كشفت صحيفة (ماكلاتشي) الأمريكية المقربة من وكالة الاستخبارات الأمريكية (سي آي آيه) في تقرير حديث لها عن تنامي استياء البيت الأبيض من قادة دولة الجنوب خلال العام الماضي. وأشارت الصحيفة إلى أن تداعيات شخصية بين أوباما وسلفاكير ألقت بظلالها على علاقة واشنطون بجوبا سيما وأن مواقف عديدة تركت أثراً سيئاً لدى المسؤولين الأمريكيين. إحباط متزايد واعتبرت الصحيفة أن زيارة وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كيلنتون والتي تعتبر أرفع مسؤول أمريكي يزور دولة الجنوب منذ الانفصال جاءت عقب عام من العلاقات المتوترة بين الولاياتالمتحدة ودولة الجنوب والتي تفاقمت بسبب اعتقاد المسؤولين الأمريكيين أن رئيس دولة الجنوب سلفاكير ميارديت شخصياً كذب على الرئيس الأمريكي باراك أوباما في عدة مناسبات، وأشارت الصحيفة إلى أن الولاياتالمتحدة التي لعبت دوراً رئيسياً في توقيع اتفاقية السلام الشامل شعرت بإحباط متزايد عقب انفصال الجنوب نتيجة القرارات المتخذة من قبل أصدقائها في الجنوب والتي من بينها رفض جوبا قطع علاقتها بالحركات المتمردة السودانية وقرارها في يناير من العام الحالي إيقاف إنتاج النفط وتحركاتها العسكرية في إبريل الماضي في محاولة للسيطرة علي منطقة هجليج النفطية المتنازع عليها. وقالت الصحيفة إنها لم تتمكن من تحديد إلى أي درجة توترت العلاقة بين واشنطون وجوبا ولكنها علمت من عدة مصادر على دراية بالأمر أن المشاكل بدأت للمرة الأولى عندما اجتمع الرئيسان على هامش الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي. فالرئيس سلفاكير تأخر عن الاجتماع بأكثر من نصف ساعة بحسب رواية مصادر متعددة. وأشارت المصادر إلى أن أوباما طالب سلفاكير بوقف دعم المجموعات المتمردة بالشمال خوفاً من اشتعال صراعات طويلة الأمد على الحدود بين الشمال والجنوب ألا أن سلفاكير أنكر وجود أي دعم من قبلهم – الأمر - الذي أثار غضب البيت الأبيض الذي له صلات استخبارات قوية تربطه بالحركة الشعبية قطاع الشمال، مضيفين أن سلفاكير نفى مجدداً دعمه للحركات المتمردة بالشمال خلال مكالمة هاتفية بأوباما أعقبت الاجتماع الرئاسي بعدة أسابيع. رسالة سلفاكير وقال مسؤول أمريكي رفيع المستوى -رفض الكشف عن اسمه بحجة أنه غير مخول له بالكشف عن ذلك- في حديثه للصحيفة المعنية إن سلفاكير بعث برسالة شخصية إلى أوباما عقب المكالمة المذكورة ووصف الرسالة بأنها "رسالة اعتذار". وأضاف المسؤول الأمريكي أن سلفاكير قال في رسالته إنه كان على علم بالدعم العسكري الذي يقدم للمتمردين بالشمال إلا أنه لم يكن يرغب في قول ذلك لأوباما لأن مستشاريه كانوا برفقته وأنه لم يرغب في أن يطلعهم على علمه بالأمر ولكنه حالياً يعمل على التقليل من ذلك الدعم، وأضاف المسؤول أن رسالته لأوباما استقبلت باستياء وعدم تصديق من قبل البيت الأبيض. وأشارت الصحيفة إلى أن العلاقة بين واشنطون وجوبا وصلت إلى أدنى مستوياتها في مطلع إبريل عندما أكد سلفاكير في محادثة تلفونية بأوباما أن قواته لن تستولى على هجليج – الأمر – الذي أقدم عليه الجيش الشعبي عقب ذلك بثمانية أيام فقط. وألمحت الصحيفة إلى أن التداعيات الشخصية بين الرئيسين أبعد من أن تكون نقطة خلاف واحدة بين البلدين خاصة وأن وزارة الخارجية الأمريكية كانت قد أصدرت تقريراً لاذعاً بشأن سجل الأوضاع الإنسانية بالدولة الوليدة، أعقبه اعتراف قادة الجنوب بضياع ملايين الدولارات التي كان من المفترض أن تستخدم في تطوير البنية التحتية للدولة النامية التي تفتقر للطرق والمستشفيات. من ناحية أخرى أشارت الصحيفة إلى أن مسئولي الولاياتالمتحدة لازالوا يدافعون عن دولة الجنوب ويقولون إنهم يدركون أن مصاعب النمو ستكون كبيرة، فسلفاكير وكثير من مسئولي حكومته قضوا معظم حياتهم في حرب العصابات ولديهم الحد الأدنى من التعليم وأن دولته هي من أقل الدول نمواً، واعتبرت الصحيفة أن سلفاكير ساعدته في ذلك حقيقة العلاقات المريرة بين واشنطون والخرطوم والتي يقول الدبلوماسيون إنها الأكثر عرقلة للمفاوضات، مضيفة أن المبعوث الأمريكي الخاص للسودان برينستون ليمان أعرب في مقابلة أجريت معه بواشنطون مؤخراً عن سرور الولاياتالمتحدة من مقترحات دولة الجنوب على طاولة المفاوضات. وأضاف أنه ينبغي الإشادة بحكومة دولة الجنوب بشأن التقدم المحرز في الحد من الصراعات القبلية، وقال ليمان "نشعر بخيبة أمل بشأن بعض الأمور ولكن لدينا حوار جيد مع جوبا بشأنها جميعاً".