نوقشت بمركز (بناء موارد السلام) النرويجي... المفاوضات بين دولتي السودان.. ضوء في آخر النفق! ترجمة: سحر أحمد استعرضت ورقة نوقشت حديثا بمركز (بناء موارد السلام) النرويجي عملية سير المفاوضات بين دولتي السودان وما أحدثته المفاوضات الأخيرة من انفراج في قضية النفط وأثر ذلك على الأوضاع الاقتصادية بكلتا الدولتين، معتبرة أن الاتفاقية التي توصل اليها السودان ودولة الجنوب حول عائدات النفط بعد عام كامل من المفاوضات المتعثرة من التطورات الهامة في طريق تطبيع العلاقات بين الدولتين الجارتين خاصة وأن هذه الاتفاقية حظيت بترحيب كبير من قبل المجتمع الدولي على الرغم من ارتباطها باتفاق الأطراف على القضايا الخلافية الأخرى. قضايا خلافية وأشارت الورقة الى أن أزمة اقتصادية ضربت البلدين عقب إيقاف إنتاج النفط من قبل دولة الجنوب وأن الوقت يمضي دون التوصل لاتفاق شامل حول القضايا الخلافية، منبهة الى أن إعادة تنظيم المفاوضات هو الوسيلة المثلى للخروج من هذه الأزمة الاقتصادية والتحديات الحالية وإيجاد حلول مستدامة لقضايا أخرى أكثر تعقيدا. وأشارت الورقة الى أن الاتحاد الإفريقي ومجلس الأمن منحا السودان ودولة الجنوب مهلة ثلاثة أشهر للوصول لاتفاق شامل حول القضايا الخلافية التي تؤثر سلبا على العلاقات بينهما إلا أن المهلة انقضت في الثاني من أغسطس الحالي دون الوصول لاتفاق على الطاولة وحدد رئيس لجنة الاتحاد الإفريقي الرئيس السابق لجنوب إفريقيا ثابومبيكي موعدا جديدا للمفاوضات في الثاني والعشرين من سبتمبر المقبل للاتفاق بشأن جميع القضايا الخلافية. واعتبرت الورقة أن قضية ترسيم الحدود هي الأصعب في الوقت الذي تظل فيه قضايا أخرى أكثر خلافية كقضية أبيي المتنازع عليها بين الشمال والجنوب والترتيبات الأمنية والوضع القانوني لمئات الآلاف من المواطنين الذين أصبحوا أجانب في بلادهم عقب انفصال الجنوب، لافتة الى أن المفاوضات أعطت الأولوية في أجندتها لقضية النفط باعتبار أن إيقاف إنتاج النفط له تداعياته الكبيرة سيما وأن القادة في كل من الخرطوموجوبا في حاجة ماسة لعائدات النفط لإعادة الاستقرار السياسي والاقتصادي والمحافظة على بقائهما بالسلطة في ظل التضخم الذي بلغ عنان السماء في كل من الدولتين وأثر على السلع الأساسية كالسكر والجازولين والحبوب التي أصبحت أسعارها تزيد يوما بعد يوم مما أدى الى تململ المواطنين في عدد من مدن السودان وخروج البعض في احتجاجات في ظل غياب القروض الدولية التي كان من الممكن أن تسد الفجوة التي خلفها إيقاف إنتاج النفط وأصبحت مسألة زمن قبل أن تنهار أحدى الدولتين أو كلاهما. ضغوط دولية وأشارت الورقة الى حدوث انفراج في مفاوضات النفط وتوصل الأطراف الى اتفاق بشأن رسوم عبور النفط وفي غضون أيام على الرغم من تباعد وجهات النظر في السابق ووفقا للاتفاقية فإن جوبا ستدفع مبلغ (11) دولارا على النفط المنتج من ولاية الوحدة و(10) دولارات مقابل عبور النفط المنتج بولاية أعالي النيل وسيدفع الجنوب أيضا (3.028) دولار كمساعدة مالية انتقالية لدولة السودان بحسب الاتفاقية التي ستنتهي خلال ثلاث سنوات ونصف، ونبهت الورقة الى أن كل من رئيس اللجنة الافريقية ثابومبيكي وكبير مفاوضي دولة الجنوب تعرضا لضغوط هائلة من قبل المجتمع الدولي خاصة الولاياتالمتحدة وبريطانيا والنرويج من أجل توقيع الاتفاقية ولكن من غير المرجح حاليا ما إذا كان سيستأنف إنتاج النفط لأن الخرطوم طالبت بأن تكون اتفاقية النفط مرتبطة بتسوية القضايا الأمنية بالمناطق الحدودية، مشيرة الى أن حل القضايا كحزمة واحدة كانت هي الطريقة المثلى قبل انفصال الجنوب، ولكن في ظل التحديات الحالية التي تواجه البلدين كدولتين مستقلتين أكبر بكثير من أن يتم حلها في إطار اتفاقية واحدة وتستلزم أيضا إشراك أطراف فاعلة أخرى كالمتمردين بالشمال والجنوب. واعتبرت الورقة أنه على الرغم من أن الاتفاقيات ملزمة للأطراف إلا أن السودان ودولة الجنوب مستمران في دعم المجموعات المتمردة بالدولتين، ومما لا شك فيه أن دولة الجنوب لها روابط سياسية قوية بأقوى المجموعات المتمردة بالشمال خاصة الحركة الشعبية قطاع الشمال، لافتة إلى أن جوبا تملك الدور الرئيسي في مستقبل عملية السلام بين الحكومة في الشمال والمتمردين وعرضت مؤخرا تسهيل المفاوضات بين الخرطوم وقطاع الشمال، وأشارت الورقة إلى أن وصول دولة الجنوب إلى تسوية مع الشمال حول رسوم عبور النفط أثار خلافات داخلية وانتقادات محلية لحزب الحركة الشعبية الحاكم كما أن الأزمة الاقتصادية وتقسيم البلاد أدى إلى سخط وخلافات داخل الحزب الحاكم بالخرطوم، الأمر الذي جعل من الصعوبة على قيادات الحزبين تقديم تنازلات خلال المفاوضات الجارية. ويرى الباحثون أن عامل الزمن حاليا له التأثير الأكبر خاصة وأن الضغوط على الطرفين بشأن توقيع اتفاقية بشأن النفط آخذ في التزايد وأن تسوية جميع القضايا الخلافية كحزمة واحدة يعتبر غير واقعي، معتبرين أن عملية التفاوض ستأخذ مسارين الأول: وهو الأكثر إلحاحا ويشمل قضية النفط وأبيي، وهذه القضايا تمت معالجتها باتفاقيات منفصلة وأن مسألة توقيع هذه الاتفاقيات يعتمد في المقام الأول على الإرادة السياسية، وأن الوصول إلى تسوية يمكن أن يحدث في غضون فترة زمنية معقولة... والمسار الثاني يتطلب مزيدا من الوقت والتفاوض ويشمل التعامل مع الصراع بالمناطق الحدودية وإدارة الموارد الطبيعية وحاجة الأطراف المتبادلة للأمن الداخلي والاستقرار من شأنها أن تشكل حافزا للمفاوضات بهذا الشأن، وفي حال الخروج من الأزمة الاقتصادية فسيكون هنالك الوقت الكافي والفرصة للتركيز على إيجاد حل مستدام ودائم للأسئلة الصعبة المطروحة. هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته