لا شك أن الحميمية فى العلاقه لا تولد من فراغ ،ولكنها تُبنى على مواقف معينة، تكون بمثابة بذرة تُرمى تحت أرض المواقف النبيلة، لتثمر بعدها خصوصية فى العلاقة، ليستظل بها الأشخاص الذين تجمعهم نوعية فريدة من العلاقات النبيلة. وأذكر فى عصر يوم كئيب فى العام 2010 من الشهر السادس فى اليوم العشرون منه، بدايات لولوج نقطة سوداء فى حياتنا ونقطة تحول جذرية من المسار الناقص التائة عن الطريق الصحيح ،بفقدنا ربان السفينة التى أبحر بها وحدة لقرابة الخمس وسبعون عاماً، ليأتينا الخبر اليقين عبر الأثير بأن ربانكم قد وافته المنية، فى حين غفلة وبلا مقدمات تُذكر خلاف أنه بصحة جيدة ،ومستمتع بأجواء قاهرة المعز حضوراً من الأُردن بعد أن طمئنوه أن القلب ينبض وكأنه ابن العشرون وأن الفحوصات أجمعها سليمة وفي السليم. بدأ ذاك اليوم بإحساس اليتم منذ صباحه ،وقالت الحالة المزاجية كلمتها قبل وفاته ،وأصبحت شارد التفكير مع شروق ذاك اليوم للدرجة التي جعلتني أرجع عائداً للمنزل قبل وصولي لمقر عملي،وقد لاحظت عين الأُم الفاحصة وجهي وبادرت بسؤالي:( شفقتا...ما بك اليوم غيرالعادة كئيباً وعبوساً؟)....فقلت لها : إن بالقلب خِفة والحالة المزاجية ليست على ما يرام...وقد كان ردها حاضراً - عليها الرحمة والمغفرة- بأن سلطان النوم قد أخذني ومنعني من صلاة الفجر حاضراً. لم يكن صحيحاً ما ذهبت إليه والدتي- عليها الرحمة- ولكني آثرت أن لا أسترسل بمجاهرتي بصلاة الفجر حاضراً وخرجت لمكان عملي، ولكن قبل أن أوصل عدت أدراجي من حيث أتيت لأذهب فى نوم عميق لم يوقظني منه إلا اتصال من أخي يوسف متحدثاً منهاراً بأن وصله اتصال من القاهرة مفاده أن الوالد -عليه الرحمة - لايتنفس وقد فقد الوعي..فقلت له (متشجعاً) إن شاء الله الموضوع بسيط وسألته عن مكانه. فقال لي أنه على بُعد أمتار من المنزل ولايستطيع قيادة السيارة...لتأتي بعدها الاتصالات تباعاً من القاهرة ليتأكد خبر الوفاة. فى ما لايدع مجالاً للشك. أول الذين وصلوا لمكان وفاة الوالد هو الرشيد علي عمر، الذي هو أيضا كان بالقاهرة، وقد لازم والدنا منذ سماعه خبر الوفاة حتى تسفير الجثمان للخرطوم، وقد كان حلقة الوصل التي مدتنا بالمعلومات والتي اتصلت بالسفارة السودانية بالقاهرة وحتى قيام الرحلة للخرطوم. دوائر كروية :- - أُدرك تماماً أن السبب الرئيسي الذي منع الرشيد عن الرد على ما سطره أخي يوسف والأخ عمار أحمد أدم هو علاقته الودودة مع الوالد عليه -رحمة الله- - قبلهم هاجمت الأسياد ورئيس مجلس إدارتها ولم يوقفني منها إلا الرشيد وليس حديث أخي عادل كما يزعم الدكتور تيتاوي. - كان لي قضية عادلة تخص اسم الأسياد ومجلس الصحافة والمطبوعات، ولكن تذوب كل القضايا إذا كانت تمس فرد حمل نعش أبيك. - ما زال صدى اسم (شعره) يتردد على أُذني من صوت الوالد وهو ينادي الأخت مشاعر عثمان، وهى جزء لا يتجزأ من صحيفة الأسياد ،وقد كانت وما زالت جزء لا يتجزأ من صحيفة (الوطن). - أنتم الأسياد لأنكم انقسمتم إلى شعوب وقبائل ولكن يبقى سيد البلد الأوحد هو المريخ. دائرة عاطفية :- يا الرشيد، أبعد من المريخ ورئيسه حتى لا تشوف( المكشن بلا بصل) أو كما قال. - اتكشني.