هكذا نحن دائماً00 نطارد المواهب والعباقرة00 ونتنفس الصعداء حينما ندرك أنهم فروا إلى بلاد «تموت حيتانها من البرد».. كل المواهب السودانية تفتحت ، وعم عبقها دولاً أخرى بعد أن نكون قد مارسنا فيهم الذبح أو القطع من خلاف.. لمجرد أنهم مشاريع عباقرة أو وعوداً ماطرة بالخير والجمال والفن000 وللحقيقة هذه ممارسة «وطنية» تفرد بها مناخنا الإبداعي مع الساسة والحاكمين منذ الاستقلال. وبالرجوع إلى الذاكرة نجد أن أسراباً مغردة بالجمال والفن حلقت بأجنحة الخيال والفن الجميل بمختلف ضروبه انطلقت عبقرياتهم من خارج الوطن، وتلقف العالم المحب روائع إبداعاتهم وترجمت أعمالهم إلى لغات العالم الحية في مجالات الكتابة الإبداعية أو سطعت أسماءهم، وتُوجت قدراتهم في كل مجالات الفن الراقي000 ومنهم المخرج السوداني سعيد حامد مخرج المدرسة الحديثة في الشقيقة مصر، وصاحب فيلم «صعيدي في الجامعة الأمريكية » و«طباخ الرئيس» وأفلام أخرى مشهورة عربياً وربما دولية000 أتاح لنا الأستاذ عادل سيد احمد رئيس تحرير هذه الصحيفة جلسة شفيفة معه في مكتبه000 الفنان المخرج المبدع كان وسيظل ممن يجب أن تلاحقه الدولة بالعودة ليطلق فنه الدرامي الرائع من موطنه0 حتى بعد أن سطع نجمه0 لكننا وكما تعودنا ازددنا طرباً وفخراً باعتباره « بلا وانجلا !!»، لكن الروح الشفيفة العاشقة للوطن وأهله ساقته لأن يطلب وُد البلد، فحزم أمتعته وترك ما توفره القاهرة من مجد0 وعاد إلى الخرطوم عاشقاً متيماً بعيون النيل0 وبقي في الخرطوم يتلمس درباً ليقدم أسمه وتاريخه من بلده000 أتدرون كم كلفته هذه النزعة الصوفية؟؟، ثلاث سنوات وما يزيد في بلد ترعى بغاث الطير وتهش عصافير الجمال000 عفواً أنا لن أقلل من قدرات كثير من أهل الدراما00 ولكنكم تعرفون ما أقصد أولئك الذين يتاجرون بالفن كما يتاجر غيرهم « بغيره» واقع الحال أنني استمتعت بالروح العاشقة للوطن والمضحية من أجله00 ولكني ذكرته بحكاية الدراما التلفزيونية من خلال حكاية سيقان النعامة ، وتلك قصة يعرفها أهل الشأن في الدراما والتلفزيون!!. الأستاذ سعيد حامد ولعاً بخدمة وطنه في مجال الدراما التلفزيونية قرر أن يخوض تجربة إنتاج مسلسل رمضاني «للعايشين» يجمع فيه نجوم التمثيل في السودان ومصر، ويمهره بتوقيع إخراجه الجاذب مما يبشر بتسويقه على الأقل في الدول العربية سعيد حامد الضخم كسر الطوق، ورغم أننا لا نتوقع أن تتحمس الدولة لهذا المجهود المثمر الذي يحقق للسودان انتشاراً واعتباراً، مثل تعلية خزان الروصيرص!!، إلا أن حماسته لبلده وللعمل الدرامي المؤثر تجعلنا نتنبأ بنجاح التجربة، وربما تفتح أبواب عودة العصافير الجميلة التي تغرد على غير أغصانها.