يجهل أبناؤنا تماماً بعض حقب تاريخنا حتى الحديث الذي نحدده بإعلان استقلال السودان(أي والله) وذلك لأن معلوماتهم عن تلك الفترة متواضعة جداً والسبب عدم وجود وثائق أو قل إنعدام الكتابات والإصدارات التي تتطرق الى الفترة من 6591م الى الآن أو أن شئت من ثورة عام 4291م وأبطالها علي عبداللطيف وعبدالفضيل الماظ وهم شهداء أول ثورة سودانية في العهد الحديث وقبلها كانت الثورة المهدية التي كانت بحق عالمية في حروبها ونضالها وملأت بطولاتها الآفاق وهي تنازل أكبر دولتين آنذاك وألحقت الهزيمة بالجيش الغازي.. لقد مرت بالسودان أحداث وتطورات تاريخية مهمة شكلت صورة السودان الحالية ووجدان أهله الى الدور البطولي الذي لعبه الزعيم أسماعيل الازهري وزملاؤه في نيل الاستقلال من دولتي الحكم الثنائي (بريطانيا - مصر) وطالما نحن نسعى للتعريف بأزمنة الحكم والحكومات التي تعاقبت على السودان فلابد من الإشارة الى الفترات بأكملها وبدقة وبتسلسل وبتجرد وبحيادية وشفافية بعيداً عن الانتماءات والتحزب والقبلية والجهوية والعنصرية والتعصب أي أن يكون خالصاً للوطن الواحد. وعلينا أن نقدم سرداً أميناً لتاريخنا الحديث وللحكومات التي تعاقبت على (دسك) الحكم ومنها حكومة الصادق المهدي وعبدالله بك خليل والفريق عبود 8591م ثم ملاحم البطولات الشعبية التي أعقبت ثورة أكتوبر 4691م والانتفاضة الحدث ثم حكومة الأستاذ سر الختم الخليفة وجبهة الهيئات ودورها البطولي ثم تشكيل أول حكومة ديمقراطية برئاسة الصادق المهدي ويشمل التناول والتعريف حكم مايو برئاسة المشير جعفر نميري والمجلس العسكري الانتقالي برئاسة المشير عبدالرحمن محمد حسن سوار الدهب ومجلس الوزراء برئاسة د. الجزولي دفع الله ثم الحكومة الديمقراطية الثانية برئاسة الصادق المهدي الى حكومة الانقاذ بقيادة المشير عمر حسن أحمد البشير في يونيو 9891م ولا ننسى أيضاً سرد وقائع إنفصال جنوب السودان هذا بالنسبة للحكومات وضرورة تناول مجريات أحداثها كما نأمل أن يتجه الاهتمام كذلك للبرلمانات سواء كانت مسمياتها (مجلس الشعب - المجلس الوطني) على أن ينسحب الأمر على المجالس التشريعية بالولايات وكافة التكوينات التشريعية حتى مجلس الولايات ومجلس الوزراء الاتحادي ومجالس الوزراء بالولايات وكافة الأحداث التي يجب رصدها بدقة ورؤية ومراجعة. وحتى يلم الأبناء بتاريخ وأحداث ووقائع تلك الفترات وحقب الحكم نقترح إقامة معرض قومي مصور في موقع بوسط العاصمة يتم تشييده بمواصفات المتاحف العالمية.. نكرر متحف مصور يحكي بالصور الأحداث التاريخية ويضم صور كافة الشخصيات التي ساهمت في نهضة وتطور ونماء بلادنا وأن يتم ذلك عبر حملة استنفار قومية لتجميع الصور والمقتنيات الموجودة بدواوين الدولة أو منازل الزعماء أو المناضلين أو الشهداء أو السياسيين. ولتكن البداية بمكتبة التصوير الفوتوغرافي بوزارة الإعلام التي تضم أرشيفاً مصوراً لكثير من الأحداث وفي آخر زيارة لي خشيت أن يندثر ذلك التراث وتطمس معالمه بفعل الإهمال رغماً عن التحول التقني الذي تشهده مكتبة التصوير بوزارة الإعلام ويمكن تجميع الصور الموجودة والتي تزين صالونات الزعماء وذلك بنسخها وإعادتها لذويها خاصة وأنهم يحتفظون بها (مفاخرين). كما علينا الاتجاه الى التقانات الحديثة في إنتاج الأفلام الوثائقية ونسخ الموجود منها والإهتمام بالكتب والمطبوعات ومؤلفات الزعماء ومذكراتهم وكتب السيرة لمؤلفيها الذين تناولوا تاريخنا ومنهم مكي شبيكة - مندور المهدي على سبيل المثال لقد أعجبت جداً بالمتحف المصور (باديس) والذي يعكس بجلاء الأحداث التاريخية التي شهدتها أثيوبيا عهد الامبراطور هيلا سلاسي (كتاريخ حديث) وضمت بصدق الأحداث والصراعات والحروب والأحداث الدامية وحتى مقتنيات الحروب.. أما زوار المعرض من السكان و(السياح) فقد أنجذبوا بأعداد كبيرة لزيارته وتحلقوا حول مخلفات الحروب من جماجم وأسلحة وصور (مرعبة) لكنها عظة للشعب لنبذ الخلافات.