مهما حاولنا التمسك بعاداتنا وقيمنا الجميلة التي ورثناها من جيل إلى آخر، إلا أن متغيرات الحياة وما جاءت به العولمة وكل التكنولوجيا الحديثة، أثر على مجرى حياة الناس وغيرها، وتبعاً لذلك تغيرت الكثير من الأشياء التي تعتبر أساس العلاقات الإنسانية، وتعمق معنى الترابط الأسري وامتداده، فتتوارث الأجيال كل القيم النبيلة، جيلاً بعد جيل، ولكن هناك الكثير من الظواهر المؤلمة التي أصبحت سائدة في المجتمع السوداني، منها عدم قبول الأقارب للزيارة، سواء أكان ذلك في الزارات القصيرة أو الطويلة، فنجد أغلب الأسر تتضايق من الخال أو العم أو بنت الخالة أو غيره ممن لهم صلة لصيقة بك، فهل أقرب الصلات الأسرية في المجتمع أصبحت جافة؟، وهل زيارات الأقارب أصبحت غير مقبولة في ظل الجفاء بين الأهل؟ أحمد فاروق يقول: لا ننكر الجفاء والقطيعة التي أصبحت موجودة بين الأهل والأقارب الآن في المجتمع، فبعض الأهل أصبحوا لا يتقبلون زيارة أي أحد من أسرهم، وان كان خال أو عم أو ابن أخت أو أخ أو عمة أو غيره، فيحس ذلك الزائر بضيق أهله من زيارته، وكأنه يزور أشخاص غرباء عنه، لا يمتون له بصلة، وليس بينه وبينهم أية علاقة أسرية وصلة رحم، حتى وإن كانت زيارتك في فترات متقطعة، يشعرونك بأنك ضيف ثقيل على قلوبهم، وغير مرغوب في وجوده، فماذا أصاب المجتمع؟ .. هل هي الضغوط المعيشية التي أثرت على العلاقات الأسرية بين الأهل؟ .. فقلت الزيارات، واتسعت دائرة الجفوة، لذا أصبحت الزيارات تقيّم بأنها غريبة لا معنى لها، والكثيرون يقولون:(نحن الناس ديل ما بنمشي ليهم الجابهم لينا شنو؟)، وقد يكون هذا الحديث عن ابن العم أو الخال أو العمة، وهكذا، فحقاً تغير المجتمع، وتفكت علاقته الأسرية، وبدأت تذوب شيئاً فشيئاً سلمي عبدالله تؤكد: الملاحَظ في المجتمع الآن، أن الأسر أصبحت لا تتقبل أي شخص زائر من الأهل، خصوصاً إذا جاء من بعيد، وفي نيته الإقامة لفترة، وإن كانت قصيرة، فإنه غير مقبول، مهما كانت صلته بالأسرة، والبعض وصل لدرجة أن لا يتقبل الأخ أخاه، أو الأخت أختها، ويتضايقون من زياراتهم، وقد يشعرونك بذلك، فتخرج آسفاً على صلة الرحم التي ضاع معناها وقيمتها مع تطور الحياة وتغيّر الناس. الأستاذة/ سلافة علي - باحثة اجتماعية - تضيف: انشغال الناس، والضغوط التي يعيشونها، جعلتهم لا يطيقون تحمل أية مسؤولية زائدة يمكن أن تسبب لهم عبء، وإن كانت زيارة عابرة من الأقارب، وأغلب الناس في المجتمع الآن ينقطعون عن التواصل الاجتماعي، سواء أكان بسبب عدم رغبتهم في زيارة الأقارب لهم، أو بسبب عدم رغبتهم في رد الزيارة، أو التفكك الاجتماعي الذي بدأ يجعل الناس لا تتقابل إلا في المناسبات مجرد لحظات فقط.