في إطار حملات الحكومات المتعاقبة في التخلص من المدارس الثانوية الكبيرة الداخلية.. فقد تحولت مدرسة وادي سيدنا الثانوية إلى مطار حربي كان ذلك في عهد النميري.. ثم جاءت الانقاذ فحولت مدرسة حنتوب الثانوية إلى كلية التربية.. تتبع جامعة الجزيرة.. وقد تم تحويل مدرسة خور طقت الثانوية لجامعة كردفان.. وفي الواقع فان كثير من المدارس الثانوية الكبيرة قد تم ترفيعها إلى جامعات بعد إجراء تعديلات طفيفة في الفصول لتصلح قاعات للمحاضرات جرى ذلك في الفاشر - كوستي - بورسودان وغيرها من المدن.. وقد تحولت كل معاهد التربية بالسودان إلى كليات جامعية للتربية وهكذا أصبحت لدينا أكثر من ثلاثين كلية للتربية تحول بعضها إلى كليات جامعية لاعداد معلمي مرحلة الأساس بينما بقى الباقي على حاله لاعداد معلمي المرحلة الثانوية.. ولكن هل تستطيع وزارة التربية والتعليم استيعاب كل تلك الأعداد المقدرة من هؤلاء الخريجين من مدارسها؟ وهل هي في حاجة ماسة لكل تلك الأعداد التي تتزايد عاماً بعد عام؟ وهل يمكن توجيه بعض تلك الأعداد لسوق العمل الخارجي في دول الجوار او دول الخليج مثلا؟ وهل تحتاج دول الخليج الآن إلى معلمين يقومون بسد النقص في مدارسها الابتدائية أو الثانوية؟ وإذا لم تكن سوق العمل الخارجي في حاجة لأي خريجي كليات التربية.. فمن المؤكد اننا سنتسائل أين تذهب تلك الأعداد من الخريجين وهل سيتحولون بسبب - العطالة- إلى سائقي درداقات أو ركشات أو أمجادات؟ وهل تحتاج تلك المهن إلى مؤهلات جامعية ليصل فيها أبناءنا؟ وهل هناك تنسيق بين وزارة التربية والتعليم العام بالخرطوم ووزارة التعليم العالي بالجامعات على مراعاة النقص في معلمي المدارس الثانوية في تخصصات بعينها لتتم الإستجابة لها في كليات التربية بالجامعات أم أن الكل يعمل على هواه وبدون تنسيق وأن الجامعات في وادي والتعليم العام في وادي آخر..؟! تكاد وزارة التربية والتعليم تفتقد الآن إلى تحصصات أصبحت نادرة في مدارسنا فانك لن تجد مهما بحثت ولو عن طريق الشرطة عن معلمين لمادة الفنون.. لقد اختفى الجيل القديم من هؤلاء المحاربين وتمت إحالة الاحياء منهم إلى المعاش الإجباري لبلوغ السن القانوني.. اما البقية القليلة التي تتخرج من كلية الفنون الجميلة والتطبيقية بجامعة السودان فانها تذهب مباشرة إلى أسواق العمل في الخليج حيث تتلقفهم سريعاً تلك الاسواق فهي عملة نادرة أصبحت غير موجودة في أسواق العمل حالياً. ولن تجد ايضاً في مدارسنا معلمين للتربية البدنية وقد كانت الوزارة تستعين بالمعلمين المصريين لتلك المادة في فترة الثمانينيات من القرن الماضي.. وقد أصبحت مدراسنا تفتقد معلمي تلك المادة كما افتقدت معلمي التربية الفنية.. ولا يوجد بمدراسنا ايضاً معلمين للموسيقى وقد كان يتم اسيتعابهم من سلاح الموسيقى بعد إنتهاء فترة عملهم بالجيش. كذلك افتقدت مدارسنا جرعات التدريب العسكري (الكديت) وأصبح أمر تدريب هؤلاء الطلاب هو بضع أسابيع يمضونها في برنامج (عزة السودان) وهي لا تعطي الجرعة العسكرية الكافية لطلابنا لمواجهة التحديات التي تواجه السودان اليوم. لماذا لا يتم تحويل بعض كليات التربية الحالية بحيث تمد سوق العمل بالسودان وبدول الخليج بتخصصات أصبحت غير موجودة عندنا الآن؟ لماذا لا تتحول بعض تلك الكليات إلى كليات التربية الفنية والرياضية والموسيقى والدراما بحيث يتم استعياب تلك الأعداد الهائلة من الخريجين فوراً في تلك التخصصات التي أصبحت غير متوفرة لدينا الآن. هل تطمع أن يتم تحويل بعض كليات التربية وقد كثرت أعداد خريجيها وبدون عمل إلى تخصصات أخرى كما ذكرنا يمكن الإستفادة منها؟