كثيراً من المناطق في السودان تعاني من الإهمال والتخلف وضعف الأداء، ولكن غالباً ما يتم ربط ذلك بضعف الموارد اللازمة للتنمية، لكن تلك الحالة لا تنطبق على الحواته لأنها بقعة غنية بالموارد المادية والبشرية بشكل يجعلها صالحة لمختلف أنواع الإستثمار وخاصة الزراعي، ومعروف أن الحواتة ومنذ بدايات القرن الماضي تمتعها بتركيبة متنوعة من المحاصيل التي تساهم في الأمن الغذائي، والمحاصيل النقدية ، حيث تزرع هنالك محاصيل الذرة والسمسم والدخن والفول السوداني، وتسوق بكميات تجارية جعلت من الحواتة سوقاً ضخماً للمحاصيل منذ خمسينيات القرن الماضي، إضافة إلى وجود منشار حديث للأخشاب يعد مختلف المنتجات اللازمة للبناء وخطوط السكك الحديدية ولصناعة الأثاث والموبيليا المختلفة بأنواع عالية الجودة، لم يتوقف عطاء الحواتة على ذلك، فهي تتمتع بتربة صالحة لزراعة الخضروات الخالية من الأسمدة والكمياويات، أما عن فواكه الحواتة فحدث ولا حرج فالمنقة فريدة من نوعها يعرفها أي فكهنجي مبتدئ وكذلك الجوافة والحمضيات. فوق كل ذلك ، فالحواتة كانت وما زالت الشريان الذي يغذي خزنة الولاية بالخير الوفير، وتتمتع الحواتة بطبيعة خلابة منها أم ذبل والذبل هنا مشتق من ورق الأشجار المتساقط والذي يشكل «مراتباً» يمرح عليها الأطفال كما يفعلون الآن في الحدائق بواسطة الكرات البلاستيكية الضخمة، وذلك بالطبع قبل التعدي على الغابات وإبادتها في عجز واضح للسلطات المختصة بحمايتها. هل بلد كهذا دخلته السكة حديد في عشرينيات القرن الماضي وعرف أهله المدارس والأسواق المتطورة وأنماط الإنتاج الحديث والتنوع العرقي وإرتياد أبنائه وبناته للجامعات منذ ذلك الأمد يستحق الحديث عنه بلغة المعاناة، لماذا عجزت الحكومات المتعاقبة في ربطه بطريق مرصوف. إذا رسمنا خطوطاً لمقترح طريق الفاو الحواتة، وطريق سنجة الدندر الحواتةالقضارف، نجد أننا أمام حقيقة مرة هي أن كل الجهود هدفت لعزل منطقة جغرافية اتسمت بالإرث الجهادي والماضي المستنير والحاضر الزاهر والمستقبل المضيء. قيام هذه الطرق يعني أهمية استراتيجية وجدوى إقتصادية، ويعني دخول أكثر من اثنين مليون إنسان دائرة المدنية، يعني فتحاً لبوابة حظيرة الدندر، يعني استغلالاً اقتصادياً لمناجم تزخر بالحديد والذهب والمانجنيز والكروم، يعني أن تعود الحواتة منارة للعلم والتجارة والثقافة. هل فكر السيد والي القضارف في الخروج عن المألوف وزيارة الحواتة في ثوب مواطن عادي بلا حراسات ليرى الجانب الخفي بالعين المجردة ويضع لها الحلول، وانت السياسي البارع والرجل التنفيذي بكفاءة وخبرة طويلة ممتازة. الطريق إلى لحواتة «خطر مميت» ولا تزال رحلة العذاب مستمرة لكل مواطن ينوي السفر من أو إلى الحواتة، أتقوا الله في رعاياكم، رحم الله سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين قال:« لو أن بغلة عثرت في العراق لسألني الله عنها لما لم تمهد لها الطريق» ، لكن نحن في الحواتة يتعثر إنسان أيام وليالي في وحل وطين هذا البلد «المهمش» الذي يفقد أبسط الحقوق «الطريق المعبد». سيدي الوالي أن الحواتة تطلب منك أن تبدأ بالفعل فيما عجز عنه من قبلك.. وأخيراً وفقك الله وسدد خطاك في تطوير ورفعة الولاية. محمد بابكر محمد الفكي الحواتة من المحرر: الحواتة مطمورة غذاء للسودان وكنز من كنوزه الزاخرة بالعطاء منجم في انتظار من يفجره - أخي الوالي - الحواتة أحق بالتنمية وأهلها صناع العطاء أحق بالخدمات.