الديموقراطية في دول العالم الثالث مشكلتها الأساسية أنها تحتاج للتدريب عليها من قبل الفاعلين والمؤثرين فيها (الأحزاب الحاكمة - الأحزاب المعارضة الممثلة في الجهاز النيابي والتشريعي - الأحزاب غير الممثلة في الجهاز النيابي والتشريعي - منظمات المجتمع الأهلي والمدني - الصحافة الموالية للحكومة والصحافة المعارضة للحكومة - والصحافة التي تصنف نفسها بالاستقلال. والسؤال المُلِح الذي يفرض نفسه هل هناك ممارسة صحيحة للديمقراطية في دول العالم الثالث؟ ويتفرع منه سؤال هل تسهم العوامل الداخلية والعوامل الخارجية لهذه الدول في انزال هذه الممارسة في الواقع؟ ويتفرع منه سؤال آخر وهو هل تمارس الأحزاب الحاكمة الديمقراطية بشكل صحيح ومُبرأ من كل عيب؟، وفي نفس الوقت هل تلتزم الأحزاب المعارضة بقواعد اللعبة وتنأى بنفسها عن مزالق تهوي بها الى درك سحيق؟ ما يحدث في مصر وما حدث فيها نتاج طبيعي للتغييب الذي حدث للديمقراطية حيث غابت عنها لسنوات طويلة وحدثت ثورة 52 يناير وبدأت حالة من الخوف المتبادل بين الحكومة والمعارضة وهذه الحالة لأن كليهما ذاق مرارة الحرمان في سنوات خلت من الممارسة الصحيحة للديمقراطية فالحاكمون بإسم الشريعة الدستورية خائفون من الزلازل الشعبية والمعارضون خائفون من البطش وبإسم الشريعة الدستورية والخاسر هم الشعب المصري والمؤيد والمعارض للطرفين. الجيش المصري دخل في حلبة الصراع حيث أرسل رسائل (حمالة أو حب) تبارى المفسرون في تفسيرها فالكل إعتبرها إنقلاب لكنه إنقلاب من نوع خاص وغريب فالجيش عندنا في السودان تدخل ثلاث مرات حينما رأى النظام الديمقراطي يتهاوى وفي تهاويه تصدع في جدر البلاد وتدخل مرتان في اكتوبر وأبريل حيث رأى البلاد على شفا جرف هار.. أما في مصر فالصورة مقلوبة تماماً .. فلأول مرة ينذر قائد الجيش الحكومة وهو جزء منها والرسائل (حمالة الأوجه) معني بها رئيسه الأعلى رئيس الجمهورية إنه انقلاب من نوع جديد وكان الله تعالى في عون مصر وغاية ما أخشاه أن يردد أهلنا مقولة السودانيين (ضيعناك وضعنا وراك ياعبود).