شعب مصر الشقيق بين مطرقة الليبراليين .. وسندان الإخوان * تحدثنا بالأمس عن شعب مصر الشقيق والعطاء المتميّز الذي ظلَّ يقدمه ذلك الشعب الرائد والقائد لأمته في تجردٍ وصمتٍ، إضافةً لخصوصية العلاقة التي تجمعه بأشقائه مع بلادنا في جنوبالوادي. * ونعود لنؤكّد أن ما يحدث اليوم في مصر أصبح يسبب ضيقاً، وقلقاً للجميع على امتداد الوطن العربي .. فلا يكاد يمر يوماً حتى نشهد المزيد من التعقيدات التي يدفع ثمنها أبناء الكنانة. فالدستور الذي توافقت عليه القوى السياسية المصرية بأن يُترك أمره للاستفتاء الشعبي بحيث يقول الشعب كلمته فيه بنعم أو لا ؛ لانعتقد أن أي من الطرفين الممثل في جبهة الإنقاذ من جهة، ومحور الحكومة من جهة أخرى والتي يمثلها رئيس الجمهورية وحزب الحرية ،والعدالة وحلفاءه في الجانب الآخر، سيتقبلون النتيجة السالبة بالنسبة لهم. * فإذا افترضنا - على سبيل المثال - إن الاستفتاء قد أدّى إلى إجازة مشروع الدستور، فإن جبهة الإنقاذ المعارضة ستقوم برفض النتيجة كما هو ملاحظ من ردود الفعل الأولية بحجة التزوير ،أو التلاعب في العملية؛ وقد يقوم جانب الحكومة باتخاذ ذات الموقف إذا لم تتحقق الإجازة المطلوبة من قِبل الشعب، أي إذا جاء التّصويت بالرفض. وذلك إضافةً إلى استقالة النائب العام وموقف بعض القضاة المؤثِّر في الساحة المصرية والرافض للمشاركة في الإشراف على عملية الاستفتاء . * إن المسيرات التي أعلنت المعارضة عن تحريكها، تهدف للعمل على إلغاء المرحلة الثانية من عملية الاستفتاء، وتأتي أيضاً في إطار التعبئة العامة المضادة لعملية التّصويت لإجازة الدستور. وبالقطع لن يسكت الطّرف الآخر، بل ستكون له ردود فعله المضادة لهذا العمل؛ الأمر الذي يصب في خانة عدم الاستقرار ،والفوضى لينعكس هذا الموقف بالضرورة على الجانب الاقتصادي مثلما لاحظنا ذلك في ألمانيا المترددة بحجة عدم الاستقرار الذي يشوب مصر، الوضع الذي ستتبعه بالضرورة مواقف مشابهة من الدول الغربية. * ولاشك أن الزيارة المعلنة من الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية لايمكن أن تؤتي ثمارها المطلوبة في هذا الوقت بالذات، اللهمّ إلا إذا قُصد منها تقديم إشارة واضحة للرأي العام المصري بعدم ممانعة الولاياتالمتحدةالأمريكية أو على الأقل تأييدها الدكتور مرسي فيما ذهب إليه من مواقفه المتّصلة بالدستور وغيرها. وهو أمر لايمكن أن يكون صحيحاً. فمنذ متى كانت للولايات المتحدةالأمريكية مواقفُ إيجابية تنحاز فيها لمصاحلنا القومية والوطنية؟!. * لقد قام الدكتور البرادعي من قبل بمناشدة الدول الغربية بالتّدخل وكانت النتيجة أن واجه حملةً عنيفةً تتهمه بصورة مباشرة، أوغير مباشرة بالتّصعيد والدعوة غير المقبولة للتدخل في الشأن المصري بما يمثل مساساً مباشراً للسيادة الوطنية. * وحتى إذا سلّمنا جدلاً أن لزيارة الرئيس المصري أهدافاً اقتصاديةً متصلةً بالقروض ،والمنح ،والديون المصرية، فإن الوقت أيضاً ليس في مصلحة مثل هذا الطرح، إذ لابدّ من أن تحسم مصر قضاياها المتصلة بأمنها واستقرارها قبل أن تكون هناك مساعدات ومواقف إيجابية من الولاياتالمتحدة والغرب الذي هو أقرب إلى المعسكر الليبرالي الآخر، أي جبهة المعارضة كما هو معروف. * أما بالنسبة لدعوة الجمعية التأسيسية لبعض القيادات المعارضة، فإن فرص نجاحها ? كما هو متوقع- لن يكن بأفضلها من الدعوة التي سبق أن وجهتها القوات المسلحة المصرية ممثلةً في وزير الدفاع بتنسيق ومشاركة السيد رئيس الجمهورية، لتبقى الأزمة بعد ذلك الاجتماع المحضور تراوح مكانها. * عليه، وبعيداً على ترجيح جانب على حساب الجانب الآخر، فإن أمن مصر واستقرارها ونمائها وتوفير الخبز لشعبها، يبقى فوق كل طموح سياسي كان أم غير سياسي . آخر العمود: نصح الحكيم اليوناني القديم سولون بعض تلامذته يوماً قائلاً : دع المزاح ... فإنه لقاح الضغائن!.