هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته أيها الإمام الحبيب: لا تَنْه عن خلقٍ وتأتي بمثله!! * لعل من نافلة القول أن نستشهد بقصيدة أبي الأسود الدؤلي التي تتحدث عن ذميمة ازدواجية المعايير أي النهي عن أمر ثم الاتيان به، وهذه ذميمة ونقيصة لا تليق خاصة بالرموز والنخب، ففي مجتمعنا السوداني، بمختلف شرائحه، نلحظ أن كلٌ منها حينما تزعم أنها على صواب وتدعي احتكار الحقيقة، تنعت خصومها بنعوت يندي لذكرها الجبين أو تفجر في الخصومة وتكشف ما هو سر أو تصمت على ما يجب أن يعلن -إلا من رحم ربي- وأشهد شهادة حق، في حق ذلك الراحل العظيم الشريف زين العابدين الهندي، الذي كان يعارض في نزاهة وشرف ولا ينحدر إلى حضيض المزايدات الرخيصة، إذ كان الشريف يرتقي بالحوار إلى قمة أدبياته وإلا فالصمت لديه أجدى من (اسهال) التصريحات والأحاديث التي تفرق ولا تجمع!!، أما أن نمارس خلاف ذلك فهذا يندرج تحت بند الفجور عند الخصام فربما لأننا لم نتعلم فن إدارة الحوار والتزام أدبياته أو لا نريد ونتعمد عكس ذلك، ان مثل هذه المواقف تنطلق من "ميكيا فيلية" تزعم أن تبرير الوسيلة مهما كانت - حتى وإن كانت غير أخلاقية- للوصول إلى غاية حتى لو كانت أخلاقية دون الأخذ بالمبدأ القانوني الراسخ وهو "إن بُني على الباطل فهو باطل!!"؛ وهذا يعتبر شذوذ عن قاعدة راسخة.. ولنستمع لأبي الأسود: حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداءٌ له وخصوم كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسداً وبغياً إنه لدميم والوجه يشرق في الظلام كأنه بدرٌ منيرٌ والنساء نجوم وترى اللبيب محسداً لم يجترم شتم الرجال وعرضه مشتوم وكذاك من عظمت عليه نعمةٌ حساده سيفٌ عليه صروم فاترك محاورة السفيه فإنها ندمٌ وغبٌّ بعد ذاك وخيم وإذا جريت مع السفيه كما جرى فكلاكما في جريه مذموم وإذا عتبت على السفيه ولمته في مثل ما تأتي فأنت ظلوم لا تنه عن خلقٍ وتأتي مثله عارٌ عليك إذا فعلت عظيم!! * فبالأمس القريب خرج علينا مولانا الإمام الحبيب الصادق المهدي متوعداً ولم يخفِ وعيده بل أعلنه على الملأ من خلال المانشيت الصحفي العريض الذي ورد ومفاده الكشف عن محادثاته مع الرئيس البشير في شأن تعيين نجله عبدالرحمن الصادق مساعداً للرئيس، وكما نعلم أن في مطابخ ودهاليز صنع القرار يجري خلف الكواليس ما يجري من تفاهمات واختلافات وتوافقات.. إلخ، وإن كان يُراد لها أن تجرى في العلن لأجريت ولكن أن يُصمت عنها في حينه فهذا كما يقولون عن مثل هذا السكوت إنه علامة الرضى، ولكن أن يخرج علينا الإمام الحبيب في مرحلة معينة وبعد ما يقارب عن العام ونيف مهدداً بكشف المستور فهذا أمرٌ غير مفهوم، لأن لو كان له موقف مبدئي مغاير فلماذا صمت عنه كل هذه المدة؟!! هذه من الأمور المحيرات التي تصدر بين الفينة والفينة من مولانا الإمام الحبيب ولا نفهم لها سبباً، فكان من باب أولى أن يشرح لنا الإمام موقفه في حينه اللهم إلا إن كان يعتقد بالمقولة: أن يأتي الأمر متأخراً فخيرٌ من أن لا يأتي البتة، وحتى هذا التبرير يشكك في مصداقية مواقفه.