والتاريخ يقول إن صنعاء نشأت قبل (جلق).. أي قبل دمشق وكانت تسمى (أزال).. ويذهب بعضهم إنها بناها سام بن نوح .. مهما يكن هي صنعاء .. أقدم مدن العالم .. كما «كرمة» أقدم مدينة على ظهر الأرض .. قامت عليها .. أول حضارة إنسانية .. والشواهد تؤكد ذلك .. ففي صنعاء التي شهدت أحداثاً .. بعضها غيّر وجه الحياة الإنسانية.. كانت لي فيها أيام .. فمازالت صنعاء في شاشة الذاكرة .. ميدان التحرير .. قلب المدينة .. والباعة .. والبطاطا المسلوقة .. والحوانيت .. وقصر بشائر .. قصر الائمة .. وشارع الشهيد الزبيري .. الشهيد الذي جاهد وكافح .. حتى انتصرت الثورة اليمنية .. فأزالت حكم الائمة .. المتخلف .. والشيء بالشيء يذكر .. فقد لجأ الشهيد في فترة .. الكفاح الى السودان .. مقيماً بمدينة ودمدني .. عند يحيى الشرفي اليمني.. الذي كان من الداعمين للثورة .. وهو والد الدكتور محمد يحيى الشرفي .. ففي الشاشه الابنية القديمة .. للمدينة العتيقة .. التي توحي بتاريخ قديم .. متجذر في أحشاء حضارات قامت في اليمن السعيد .. حضارات تؤكدها آثار حمير وسبأ وريدان .. الاثار المنتشرة في كل بقعة في اليمن السعيد .. جسر جبل شهارة المعلق والنقوش والحرف الحميري .. ومعبد المقة .. وعرش بلقيس وسد مأرب .. وفي التاريخ البعيد .. القريب مسجد «الجند» الذي بناه سيدنا معاذ بن جبل .. عامل الرسول صلى الله عليه وسلم على «مخلاف» الجند .. ومسجد صنعاء القديم .. الذي يتوسط المدينة القديمة .. فعند باب اليمن .. يرى الزائر .. التاريخ القديم يمشي.. المسجد أول مسجد بني في الإسلام خارج الحجاز .. والذي بناه .. الإمام علي بن أبي طالب .. عامل الرسول على «مخلاف» صنعاء .. وآثار قصر «غمدان» الذي التقى فيه .. عبدالمطلب بن هاشم .. ووفد من قريش .. بسيف بن ذي يزن .. عند انتصاره على الاحباش .. ويومها بشر .. ابن ذي يزن .. عبدالمطلب بن هاشم .. بميلاد النبي صلى الله عليه وسلم .. قائلاً له: «عندما يولد غلام بتهامة .. في كتفه الشامة له الامارة الى يوم القيامه» .. فصنعاء كتاب من التاريخ والجغرافيا .. مدينة ارتفعت بتضاريسها .. وبإنسانها .. فالطقس فيها معتدل .. فصعناء التي يزيد إرتفاعها عن «5» آلاف قدم .. لا تزيد درجة الحرارة فيها عن «29» درجة .. فهي لا تعرف المراوح .. والمكيفات .. ففي الشاشة.. صنعاء وجبل «نقم» الذي يحيط بها كالخاتم في المعصم .. والسجن الذي بناه الامام على قمة الجبل الشاهق .. وحي «الحصبة» .. وسوق القات .. ومنزل آل الشيخ حسين الأحمر .. شيخ مشايخ قبيلة حاشد .. والحرس الذي يشكل ديدبان .. فالمنزل الواسع بداخله مسجد كبير وحوله المتاجر .. وبير عبيد .. الذي له وقع خاص في نفسي .. ففي هذا الحي .. كان ميلاد .. ابنى عثمان.. فهذا الميلاد .. زاد من متن العلاقة .. بيني وبين صنعاء .. وحي الصافية .. حيث يسكن عدد كبير من السودانيين .. وحي الجامعة .. ومدينة «حده» الجميلة وفندق «رمادة» .. و«القاع».. قاع اليهود .. الحي الذي كان يسكنه اليهود .. فاليهود في اليمن موجودون .. في عمران .. وريدة .. وفي شمال اليمن .. يعيشون كمواطنين عاديين .. لا يميز بينهم عن الآخرين .. إلا «الزِّنارة» أي الضفيره التي تدلى على أكتافهم .. فحتى أطفالهم عليهم تلك الزنارة .. الغالب منهم يحترفون .. الزراعة والحدادة .. والصياغة .. «الذهب والفضة» الذاكرة .. المكتبات .. مكتبة المسجد الكبير .. ومكتبة دار الكلمة .. وشارع جمال .. والمكتبات .. فما قرأته في اليمن لم أقرأه .. في السودان .. فأمهات الكتب موجوده في اليمن .. فلا أنسى أنني حصلت على كتاب «العرجان والبرصان والعميان للجاحظ» من مكتبة في صنعاء .. فهذا الكتاب رأى النور لأول مرة في العام «1981» .. فصنعاء الثقافية.. هي صنعاء فن العمارة .. فهذا الحجر الأصم .. قوه .. وإبداع الإنسان اليمني .. استطاع إنسان اليمن من تشكيل هذا الحجر .. فالبنايات والعمائر الصنعانية المبنية من الحجر .. تعطي الزائر .. إندهاشاً .. ف«البنا» اليمني غير الدارس .. لفنون العمارة مهندس .. بالفطرة .. ومحلات تصنيع «القمريات» تؤكد ابداع الصانع اليمني .. فالقمريات هي عكوف مصنوعة من الجبص.. والزجاج الملون.. تكون على النوافذ .. وللحجارة «أماكن» لترصيصها يسمونها اليمنيون .. «تُوقيص».. وصانع تسوية الحجارة .. يسمى «موقص».. فالذي يريد فن العمارة فليزر صنعاء ليرى فن العمارة.. وليبدأ من سور صنعاء القديمة .. السور المبني بالطين يرجع تاريخه الى أكثر من الف عام .. وعند السيلة .. وحوانيت سوق الملح .. والسواح والصناعات النحاسية .. وأشياء وأشياء.. والأطعمة اليمنية .. «السلتة».. ولحم صغار.. والفاكهة النضرة .. الحلوة المذاق .. عنب اليمن .. الصنعاني .. والرازحي .. والعاصمي والرازقي .. أكثر من عشرة أنواع من العنب والبلس ..والبطيخ .. فما أحلى الجلوس ليلاً في ميدان التحرير.. فيا صنعاء هل من عودة هل !!.