اسم البنك يشير بوضوح الى الاهداف والمهام التي من اجلها انشيء وهو قطاع الثروة الحيوانية الذي يمثل الذراع الآخر للزراعة بعد ذراعها النباتي، يأتي الحيوان الذي يمثل ثروة قومية كبيرة يتميز بها السودان دون غيره من الدول المحيطة بنا.. السودان الذي يملك اكثر ثروة حيوانية في المنطقة العربية والافريقية والذي يمثل مواردَ مهمة لعدد من الدول العربية وعلى رأسها مصر والسعودية فيما يخص صادرات اللحوم السودانية رغم هذه السمعة وتلك الامكانيات في مجال الثروة، إلا انه للاسف لم يستفد منها بالقدر المطلوب، وذلك لأنه كثيراً ما يصدِّر اللحوم في شكل خراف حية لضعف الامكانيات او عدم توظيفها توظيفاً سليماً، الامر الذي يفقده الكثير من مخلفات هذه الثروة في حالة ذبحها وتصنيعها، وهذا هو واحد من المهام الاساسية التي يجب أن يقوم بها بنك الثروة الحيوانية بالتنسيق مع وزارة الصناعة، الامر الذي لم يحدث في الندوة الشهيرة التي نظمتها كلية الطب البيطري بجامعة الخرطوم بمناسبة يوبيلها الماسي. تحدث الاقتصادي المرموق عبدالرحيم حمدي وزير المالية الاسبق عن اهمية الثروة الحيوانية كواحدة من دعامات الاقتصاد السوداني واجرى مقارنة بينها وبين البترول الذي انسى الحكومة والقائمين على امر الاقتصاد في السودان عندما بدأ استغلاله بالفعل في بداية هذه الالفية انساهم الاهتمام بالزراعة وبالثروة الحيوانية وحدث ما حدث من تدهور لشيخ المشاريع الزراعية في السودان، وهانحن نرى انحسار مساهمة الثروة الحيوانية في الاقتصاد السوداني ليس بسبب قلتها ولكن للاسف بسبب «نقص القادرين على التمام» من علماء زراعة وبيطرة يملئون كل الآفاق بسمعتهم العلمية وبدورهم الرائد، إلا في ترقية صادراتنا الحيوانية او الاستفادة منها بالقدر المطلوب، وهذا مما يؤسف له.. فقد اكد عبدالرحيم حمدي أن الثروة الحيوانية اكثر عائداً وأقل تكلفة وأكثر استمراراً وتمثل معيناً لا ينضب مقارنة بالبترول ومع ذلك اهملت.. ولكن حمدي رغم تعاطفه مع الثروة الحيوانية وبهذا الشكل لم يفرد لها من الميزانيات عندما كان مسؤولاً عن مال الدولة ما يجعلها تنطلق كمؤسسات وتأخذ مكانها الطبيعي في الثروة الحيوانية.. في تقديري أنه من أجل ترقية الثروة الحيوانية والاهتمام بها وترقية الصادر منها والاتجاه الى التصنيع بدلاً عن تصدير اللحوم الحية وغيرها مما من شأنه أن يجعل الثروة الحيوانية في وضعها المطلوب في خارطة الاقتصاد السوداني ثم انشاء وتأسيس بنك الثروة الحيوانية وبعد سنوات عديدة من عمره كان لابد أن يطرح هذا السؤال.. هل ادى البنك الدور الذي قام من اجله؟ وهل حقق الاهداف المنصوص عليها في قانون تأسيسه تجاه الثروة الحيوانية؟ للاسف ما طفح في الاعلام خلال اليومين الماضيين وما اثاره اعضاء البرلمان من قضايا تخص تقاعس البنك عن القيام بدوره والخسارة التي تعرض اليها وتدخل بنك السودان لانقاذه وبعض الاتهامات التي طالت وزير المالية بأنه منحاز لمدير البنك رغم فشله في ادارة اقتصاد البنك بالشكل المطلوب كلها من الموضوعات التي تستوجب التحقيق والمساءلة ومن ثم المحاسبة على كل من يثبت تقصيره عن اداء واجبه او ارتكابه مخالفات اياً كانت مالية او ادارية.. خسائر البنك التي اسماها رئيس مجلس الادارة تخفيفاً تعثر قد كانت في حدود مائة ثمانية وخمسين مليار جنيه «851» مليار جنيه تقلصت الي«85 مليار» يعني ما زال البنك مطالباً بتسديد ديون عليه تبلغ 85 ملياراً من الجنيهات، الامر الذي جعل بنك السودان يتدخل لانقاذه ودفع قيمة 55% من اسهمه، اصبحت ملكاً لبنك السودان..اذا كان البنك يعاني من مشاكل مالية وادارية وديون متراكمة وعجز عن تمويل المشروعات التي لها صلة بترقية الثروة الحيوانية وترقية الصادرات فما جدوى وجوده الآن؟ ولماذا كل هذا الصرف المالي والاداري والمخصصات على مؤسسة خاسرة او عاجزة عن القيام بدورها؟ لابد من كشف الحقائق ومواجهتها والعمل على علاجها حتي إن كان ذلك بتصفية البنك نفسه ومحاسبة من تسببوا في ذلك.