بمشاركة خمسة عشر ألفاً وخمسمائة (15500) رياضي يمثلون كل دول العالم توقد اليوم وعلى الاستاد الأولمبي بالعاصمة البريطانية لندن شعلة دورة الألعاب الأولمبية 2012 التي تحتضنها عاصمة الضباب والتي تمثل أكبر حدث رياضي عالمي يجسد كل القيم النبيلة والعظيمة التي تقوم بها الرياضة في توحيد شعوب العالم وجمعهم على قلب رجل واحد لافرق بين أسود وأبيض وحسابات الدين والعرق. ويتحدث الجميع بلغة واحدة هي لغة الرياضية ويسود فيها العدل في أجمل صورة في تنافس شريف ونظيف ينتصر من يستحق بجهده ولايستعمل فيها حق الفيتو. الدورة الأولمبية هي الحدث الوحيد الذي ترتفع فيه كل أعلام الدول وبشكل واحد على سارية الملاعب والشوارع تتساوى أمريكا مع جزر القمر في الحقوق والواجبات ويبقى الفارق فقط في ترتيب النتائج التي تتحكم فيها مايحقق في الألعاب الفردية والجماعية في ميدان التنافس وتتاح فرصة مشاهدتها عبر الفضائيات دون تشفير إلى كل دول العالم إلا من أبى. دورة لندن تستحق أن نطلق عليها (الدورة الاستثنائية) لأنها جاءت ولأول مرة في تاريخ الأولمبياد في شهر رمضان الكريم والأجمل أنها تفتتح يوم الجمعة أجمل وأعظم أيام الأسبوع وهو امتحان للرياضيين المسلمين المشاركين في المنافسات ومنهم من اعتمد على الفتاوي التي قدمها علماء الدين والتي تبيح الإفطار بسبب السفر أو عدم الإقامة أو دفع الكفارة بالنسبة للمسلمين الإنجليز كما أعلن لاعب التجديف في الفريق البريطاني محمد شيبي وهومسلم بأنه سيقوم بإطعام ألف وثمانمائة (1800) مسلم مغربي بمايعادل ألفي جنيه استرليني وقال إن المشاركة في الأولمبياد شرف لي ولكنه من ناحية دينية أمر مخزٍ لأنني لا أستطيع القيام بأداء فريضة الصوم. ونسعد كمسلمين أن قيام الدورة في رمضان جعل القائمين على امر الدورة سواء من أعضاء اللجنة الأولمبية الدولية أو اللجان الخاصة بها من قبل الإنجليز يحترمون ديننا وقد أجبرت المطاعم المنتشرة في الملاعب والمراكز (الأولمبيك قيم) تتوفر فيها الوجبات الخاصة بالشهر الكريم وكذلك المشروبات بمافيها اللبن والبلح وأماكن الصلاة وهذا بالتأكيد يمثل أكبر مكسب ويؤكد من جديد عظمة الرسالة التي تقوم بها الرياضة في حياة الشعوب. ننتظر اليوم حفل الافتتاح لنرى ماذا سيقدم الإنجليز لنقارن بينهم ومن سبقوهم وإن كنت شخصياً وحسب تجربتي وحضوري للدورات الثلاث الماضية بداية بسدني 2000 ومروراً بأثينا 2004 وانتهاء ببكين 2008 فإن حفل افتتاح وختام دورة سدني يبقى هو الأجمل والأروع حتى الآن. ومن خلال وجودنا منذ الثلاثاء الماضي لمسنا عن قرب في الشارع والمركز الإعلامي ووسائل التنقل المختلفة أن التنظيم رائع والأمن مستتب ولكن فقط ارتفاع الأسعار بطريقة (مبالغة) ويكفي أن إيجار شقة غرفة وصالة لمدة ثلاثة أسابيع فقط وصل إلى ألف جنيه استرليني وهو حال كل دولة تنظم حدثاً رياضياً إذ تسعى للكسب المادي. العالم اليوم في ضيافة الإنجليز وصاحب العرس هو البلجيكي جاك روك رئيس اللجنة الأولمبية الدولية والذي وعد بتقديم دورة تاريخية بعد أن اطمأن على كل شيء واستبعد حدوث أي أعمال إرهابية. وبلاشك كلنا أمل في السودان أن نخرج من مولد الدورة بإنجاز حتى ولو ميدالية فضية نحافظ بها على ما أنجزه إسماعيل أحمد إسماعيل في دورة بكين الماضية وأن بنتفض كاكي ويسترد ثقته ليحقق للوطن ليدخل سجل الأولمبياد بعد أن سطر اسم السودان واسمه بمداد من ذهب في بطولات العالم المختلفة. حروف خاصة. عقب وصولي تلقيت خبر وفاة خالتي الشفة محمد فضل الله رحوم والتي هي في مقام والدتي احتضنتي بعد وفاة أمي وأنا مازلت ابن الرابعة ولولا ارتباطي ببرنامج علاجي لعدت للسودان وأسأل الله لها الرحمة والمغفرة وأن يسكنها فسيح جناته وأن يلهم كل أسرتنا الكبيرة الصبر وحسن العزاء فقد كانت تمثل لنا الحضن الدافئ والبيت الكبير نسعد بأن نكون حولها دائماً. عبد المجيد عبد الرازق (لندن).