، والعجيب أن الإمام كان دائم التحدث عن عدم أخلاقية الفجور عند الخصام وها هو اليوم يفاجئنا.!! * ببساطة أعتقد أن تعيين العقيد عبدالرحمن الصادق مساعداً للرئيس هو من باب الشراكة العريضة في مؤسسة الرئاسة التي شملت كل ألوان الطيف السياسي والأحزاب التقليدية والذي شمل أيضاً نجل مولانا محمد عثمان الميرغني، حتى لا يقال أن هناك خيار وفقوس. إذن ما الدواعي التي دعت مولانا الإمام الحبيب للخروج عن صمته كل هذه المدة؟! لا بد أن وراء الأكمة ما ورائها، وطالما كان الإمام الحبيب يتحدث دوماً مطالباً بالشفافية منطلقاً من مواقف مبدئية فكان الأحرى به ومن منطلق الشفافية التي ينادي بها أن يشرح للشعب السوداني هذا الذي يهدد به إن كان لديه ممسكٌ على مؤسسة الرئاسة في حينه، وأحسب أن الرئيس البشير كان يحاول جمع ولم الشمل والتوافق خاصة وأن البلاد تجتاز منعطف خطير من منعطفات عمر السودان سياسياً، أما إن كان هناك ما يؤخذ عليه فعلى مولانا الإمام الحبيب كشفه وإلا فلم يكن هناك من داعيٍ لإطلاق عياره دون طائل يصيب به هدفاً!! * في الآونة الأخيرة بدأنا نستمع من مولانا الإمام الحبيب ومن نجلته د. مريم ما يعكر صفو المناخ السياسي والاجماع الوطني الذي يحتم على كل وطني غيور سواء في الحكومة أو المعارضة مراعاته حتى ولو في حدوده الدنيا خاصة ونحن مقبلون على جولة جديدة من المفاوضات مع دولة الجنوب؛ اللهم إلا إن كان هذا متعمدٌ ليتزامن مع موعد بدء جولة المفاوضات مع حكومة الجنوب.!! * يبدو أن حزب الأمة القومي قرر فتح العديد من الجبهات وإطلاق الكثير من الأعيرة الطائشة التي لا تصيب هدفاً فإن كان الهدف منها الفرقعة والشوشرة، فإن أول من يكتوي بنار هذه الفرقعات والشوشرة هو الحزب نفسه، فيقوده ذلك لتحالفات غير متجانسة ولا متوافقة، مثلما تحالف مع ما يسمى بالجبهة الثورية وكأنه لم يتعظ من درس تحالفه مع الحركة الشعبية أثناء تجمع المعارضة قبل نيفاشا، ثم تصريح الإمام الحبيب في حق إبن عمه مبارك الفاضل وهو رمز لا يستهان به ويمثل حضور تيار هام له أتباع ومناصرين داخل حزب الأمة القومي- حتى وإن اختلفنا معه من باب (عدة الشغل) - فهذا لا يعني أن نغمط الرجل قدره وحجمه!!، ثم الهجوم على الوليد مادبو، وكأن حزب الأمة القومي بينه وبين التوافق السياسي عداوة وخصام مما نتج عنه تشظي وتوالد الكثر من أحزاب الأمة. لذا فمن الموجب أن يخرج حزب الأمة القومي من دوامة (حزب الأسرة) إلى المؤسسية وممارسة الديمقراطية، إذ أن (الشللية الأسرية) لم تُعد تغني عن المؤسسية التي تليق بحزبٍ "تقليدي طائفيٍ عريق"!!. إن التخبط في التحالفات يعني أحد أمرين، إما فقدان قادة هذا الحزب للبوصلة الوطنية التي تقدم الوطن على ما سواه، وإما وسيلة للمكايدات والمزايدات التي تقدم المصالح الحزبية والذاتية على الوطن!! * لكل مهنة أخلاقيات، والسياسة في بلادنا أصبحت مهنة من لا مهنة له، وصفها البعض بأنها لعبة قذرة، فلا ضير إذن أن يمارسها هذا البعض بطرق غير الأخلاقية!! عوافي!!.