غياب الأب يحدث تهميش لدوره تجاه أولاده وحتى زوجته، وعند رجوعه إليهم يشعر بالغربة كما يقول أحد الأ».زواج: «أشعر أنني بالنسبة لأسرتي عبارة عن بنك متحرك...!! ربما لا يدرك كثير من الناس أو يدركون ويتغافلون وتأخذهم دوامة الحياة والسعي على المعاش والرزق خاصة المغتربين والمهاجرين بعيداً عن أوطانهم وأسرهم: التأثير الرهيب للاغتراب والهجرة علي الأسرة والزوجة، ولابد إعطائه الأهمية القصوى من جميع المختصين وعلماء النفس والاجتماع. الآثار السلبية علي الأسرة فقد التكيف مع الأسرة والمجتمع: نجد البعض يهاجر وابنه صغير ويعود وهو رجل، ولا يعرف كيف يتعامل معه؟، ورغم أن الرجل عانى وتجرع مرارة الغربة في سبيل توفير العيش الكريم لأسرته إلا إنه عند العودة يجد صعوبة في التكيف.. ليس داخل الأسرة فقط.. لكن مع المجتمع عموما. تولد الأنانية وحب الذات: زوجات كثيرات - إلا ما رحم ربي – يفرحن بالمال ويظل هذا شغلهن الشاغل.. وليس لهن وأولادهن هم إلا المبالغة في الطلبات دون التفكير في أن ذلك يطيل بعد الزوج والأب.. فتتولد الأنانية وحب الذات داخل الأسرة. وغالبا ما يتعود الأولاد علي الإسراف الشديد والمتطلبات التي لم تظهر إلا بهجرة الأب، وشعورهم أنه أصبح من الطبيعي جدا أن يطلبوا ما يشاءون، معتقدين أن والدهم في الغربة يكسب الكثير، ولا ينفق شيء، وأن عليه تلبية جميع احتياجاتهم.. فتتولد الأنانية في قلوب الجميع، خاصة إن لم يكونوا علي خلق وذات تربية دينية صحيحة. ظاهرة «الأنثى الرجل»: تتحول المرأة من أنثى تمارس دور الزوجة والأم إلي «المرأة الرجل».. وتنجرف في دوامة الأمومة والأبوة دون أن تعرف كنهها وتتنازل عن كثير من حريتها الشخصية كالتعليم - العمل - الحياة الاجتماعية - الرسالة الحياتية.. الخ. تحول الرجل إلى مجرد بنك بالنسبة للأسرة: غالبا ما ينسى الرجل أو يتناسى دوره التربوي القيادي للأسرة وهو بعيد، معتقداً أن المال الذي يرسله لأسرته كافيا لحياتهم النفسية والاجتماعية.. غافلا عن أن وجوده ولحظة حب وحنان بينه وبين أولاده وزوجته يساوى أكثر بكثير من تلك الأموال التي لا تهب السعادة والاستقرار. إن غياب الأب يحدث تهميش لدوره تجاه أولاده وحتى زوجته، وعند رجوعه إليهم يشعر بالغربة كما يقول أحد الأزواج: «أشعر أنني بالنسبة لأسرتي عبارة عن بنك متحرك». عزوبة قد تدعو لتكوين عائلة أجنبية: معظم الشباب يضطر للزواج من أجنبية للحصول علي جنسية البلد الذي هاجر إليه،وهناك أزواج وآباء تزوجوا لنفس السبب والجميع يعتقد أنه بذلك قد نال ما يصبو إليه.. وأنه بعد ذلك سيقوم بتطليق تلك الأجنبية، فيفاجأ بمشاكل لا حصر لها بسبب قوانين البلد التي تعطي تلك المرأة جميع حقوقها، ولو أصبح لديه أولاد من تلك الزيجة فلا حق له فيهم تحتفظ بهم أمهم.. وربما يعود خاسرا كل سنين العمر. وقد يتزوج بعض الرجال في الغربة نتيجة الحرمان من الدفء العائلي، وفتور المشاعر بينه وبين زوجته علي البعد، وحدوث فجوة كبيرة بينهما نتيجة افتقاد الوصال، خاصة لو لم يكن بينهما اتصال دائم وبينه وبين الأولاد، رغم وجود جميع وسائل الاتصال الإلكترونية والسمعية.. ولكنه بسبب الإهمال من كلاهما، وعدم نزوله لهم بين الوقت والآخر، أو عدم سفر الزوجة له كلما أتيحت الفرصة لها ولأولادهما. ظهور سلوكيات غير سوية لدى الأبناء: تشير الدراسات أن الأطفال غائبي