ضجت وسائل الاعلام العالمية الشهور الماضية بنشاط عسكري لمجموعة إسلامية متطرفة تسمي نفسها (داعش) الدولة الاسلامية في الشام والعراق، وقبل يومين وسعت تلك الجماعة نطاق دولتها الاسلامية وأعلنت السودان جزء من دولة الخلافة، ونشرت عبر مواقع الانترنت صورة تحوي جواز سفر بشعار دولة الخلافة. ولطبيعة المنطقة التي تقاتل فيها الجماعة الجهادية المعروفة بالصراع الطائفي والمذهبي لم يكن الأمر مستغرباً في البداية، فالأوضاع المضطربة في سوريا وحربها الطويلة ذات الطابع العقائدي كان من الطبيعي أن تفرز مثل هذه الجماعات، وعندما انفرط العقد في العراق الجارة الاستراتيجية لسوريا كان تمدد نشاط (داعش) العسكري إلى هناك ايضاً أمر غير مستغرب، خاصة وأن العراق يعيش حالة صراع طائفي ومذهبي منذ عقود طويلة وأن تفجر بعد سقوط نظام صدام حسين، وجدت هذه الجماعة كل الأجواء مواتية لتحقيق انتصارات عسكرية على الارض بفرضيات أن انتصاراتهم تلك ستكون خاتمتها إقامة دولة الخلافة الاسلامية بمنهجها القديم على أرض العراق والشام، ولكن هنا يكمن سؤال في تقديري أغفل في خضم تصاعد الأحداث، من المستفيد من نشاط (داعش) في المنطقة المضطربة؟؟، من يدعمها بالمال والعتاد والرجال؟؟، ولماذا ظهرت في هذا التوقيت بالذات؟؟ في التاسع من أبريل عام 2011م بثت قنوات فضائية اخبارية تسجيل صوتي منسوب ل(أبي بكر البغدادي) أحد قادة تنظيم القاعدة، يعلن فيها أن جبهة «النصرة» في سوريا هي امتداد لتنظيم القاعدة و دولة العراق والاسلامية ، وأعلن فيها الغاء اسم دمج اسمي (جبهة النصرة) و(دولة العراق الاسلامية) في جسم واحد جديد سيتولى المهمة على نطاق واسع تحت مسمى «الدولة الاسلامية في العراق والشام»، لم يجد إعلانه حظاً وافراً من الاهتمام الدولي نسبة لكثرة مثل هذه التسجيلات الصوتية بعد مقتل بن لادن، ولكن يبدو أن الأمر كان جاداً هذه المرة وظهرت الجماعة بقوة في المناطق المذكورة أعلاه، واللافت للنظر أن تلك الجماعة تقاتل الجيش الحر في سوريا غافلة عن مقاتلي الاسد، بالرغم من أن أسرة الاسد معروفة بانها إحدى بيوت العلويين في المنطقة، إضافة إلى أن الجيش النظامي مؤدلج بعقيدة حزب البعث اليسارية، إذا .. الوضع الطبيعي أن تتحالف (داعش) مع الجيش الحر المكون من اسلاميين سنة ضد العلويين والبعثيين، ولكن المدهش في الأمر أن ماحدث عكس ذلك، فداعش تقاتل الجيش الحر أي تضعفه لصالح جيش النظام السوري مما يقطع الشك باليقين بأن داعش هذه تعمل لصالح مراكز قوى تساند النظام السوري وهي التي تمدها بالسلاح والعتاد والأموال.