مع الانتفاضة السبتمبرية التى اطلقها الشعب السودانى والتى قادها الشباب اليافع بمختلف مجموعاته وتوجهاته السياسية التى اجمعت على ضرورة اسقاط سلطة الانقاذ اخذت تلوح فى الافق بوادر وملامح انهيار هذة السلطة ، ويتأكد ذلك من خلال مواجهتها لهذة الهبة الشعبية بأسلوب القمع والاغتيال مما يؤشر الى مدى خوف النظام ورعبه من هذا الحراك الجماهيرى والشبابى ، وفى ظل هذا المخاض السياسى الذى تعيش فيه بلادنا هذة الايام صار تتدفق المعلومات والاسرار الخاصة بتنظيم السلطة القابضة امرا طبيعيا يمكن تتداوله على كافة المستويات ، وفى هذة الجانب فأننا ننوه الى حجم المعلومات والاسرار التى وصلت الينا من مصدر موثوق به من داخل مؤسسات النظام نتيجة للادراك واليقين ان هذا النظام ساقط لامحالة فى ذلك وان استمراره فى ظل الرفض الجماهيرى الواسع له اصبح مشكوكا فيه. لم نجد شبيها لجهاز الامن والمخابرات تاريخيا وحاضرا سوى ذلك الجهاز السرى المسمى بالجستابو والذى اسسه ادولف هتلر فى ماعرف بالعهد النازى فى الفترة التى سبقت الحرب العالمية الثانية حتى يعمل على تثبيت حكمه فى ظل الصراع الدولى المحتدم انذاك ، وجهازنا المعنى والذى عملت الانقاذ على تأسيسه وتكوينه وتوفير الموارد المالية الضخمة له من اجل تطويره وجعله قوة استخبارية ضاربة ليس من اجل حماية الامن القومى السودانى بل من اجل حماية النظام السياسى الذى اسسته بأنقلابها المشئوم فى العام 1989م ، وعلى هذا الاساس فأن الجهاز المعنى اصبح هو السلطة التى تحكم وتدير شئون البلاد بشكل واضح لا لبث فيه واخذ فى التمدد والاتساع الكمى وليس الكيفى حتى يضمن تغطيته لكافة مؤسسات وقطاعات الدولة لاحكام سيطرته مما ادى بروز الفشل والانهيار لتلك المؤسسات فى الاونه الاخيرة ، مانود طرحه اليوم فى هذة الحلقة طبيعة وآليات عمل هذا الجهاز وتكويناته المؤسسية التى يستند عليها ومن يقوم بأدارتها ، لقد اتضح ان عمل الجهاز يقوم على نظام الدوائر المتقاطعة التى يصعب تتبعها واكتشافها من قبل المراقبين والمتابعين له ، وكل دائرة من هذة الدوائر تعمل فى مجالها بشكل منفصل على ان تلتقى مع بقية الدوائر فى النطاق الضيق الذى تمثله القيادة السياسية النافذة والخفية بحيث انها تتوارى عن الانظار وترتبط فيما بينها برباط التنظيم السرى الذى يحكم البلاد ، اما سعادة الفريق اول محمد عطا فماهو سوى واجهه اراقوزية وديكورية (لاتهش ولاتنش ) للجهاز ينحصر دورها فى الظهور الاعلامى فقط اما الشخصيات السياسية والتى تتراى للجميع عبر المناصب التى تتولاها فهى تمثل الجانب التنفيذى الذى يتم توجيهه وتحريكه حسب مقتضيات الظروف والاوضاع . يمكن تصنيف دوائر الجهاز العاملة والنشطة حسب مجال عملها كالاتى: 1/ الدوائر الرسمية: وهذة الدوائر الرسمية تتضمن العديد من الدوائر التى تم تخطيطها حسب الهياكل الادارية المعروفة لعمل الجهاز ، ومن اهمها: دائرة العمليات: وهى تضم القوة العسكرية الضاربة للجهاز وتتلقى تتدريبا عسكريا مكثفا مع توفير درجة عالية من التسليح والعتاد لها وتوفير موارد ماليه ضخمة خاصة بها ، ويتم استخدام هذة القوة فى العمليات العسكرية المباشرة بمبرر انها قوة اسنادية للقوات المسلحة الا ان السبب المباشر لذلك فقدان الثقة فى فرق وكتائب القوات المسلحة والشكوك التى تحوم حول ادائها العسكرى وولائها السياسى ، كما ان هذة القوة يتم استخدامها فى عمليات التأمين للمدن الكبيرة وخاصة العاصمة بأعتبارها محل ثقة ويمكن الوثوق بها دون غيرها من الوحدات العسكرية الاخرى ، كما يتم استخدام هذة القوة فى قمع التظاهرات الشعبية التى تندلع من وقت لاخر ، وهذة القوات تمتلك العديد من المعسكرات المجهزة تجهيزا كاملا لها ، ويشرف على هذة الدائرة حاليا الفريق مطرف صديق ويعاونه فى ذلك على قاقرين (لاعب الهلال السابق والدبلوماسى بوزارة الخارجية) بالاضافة لكل من العميد القلع والعميد ايمن والعميد ايوب النعيم ، كذلك لهذة الدائرة العديد من المستشارين الذين عملوا من قبل بالقوات المسلحة ومنهم العميد ادم سعد . 