الساحة السياسية الجنوبية (سخنّت) بسبب تصريحات مبيور النارية في مواجهة حكومة الحركة الشعبية و(عم سلفا) كما كان مبيور يناديه وهو طفل في حجر والده ..! دخل مبيور ابن (جون قرنق دي مبيور) الساحة السياسية الجنوبية السودانية، هذه هي خلاصة تصريحاته الأخيرة ولكن ليس بالضرورة أن يكون خليفة لوالده أو بديلا للفريق سلفاكير ميارديت. مبيور لم يكن سياسيا ولا زعيما من قبل وهذا يعني أنه (يا دوب!) مشروع سياسي وقائد. أقوى نقاط مبيور أنه من الدينكا (القبيلة الكبيرة) وأنه مصحوب بهالة عاطفية موروثة من والده الذي منحه بعض ملامحه مع طول في الوجه، وأنه برز كمعارض لنظام فيه علل أساسية في سوء الإدارة والحكم ... وسر نجاحه (إذا كتب له النجاح) يكمن في توظيف هذه النقاط لفترة مؤقتة حتى تظهر شخصيته كقائد مستقل عن عباءة والده وعن مدد الدينكا السياسي .! كثير من قادة الجنوب حاليا ليسوا أبناء زعماء أو سلاطين أو حتى متعلمين ... بعض قادة الجنوب يتامى وأبناء أميين ورعاة مع ذلك نجحوا نجاحا باهرا ولذلك تبقى القبيلة وحدها هي المدد الوراثي في الجنوب وليس (الأب) أو (العائلة) ... ربما في الجيل القادم من القيادات أو الجيل الذي يليه تبرز ظاهرة العائلات السياسية ... نعم صحيح هنالك إستثناءات لأبناء دينق مجوك وشخصيات جنوبية محددة ولكن حتى هذه الشخصيات الآن تتكيء على القبيلة والجهة الجغرافية وكسبها الشخصي وعلاقاتها الدولية وليس الأب المباشر ..! أصدقائي الجنوبيون الذين اتلقي بهم على فيسبوك وتويتر بعضهم يعتقد أن حكومة الجنوب في مأزق وذلك لأنها شرعت في محاربة أسرة قرنق وكشفت أموال ربيكا الطائلة فهذا سيقود إلى تلطيخ سمعة رمز الجنوب الأوحد (جون قرنق) بالفساد ونهب الاموال لأن معظم ثروة ربيكا تكونت قبل عهد النفط وبالتحديد من الدعم الذي إنهمر على الحركة أيام الكفاح المسلح. ولو صمتت دولة الجنوب على أسرة قرنق لتوسعت الهالة العاطفية وصارت الأسرة كلها رمزا للنضال ..! الحل إذاً هو التوصل إلى مصالحة مع مبيور وعندها سيكتشف قادة الجنوب وسلفاكير على وجه التحديد أن الموضوع وراءه أمريكا وأن عليه أن يؤدي فروض الولاء والطاعة مجددا مع إعتذار غير قابل للنفي (الإعتذار السابق للرئيس أوباما أبطل مفعوله وزير الإعلام) ..! تمرد ديفيد ياوياو في جونقلي يندلع بعد أيام من تقارير هيلدا جونسون التي صوبتها نحو جوبا من نيروبي وليس من مكتبها الرسمي في جوبا ... وهي المدينة التي دشن فيها مبيور نشاطه المعارض في مقابلة مع صحيفة امريكية ... وتقارير هيلدا أتت بعد أيام من زيارة هيلاري كلنتون ... وبالرغم من أن هيلاري حرصت على وصف حكومة الجنوب بالشجاعة وكالت لها المدح إلا أنه (الفي القلب في القلب!) لقد منحت كلنتون الثلاثي هيلدا وياوياو ومبيور الضوء الأخضر وربما (الورق الأخضر) وغادرت ... ودخل الجنوب في مرحلة جديدة في تاريخه بعد نهاية شهر العسل الأمريكي الذي دام لمدة ثلاثين سنة من النضال ضد الخرطوم ..!