في الثلاثين من يونيو المنصرم, شهد شمال الوادي في العاصمة القاهرة لحظة تاريخية علي الاطلاق, لم ترَ مصر مثلها علي مدي تاريخها المنظور, ستكون عالقة بذاكرة الشعب المصري الشقيق خاصة والشعب العربي عامة طولاً, وسيذكرها المتطلعون للحرية بكل فخر واعتزاز كلما اجتر ذكرها في في احاديث الديمقراطية وحق الانسان في الحياة الكريمة. لحظة كانت اكثر ضياءا وجسدت ارادة شعب دفع الكثير من اجل ان يشهد عبرها تسليم السلطة لرئيس منتخب جاء من عامة الشعب دون اي قوة دفع عسكرية او طبقية, تقذف به لسدة الرئاسة فوق رغبة اصحاب الحق, في الثلاثين من يونيو اعتلي الرئيس الشرعي (محمد مرسي ) مقاليد الحكم لاكبر دولة عربية واكثرها تاثيرا علي حياة الانسان العربي في معظم تفاصيلها, واجه الرئيس الجديد الكثير من الصعاب والمضبات القانوية للحيلولة دون وصوله السلس للسلطة, في محاولة للحد من سلطاته التي كفلها القانون, صعاب قادها العسكر في ظل العداء المستحكم بينهم والمدنين علي مدار حكم مصر الوطني المستقل, ولكن براغماتية التنظيم وحنكة الرئيس الجديد فوتت الظرف لمقتنصيه, وجاءت الاحداث كما اراد صانعيها عمالقة التغير . المفارقة التأريخية ان الثلاثين من يونيو نفسه, كان ميعادا تاريخيا لقبض السلطة في السودان من قبل الاسلامين, نظائر اصحاب الفكر الاول في العالم اسلاميو مصر, مع اعتبار الفارق الكبير في طريقة وادوات الاعتلاء السلطوي في كلي البلدين الجارين, حيث تظهر جلياً الاناة والصبر والنضوج الفكري والاستفادة من التجارب واحترام القانون. فعبر هذه المعاني وصلوا رغم طول المسار ويمكنهم العودة كلما انتهي استحقاق وبدأ اخر, فهم لم يتركوا وراءهم الا خطي ثابتة ونضال من اجل الحقوق, اكسبهم تقدير الجميع ولا احد يستطيع ان يمسك عليهم شئ, الا تهمة الاسلام السياسي وهذه فضفاضة كلنا ننتظر وصف اكثر دقة لنحدد منها المواقف. اما علي الطرف المقابل في السودان كان الاستعجال وغاية السلطة سمة بارزة لم تخطئها العين. قبل ثلاثين يونيو89 كان ترتيب الاسلامين في البرلمان السوداني المنتخب الحزب الثالث بعد الامة والاتحادي, مما اعتبر حزباً صاعدا بقوة ويمكن ان يحقق مكاسب جماهيرية اكبر في ظرف اقل مما يتوقع الكثيرون, انطلاقاً من توجهاته الاسلامية التي توافق امذجة وتوجهات المتدينين في السودان, الا ان ما اتيح له من فرصة تحالف مع العسكريين لم تتاح للنظرائه في مصر بحكم توجهات ووسائل وواجبات ثقافة كل طرف. فرصة سوت له الطريق واختصر بها الزمن وجاء للسلطة عبر النافذة مع ان كان الباب مشرعاً اذا ما نظر عرافيه بعمق لمسار مستقبل الاحداث,فرصة تحالف وصفها الخبراء بأنها لا يمكن ان تحدث الا في ظرف مقتضيات تلك الفترة التي تقاطعت غاياتها واجتمعت وسائلها, لتتناثر نتائجها في غمرة تجاذب عنيف وصف بالمفاصلة, بعدها استأثر العسكر بالسلطة وتواري بعض المدنيون عن المشهد . مر عيد ثورة الانقاذ في السودان في الثلاثين من يونيو ايضاً دون احتفال, وما انظنها الاولي التي تهمل فيها ذكري كانت محل اهتمام لعقدين تري لماذا؟ معرفة الاسباب قد تعطي دلائل تمكن من القرءاة الصحيحة لمجريات الاحداث المتصاعدة الان. اما ان المراحل الكثيرة التي مرت بها الانقاذ في حكمها للسودان حورت معني الانقاذ, وادخلت مفردات كثيرة من هنا وهنالك جاءت باسم اخر كحكومة الوحدة الوطنية مثلا, وما بات للانقاذ وجود بالتالي لا معني لاحتفال في انعدام المحتفي به . [email protected]