2/ الدوائر شبه الرسمية: وهى الدوائر التى تقوم بتنفيذ الادوار المطلوبة منها لجهاز الامن والمخابرات تحت مظلة الخدمة المدنية من خلال تلقى التوجيهات من ادارة الجهاز مباشرة ، ويمكننا حصر بعض من هذة الدوائر فى الاتى: دائرة الهيئة العامة للمواصفات والمقاييس ويراسها الفريق عبد الله حسن عيسى دائرة وزارة التخطيط العمرانى – ولاية الخرطوم ويرأسها الفريق الرشيد فقيرى دائرة معتمدية الخرطوم وعلى رأسها العميد عمر نمر دائرة وزارة الزراعة – ولاية الخرطوم وعلى راسها العميد ازهرى خلف الله دائرة النهضة الزراعية وعلى راسها العميد عبد الجبار حسين دائرة وزارة المعادن وعلى راسها العميد كمال عبد اللطيف بالاضافة لمسئوليته عن دائرة الامن الشعبى بالتناوب مع الفريق الرشيد فقيرى دائرة مطار الخرطوم الجديد وعلى راسها اللواء عبد الكريم عبد الله شركة الهدف ويرأسها اللواء ياسر حسن عثمان دائرة شركة النيل الكبرى للبترول والتى يراسها ازهرى ياسبار دائرة خط الانابيب ويراسها اللواء نصر الدين محمد احمد دائرة الهيئة القضائية وهذة الدائرة قد يعف اللسان عن ذكر اعضائها من القضاء الذين خانوا القسم الذى قاموا بتاديته وعملوا على تلويث هذة المهنة بالاضافة للعديد من الدوائر الاخرى التى يصعب حصرها وتعدادها وتتمدد فى كافة الوزارات والشركات الحكومية والقطاع الخاص. 3/ الدوائر التنظيمية الشعبية: وهى الدوائر التى تعمل فى المواقع السكنية والاحياء وتضم فى داخلها العديد من اعضاء مايسمون باللجان الشعبية والتنظيمات الشبابية والنسوية التايعة للمؤتمر الوطنى ، ويتم ايكال العديد من المهام الخاصة لها وغالبا ماتنحصر بجمع المعلومات عن المعارضة ويصرف لهم السلاح بالاضافة لمنحهم المخصصات المالية العالية نظير اعمالهم التى يقومون بها . 4/ دوائر قطاع الاتصالات: وهذة الدوائر تشكل محورا هاما لعمل الجهاز ومن خلالها تتم عمليات التصنت للمكالمات والرصد الاليكترونى لشبكة المعلومات والتشويش ، وقد امتد عمل هذة الدوائر الى خارج حدود السودان من خلال تمدد شركات الاتصال فى بعض الدول الافريقية لتحقيق الاهداف التى تصب فى مصلحة التنظيم الدولى لحركة الاسلام السياسى ، ومن الدول التى تمت تغطيتها بهذة المظلة التنظيمية كل من موريتانيا وتشاد واثيوبيا ، ويمكن تحديد بعض هذة الدوائر فى الاتى : دائرة الهيئة القومية للاتصالات ويراسها اللواء مبارك محمد احمد وهو ضابط بجهاز الامن والمخابرات منذ قيام الانقاذ ، وهذة الدائرة يقع عليها عبْ القيام بالمهام الاساسية المطلوبة من قطاع الاتصالات وترتبط مباشرة بالتنظيم الدولى لمايعرف بالاخوان المسلمين . دائرة شركة سودانى للاتصالات وهى الوليد الشرعى لشركة سوداتل المملوكة للنظام وكان يراسها فى السابق اللواء عماد حسين والذى سبق وان عمل مع مبارك محمد احمد وجمال زنقان الذى كان يتولى ادارة التصنيع الحربى دائرة شركة زين للاتصالات والتى يراسها الفريق الفاتح عروة والذى يعرف عنه صلاته التنظيمية بحركة الاسلام السياسى مع احترافه لمهنة التجسس والتخابر مما جعله على رأس هذة الدائرة هذا مايعرف عن دوائر عمل جهاز الامن والمخابرات والتى تعمل مجتمعة على تثبيت اركان هذا النظام والحيلولة دون سقوطه لارتباطها التنظيمى بما يسمى بحركة الاسلام السياسى باالاضافة لحجم الموارد المالية الضخمة التى تخصص لها دون المؤسسات العسكرية الاخرى مما يجعلها تبذل قصارى جهدها لافشال اى حراك سياسى او شعبى او عسكرى يستهدف اسقاط هذا النظام. سوف نوالى النشر فى كل مايتعلق بحقائق واسرار هذا الجستابو المتأسلم والذى لاهم ولا عمل له سوى تأمين هذا النظام ، وسوف نتناول فى حلقتنا القادمة حقائق واسرار متعلقة بجانب القوات المسلحة ومايدور فيها من صراعات داخلية ومن هو الذى يقوم بأدارتها وتوجيهها رغم عدم انتسابه لها . ادريس عبد المحمود الطيب [email protected]