ما زال برنامج (التخسيس) الذي تشهده الحكومة مستمرا بعد اعفاء (380) دستورياً بالمركز والولايات وإنهاء خدمة (54) خبيراً ومتقاعداً ، اجراءات خفض الانفاق الحكومي وترشيد الموارد لتنزيل برنامج التقشف تمضي بوتيرة متسارعة،حتى البرلمان انضم الى جهود تقليل الصرف بدون (هوشة)، وبعد ان كان اعضاؤه يفكرون في تقديم الاستقالات التي ستحدث فراغا رقابيا وتشريعيا بالطبع، اتجهوا بالامس الى تخفيض مرتبات النواب بواقع الف جنيه، وتسريح السكرتيرين الخاصين برؤساء اللجان،ومن المنتظر ان تعلن اليوم الوزارة الجديدة على نحو يخاطب ايضا حرص الدولة على إعمال مبدأ التقشف.احسنت الحكومة تماما وهي تبدأ بنفسها، قبل ان تدعو الشعب الى تحمل تبعات المعالجات الاقتصادية الاخيرة، وعلى عكس الحديث الذي راج عن الاسهام الضعيف لاجراءات الهيكلة في الموازنة الا ان وزير المالية كشف ان العائد سيكون (5) مليارات جنيه ، وهو رقم كبير قياسا بعجز الميزانية.فرصة تاريخية توافرت للحكومة ، والأقدار تقودها قسرا الى (برنامج تخسيس) يقيها شر امراض اكثر فتكا بالاقتصاد الوطني، ومن المؤكد ان اية محاولة لاعمال العلاج في جسدها المترهل قبل هذا التوقيت، كانت ستواجه برفض كبير من قبل انصارها قبل الذين تألفت قلوبهم وأجنداتهم داخل البرنامج الوطني العريض من مكونات الاحزاب والتنظيمات والقوى السياسية الاخرى.والمهم ان تستثمر الدولة هذا الظرف لأقصى مدى لان ترهل الحكومة وتعدد الوظائف ومحاولة تفصيلها لاحداث الترضيات السياسية والقبلية امر ترتبت عليه مخاطر عديدة يعايشها اقتصادنا ، وقد آن الأوان وبمبررات منطقية لمعالجة اخطاء الماضي باجراء مزيد من العمليات الجراحية في جسد الحكومة المترهل ، واحكام تنفيذ برنامج التخسيس الذي يمضي الآن لمنحنا هيكلاً حكومياً رشيقاً خالياً من الدهون والشحوم وأمراض الكولسترول.برنامج الترشيق هذا يفترض ان لايكون تكتيكاً مؤقتاً للخروج من الازمة، لتعود (ريما لعادتها القديمة) بعد انجلاء الكرب، الاجدى ان تعتمد الدولة في هياكلها على مخرجات هذا التقشف وتؤسس عليه استراتيجياتها القادمة في التوزير والتوظيف والتقاعد.الاصلاح الاقتصادي الشامل وفر فرصة تاريخية للدولة وهي تسعى الى تقديم القيادة الرشيدة ، واياً كانت الاسباب التي تسوقها الحكومة لترهل جسمها الحاكم من ترضيات سياسية وقبلية إلا ان هذا الامر كان واحداً من مآخذ الكثيرين عليها خلال المرحلة الماضية.نأمل ان لا يعود الذين اخرجتهم المعالجات الاقتصادية من مواقعهم ب(الباب) عبر(شباك) الترضيات والموازنات، ونتمنى ان لا تتأثر الموازنة كذلك باستحقاقات المغادرين لان ارقامها في هذا التوقيت ستكون قاسية على الخزينة العامة .. عناصرالمؤتمر الوطني والقوى الاخرى مطالبون كذلك بتقديم نماذج وتضحيات في هذا الجانب تجعل من حقوق ما بعد الخدمة بردا وسلاما على الخزينة العامة..التضحيات العظيمة تحتاج لقيادات عظيمة تقدم الأنموذج الأمثل في التعامل مع اوجاع البلاد ، استحقاقات المغادرين تحدٍ كبير سيواجه الدولة في المرحلة القادمة، خاصة وان (تضريبات) علي محمود لم تفصح عن القيمة الحقيقية بعد...اخشى ان تبتلع استحقاقات المغادرين كلفة تشغيلهم لسنوات.