجاوز 8 سنوات ، وهذه إن كان ناجحاً و4 سنواتٍ أو أقل إن كان مخفقا ، والوزراء والآخرون لم يتجاوز عمرهم السياسي في الموقع 4 سنوات .. وهذه أميركا – والتي تعتبر التجربة الديمقراطية الراسخة – على الأقل في علاقتها البينية مع مواطنيها – أما في الخارج فهي ظالمٌ جبار ، لا يقول غير ذلك إلا مكابر .. الحكومة التي أُعلِن عنها لا تزال مترهلة وغير رشيقة ، ولا تزال المكنة السياسية تفعل فعلها في السياسات الإقتصادية .. وهذا يؤكده واقع الأحزاب المشاركة ..لم تتنازل عن نصيبها في كيكة السلطة ، ولم تشارك المؤتمر الوطني مرارة التنازل عن السلطة .. " حضروا العشاء وغابوا عن البلاء "