كان زعيماً للمعارضة إبان آخرالديمقراطيات يتناول القضايا السياسية وأطروحاتها بعمق يتصدى لمشكلات البلاد بحسم يتناول قضايا المواطن بجسارة ويكشف المستور داخل الجهاز التنفيذي، كانت معارضته واعية ووطنية لا يتقمص الوهن ولا الضعف الذي يعتري غيره من ساسة هذا الزمن خاصة داخل المجالس التشريعية حتى أصبح عنواناً ونموذجاً للمعارضة (البناءة) الوطنية المستنيرة الجرئية التي تماثل (أعتى) الدول الديمقراطية خاصة (الغربية) يقف في هيبة وشموخ واعتداد وقوة شخصية وجزالة لغة وخطابة، كان حديثه الذي يدلي به تحت قبة البرلمان هو القول (الفصل) والحجة الدافعة بشد النواب بل بجبرهم بحماسة الى متابعة مرافعاته البرلمانية التي ظلَّ ينتهجها خاصة وأنه ومنذ بداية سيره في شارع السياسة (الخطير) كان متميزاً بوعيه الذي (يفوق) عمره الزمني، لذا كان بحق زعيماً للمعارضة حتى أن اختياره كان بالاجماع لتفرده ومقارعته الحجة بالحجة لعقلانيته بالرغم من صغر سنه آنذاك مقارنة بشيوخ الحركة الإسلامية، أما بالنسبة لوعيه السياسي فقد كان ذلك منذ باكورة انضمامه للحركة الإسلامية لما يتميز به من مقومات نراها في شخصيته القويمة القوية وتهذيبه ودماثة خلقه و(تفقهه) وإلمامه العميق بالنهج الإسلامي، بل وأصبح مرجعاً لكل خلاف فقهي كيف لا وقد تشبع بمبادئ وأصول الدعوة بل وأصبح داعية حتى على النطاق الخارجي وكان استدلاله دوماً بالقرآن والسنة المطهرة ولم نعرف عنه غضب البشر ولا حماقة اللسان ولا الانفعال بردود الأفعال وبمجيء الإنقاذ ظلّ الأستاذ علي عثمان محمد طه خارج سرب الحكم طوال سنواتها الاولى لم (يسعَ) الى منصب بل ظلّ يعمل وراء الكواليس غير طامع في تسنم مواقع الجهاز التنفيذي باغراءته إلاّ أن مشاركاته في إدارة دفة الحكم بالبلاد ظلّت مستمرة من منطلق وضعه السياسي القيادي في حزب المؤتمرالوطني، حيث ظلّ يقوِّم كل إعوجاج داخل مجلس الوزراء وكل من الجهاز التشريعي والسياسي ويشهد له الجميع بمصادماته ومواجهاته الإصلاحية مع كافة المسؤولين بالدولة، ولما أصبح وزيراً للتخطيط الاجتماعي قاد مواجهات وإصلاحات ضخمة للقطاعات التي تتبع للوزارة التي كانت بالنسبة لكبر حجمها (مجلس وزراء مصغر) كما كانت تتميز بامكاناتها المالية الضخمة حسب الميزانية التي (ضختها) لها وزارة المالية بالإضافة الى المواعين المالية التي تتبع لها كالزكاة والأوقاف أكبر مورد مالي وعلى الفور قام بإجراء إصلاحات كبيرة وتغيرات عميقة حول الإنفاق وترشيده وأوجه حرصاً على المال العام وعقد اجتماعات مواجهة مع المسؤولين، ووجّه نقداً حول تنفيذ مصارف الزكاة طالباً أن تكون لمستحقيها وعبر تنفيذ مشروعات تدر دخلاً ثابتاً بتحويل المستحق للزكاة الى منتج لا متسول حفظاً لكرامته وإنسانيته، وكان ذلك التغيير في نهج الزكاة بداية لما يسمى الآن بالتمويل الأصغر الذي قاده بنك السودان وتبعته البنوك الأخرى، كما وجّه نقداً لأسلوب توزيع لحوم الضحايا على الفقراء باعتباره مهيناً بالطريقة التي تتبع، مؤكداً لهم أن طريقة توزيعها لا تخدم الفقراء وأن غالبيتها غير مرئي أو محسوس ولا يصل لمستحقيه مما أغضب بعض المسؤولين. ومن انجازاته الضخمة التي لم يتناولها الإعلام قيادته ورئاسته للجنة العليا للنهضة الزراعية التي وفرت أضخم إمكانات للقطاع الزراعي شملت عملاً غير مسبوق بشق الطرق داخل المشاريع الزراعية التي يصعب الدخول اليها إبان الخريف، حيث كانت شبه معزولة ثم نجاح النهضة الزراعية في توفير أكبر حجم للتمويل والمدخلات الزراعية (أسمدة - آلات - تقاوي.. الخ)، مما انعكس ايجاباً على الزراعة لأول مرة حيث قفز إنتاج الذرة الى 4،4 مليون طن، كما نجح هو كعادته في اختيار معاونيه بتعيين د. عبد الجبار حسين أميناً عاماً للنهضة الزراعية الذي عرف بالنزاهة والديناميكية، تمّ ذلك الانجاز وتحقق بعيداً عن الأضواء وغلفه صمت الأستاذ علي عثمان.. أما بالنسبة للملفات السياسية الساخنة فقد كان هو مهندسها إعتباراً من نيفاشا الى الحركات المسلحة من دارفور - الشرق - النيل الأزرق - بل وكان محل ثقتها لحسمه وقدراته التفاوضية الموضوعية تحيطها هالته القانونية.. إن رجلاً بتلك المواقف والمواصفات من الصعب أن يترجل عن مسيرة الوطن خاصة في ظل ظروف صعبة تحيط بالبلاد من حصار استعماري لتركيعنا لتمسكنا بالنهج القويم (شرع الله) ثم معارضة تكشر عن أنيابها للانفضاض على مكتسباتنا وأحزاب لا زالت تعاني آلام الانقسام وبلد يحتاج لمن يستثمر موارده الكثيرة من زراعة وثروات معدنية وبترولية وينتشله من مسلسل رفع الدعم عن المحروقات واهتزاز موازنته كلما هبت رياح ضعف مواردها وفي وقت يحتاج المواطن (الصابر) لمن يوفر له قوت يومه (البسيط) ويهزم له تجار (الغفلة) وضعف أجهزة الدوله في مواجهتهم لذا نقول للسيد النائب الأول أبعد كل ذلك تترجل.. أتترك مواطنيك في أسوأ حالاتهم وقد عرفوك مصادماً وحاسماً وجاداً..