مواقف دبلوماسية مشرقة وانتصارات حاسمة في المنظمة الدولية * أُتيحت لنا خلال الزيارة القصيرة للمكة المغربية الوقوف عن قرب على حقيقة مسار الإصلاح الديمقراطي في ذلك البلد الشقيق، والتي باتت واضحة فيما تضمنه الدستور المغربي الجديد الذي احتوى على تعديلات جاءت تتويجاً للعملية الديمقراطية لتضمن ترشيح مبادئ حقوق الإنسان كما هو متعارف عليها عالمياً. ويترجم كذلك الثوابت الراسخة للشعب المغربي مع فصل تام للسلطات التنفيذية والتشريعية ومنح البرلمان صلاحيات واسعة في الرقابة والتشريع. * إن مشروع الحكم الذاتي الذي تقدمت به المملكة المغربية لمجلس الأمن احتوى أيضاً على الكثير من النقاط الإيجابية التي توفر لسكان الصحراء المغربية حكماً ذاتياً متكاملاً يعبر عن إرادة وخصوصية أهل الجنوب، الأمر الذي ينتظر أن يضع حداً نهائياً لقضية استمرت تشكل هاجساً أمنياً منذ سبعينيات القرن الماضي. * ولقد أُتيحت لنا أيضاً فرصة لحضور والمشاركة في ندوة عقدها السيد وزير الخارجية المغربي بمقر وزارته، وجاءات تحت عنوان « عضوية المغرب في مجلس الأمن ولاية 92 ? 1993م « تضمنت شهادة السفير أحمدالسنوسي الذي كان ممثلاً للمملكة في تلك الولاية، وحضرها جمع غفير من أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين في المغرب إضافة إلى رموز المجتمع المدني هناك. * ويبدو أن المسألة كانت بمثابة احتفالية من جانب الدبلوماسية المغربية بمناسبة تقلد المغرب هذا الموقع المهم للمرة الثالثة. ومن الأشياء الطريفة التي تحدث عنها السفير السنوسي أنه تلقى محادثة تلفونية من أحد أصدقائه في الساعة الخامسة من فجر ذلك اليوم يقول له « الآن أصبحت رئيساً للعالم كله، وأنا فجعت كيف حدث هذا مع أنك لم تكن طالباً ذكياً إبان فترة الدراسة؟ «. * ولا تقتصر جهود الدبلوماسية المغربية على حراكها الأممي الناجح في مجلس الأمن، والتضامن مع كافة شعوب العالم، بل تشارك في قضاياها العربية بما توفره من دعم قوى للقضية الفلسطنية، وموقفها الواضح والمنحاز إلى جانب الشعب السوري، حيث قامت بإرسال مساعدات إنسانية إلى لاجئي سوريا في مخيم الزعتر بالأردن والمخيمات الموجودة في تركيا، وكان ذلك كله بمبادرة كريمة من جلالة الملك محمد السادس. * هناك أيضاً المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي أعلن عنها الملك محمد السادس في مايو 2005م وتحتوي على ثلاثة محاور: 1/ محور سياسي لتوطيد دائم للدولة الحديثة التي تقوم على الديمقراطية ودولة الحق والقانون والنهوض بحقوق المرأة والطفل. 2/ إصلاح ومشاريع هيكلية ومولدة للنمو. 3/ التنمية البشرية في أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبشرية والثقافية، وذلك من خلال المتابعة وضرورة المحاسبة والمعرفة. * وتتجاوز الدبلوماسية المغربية المفهوم التقليدي لرسالتها، لتلعب دوراً نشطاً في إطار البرامج والمؤتمرات والمعاهدات، لنجدها تقوم بإحداث إدماج المرأة المغربية في التنمية بهدف تقوية دورها في هذا المجال، وذلك من خلال الدورات التي تعقدها الوزراة في هذا الجانب؛ مثل تنظيم دورة حول موضوع المساواة بين الجنسين والتنمية « في ضوء الأحكام الجديدة لقانون الأسرة، مثلما تقوم الخارجية بتنظيم ورشاً حول المشاركة السياسية للمرأة القروية في ظل التنمية المحلية، وكذلك ندوة أخرى حول موضوع « مسيرة النساء نحو المساواة «. * وهكذا تقدم الدبلوماسية المغربية مفهوماً جديداً تحمل خلاله المشاركة الفاعلة في كافة قضايا الوطن، بهدف خلق التفاعل المطلوب بين أطراف المجتمع المختلفة ليقود هذا عملية انسجام حقيقي تتوفر فيها كل معاني الوحدة الوطنية والقدرة على الفعل السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وصولاً إلى نماء وسلامة وأمن المملكة الشقيقة. آخر العمود يا بني تعلموا العلم .. فإن كنتم سادة فقتم، وإن كنتم وسطاً سدتم، وإن كنتم سُوقة عشتم . -عبد الملك بن مروان-