ونحن جلوس نتجاذب أطراف الحديث وقناة النيل الأزرق على موجة اف ام ً الصباحية متناولة موضوع التحدي. قالت بصوت هامس حنون .. ياليتني أستطيع أن أشارك في هذه الحلقه وقبل أن نسأل لماذا ؟؟ أجابت .. التحدي هو أن تتحدى الظروف والزمن والعقبات وأن ترضى بالقسمة والنصيب وتؤمن بالقدر وأن تنجب وتربي جيلا يفتخر بنفسه قبل أن تفتخر أنت والمجتمع به ... ثم أخذت نفساً عميقاً وأطلقته وكأني بها تحمد الله على ما أنعم عليها به طوال تلك السنوات ... والجميع ترقبا لما ستقوله السيدة "الأم والجدة" التي لم تبلغ من العمر عتيه بعد والتي أعلم جيداً أنها قد أخذت قسطا وافرا من التعليم ..عاشت كريمة في كنف أهلها وزوجها ومازالت ولله الحمد ... تظهر الرقي سلوكاً قبل أن يكون مظهراً ... حنينة تقرأك دون حاجة لأن تسأل. قالت مكملة: التحدي أن تنشئ وتربي أسرة كبيرة غالبيتها فتيات يختلفن "تبايناً " طباعاً وميولاً وطموحاً .. فتغرسين معنى العفة واحترام الذات متى ما شب طوقهن.. متبعة خطواتهن "خطوة بخطوة" خوفا من أن تحيد إحداهن عن الطريق لتنزلق الباقيات سقوطا كل تعثر بمن قبلها تباعاً ...وأن تبني جسر الصداقه فلا يكون هناك سر محجوب بينكم ... وليكبرن على أن عز و عزوة وفخر الفتاة بوالدها وإخوانها وزوجها هو تاج على رأسها أينما ذهبت أشير إليها به فلتحفظه وتصونه ..أن تدفعيهم للتعليم فتكونين خير السند والمحفز ليحملن أعلى الشهادات ثم يتزوجن واحدة تلو الأخرى بالرغم من همس البعض "الله يعين أبو البنات كيف سيزوجهن جميعاً... لتنكس الرؤوس خيبة وخجلاً. كل ذلك دون أن يعرف الملل أو التذمر او اليأس طريقاً إليك. فالتحدي ليس كما يقول البعض بأنه تحدى أهله وتزوجها ثم اكتشف بعد ذلك خطأه أين التحدي هنا ؟؟ هذا ليس سوى عناد ... فالتحدي أنك بعد خمسين عاماً او أكثر يمكن أن تقول تحديت أهلي وتزوجتها فكانت نعم الزوجه والأم .. هذا هو مفهوم التحدي ... كأن تتحدى نفسك لتصبح طبيبا او حتى رئيساً ليأتي ثمار هذا التحدي بعد سنوات طويلة وليست أيام او أشهر او حتى سنة معدودة ... أن تتحدى إعاقتك طوال حياتك مؤمناً بما قسمه الله لك. ثم توقفت برهة مستدركة والجميع منصتون لتكمل بعدها: "التحدي لا يكون تحديا دون أن تحمد الله في كل ثانية من عمرك لأنه أعطاك قوة الإيمان والنفس والجسد لتتحدى بها. ثم أدارت برأسها إليه وهي تختم حديثها وتعاود رفع صوت جهاز التلفاز وجميعنا صامتون ... فكان على محياه ابتسامة رضى وفخر ... ونظرة أخرى لم ندرك معناها... ولكنا نجزم أنها وحدها من تعلم . فترى هل أدركنا مفهوم التحدي بعدد الدقائق عندنا ... وحصاد السنوات عندها.