الآباء أظهروا درجة كبيرة من عدم النضج، وكانت العدوانية والانطوائية من سماتهم وأنهم فاقدي الثقة بأنفسهم وبمن حولهم ويتعثرون في دراساتهم وخاصة إذا كانت الأم ليست علي قدر من العلم والثقافة يتيح لها تتبع أولادها علميا وثقافيا واجتماعيا. وتحاول الأم أن تقدم لأولادها مودة وعاطفة أكثر للتعويض بها عن غياب الأب، لكنها ربما تفسد الأولاد بهذا التدليل والحب المبالغ فيه، وغالبا ما تواجه صعوبة في التحكم في سلوك وتربية الأولاد خاصة الذكور في سن المراهقة، فالأب بالنسبة هو مدخله السوي لعالم الرجال. وبعض الأمهات قد تترك الحبل علي الغارب وخاصة للبنات اعتقادا منها أنهن ليسوا بحاجة لرعاية أو رقابة، وغالبا بعض البنات اللاتى افتقدن الحنان والرعاية تعوض هذا الحرمان بالتعلق برجل إما يشبه أباها أو يقترب منه في السن...هل البعد سيقلل من مشاعر المحبة والمودة؟ فعلي كل منهما أن يعطي الآخر الثقة بأن الحب لن يتزعزع وأن الفراق سيزيده قوة وصلابة، وأن الحب الصادق لا ينال منه الزمن ولا الأيام ولا المسافات. الهجرة المبصرة وليس معناها هي عدم هجرة الزوج والأب، وأن غياب الزوج والأب دائما يترك آثارا سلبية فكم من الزوجات تحملن المسئولية.. وربما كن أنجح من الرجال علي قيادة الأسرة، وغلب ذلك علي النساء المتعلمات تعليما عاليا أو لديهن ثقافة كبيرة ودراية بالحياة، وعلي قدر من الصبر والتحمل واليقين بأن هذه رسالة تؤجر عليها.. لكنني أحاول جذب الانتباه إلي خطورة هذا القرار، وأنه يتعين علي الرجل بعد فترة وجيزة إلحاق زوجته وأولاده به طالما تيسر له ذلك. ولا يعتمد علي مقولة أنها فترة وجيزة ويعود، فللأسف معظم الأحيان تكون تلك البداية التي لانهاية لها.. فلابد لجميع الأطراف التأقلم علي ذلك الوضع، فالأم لابد أن تكون في حالة صلح مع نفسها، حتى تستطيع استثمار قدراتها الذاتية، وتُفهم أولادها أن غياب الأب إنما أولا وأخيرا من أجل تحقيق مستوى معيشة أفضل لهم جميعا.. وأنه يضحى من أجلهم، فلا بد أن يتفهم كل منهم ويكون له دور حيوي في غياب الأب.. وأن يجعلوا الأب يعيش مطمئناً، ويواصل سعيه وكدَه دون منغصات، ولا يندم علي هجرته، وأن يتعمق الكل في سبب هذا الغياب، وفي نفس الوقت لا يستمرئ كل فرد هذا الغياب. للأسف كلما حصل الرجل علي المال كلما أراد المزيد.. فلينتبه الجميع حتى لا يضيع العمر كله ويندم الشخص بعد فوات الأوان. وأخيرا أنادى جميع أفراد الأسرة بالرضاء بما قسم الله، فالله تعالي أعلم بما يصلح لكل إنسان، فعن النبي صلي الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه: «وإن من عبادي من لا يصلحه إلا الغنى ولو أفقرته لأفسده ذلك، وإن من عبادي من لا يصلحه إلا الفقر ولو أغنيته لأفسده ذلك» رواه البغوي، ولا يصح أن ننظر إلي ما في أيدي الناس، قال صلي الله عليه وسلم: «إذا نظر أحدكم إلي من فضل عليه في المال والخلق، فلينظر إلي ما هو أسفل منه» رواه البخاري. ولا ينفي ذلك أن الله أمرنا أن نأخذ بالأسباب.. لكن لابد من تقوى الله (ومن يتق الله يجعل له مخرجا*ويرزقه من حيث لا يحتسب)الطلاق:2- 3( فلا تجعلوا المال ينُسيكم أحبائكم وأهلكم.. لا تضيعوا العمر في الجري وراء المال، خذوا منه ما يكفيكم، ويكفي حياة كريمة وعودوا لأولادكم وزوجاتكم..وأوصيكم في هجرتكم بتقوى الله *وتزودوا فإن خير الزاد التقوى).. مع خالص ودي