[email protected] ٭ حدثت في البلاد خلال الثلاثة عقود الماضية في الفترة من 8591م 9891م ثلاثة إنقلابات عسكرية نجحت فعلياً في إستلام السلطة هذا خلاف تلك التي تحركت فعلاً ولم تنجح في الوصول إلى الحكم أو تلك التي تم وأدها في المهد قبل التحرك الفعلي. ٭ إستمر الإنقلاب الأول والذي قاده الفريق ابراهيم عبود في أواخر العالم 8591م فترة 6 أعوام والثاني الذي قاده العقيد جعفر نميري منتصف العام 9691م فترة61 عاماً اما الأخير والذي قاده العميد عمر البشير أواخر يونيو 9891م فهو يكاد يكمل ربع قرن من الزمان. ٭ كان تحرك قادة تلك الإنقلابات العسكرية بإيعاز من السياسيين قادة الأحزاب يقال إن عبد الله خليل وهو أميرلاي سابق في الجيش ووزير للدفاع ورئيس للوزراء قد إقترح او «أمر» القائد العام للجيش الفريق ابراهيم عبود التحرك لإستلام السلطة حسماً لصراع سياسي بين حزب الأمة والوطني الإتحادي ، وقد كان متوقعاً في جلسة البرلمان في 71/11/8591م «يوم الإنقلاب العسكري» أن يتم طرح الثقة بالحكومة لإسقاطها «حكومة السيدين» وتكوين حكومة جديدة من الوطني الإتحادي وحزب الشعب الديمقراطي، وقد إستبق حزب الأمة ذلك الإجراء المتوقع فقام بتسليم السلطة للعسكر. ٭ اما تحرك العقيد جعفر نميري فقد كان بإيعاز من الحزب الشيوعي السوداني او قوى اليسار جميعها، فبعد حل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان (الجمعية التأسيسية) قام هؤلاء بخطورة إنتقامية فأستولوا على السلطة نكاية بالقوى السياسية التي أطاحت بهم إذ وجد هؤلاء انه لا مجال لهم للمارسة السياسية بعد حل حزبهم وفقدانهم الشرعية الدستورية، فأستولوا على الحكم بعد فترة أربعة أعوام ونصف من الحكم المدني الذي جاء بعد ثورة اكتوبر 4691م. ٭ لقد كان تحرك العميد عمر البشير بإيعاز من الجبهة الإسلامية القومية التي أطاح بها إئتلاف الإتحادي والأمة فأصبحت خارج الحكم، وقد كانت حسابات هؤلاء انه لا سبيل لهم في الوصول إلى السلطة عن طريق البرلمان، وقد كان متوقعاً إجراء انتخابات برلمانية بعد عام من قيام «الإنقلاب» فكان إستيلاؤهم على السلطة بالقوة العسكرية. دعنا نقول إن تلك الإنقلابات قد جاءت حسماً لصراع سياسي في الساحة السياسية اشتركت فيه أحزاب الأمة- الشيوعي الإسلامي- حسمته عسكرياً لصالحها- الحزب الوحيد الذي لم يشترك في تلك اللعبة كان هو الحزب الإتحادي الديمقراطي. ٭ تشترك تلك الإنقلابات العسكرية الثلاثة انها جاءت نتيجة أوضاع سياسية متأزمة لعبت فيها تلك الأحزاب التي أطاحت بالشرعية الدستورية دوراً مقدراً فقامت بتأجيج الصراع السياسي بإشعال فتيل الأزمات السياسية حتى مرحلة اشعال النار لتقوم تلك الإنقلاب التي جاءت بإطفاء تلك الحرائق التي أشعلتها الأحزاب السياسية. ٭ وجدت تلك الإنقلابات في بداية عهدها تأييداً جماهيراً مقبولاً إذ أن الجماهير قد سئمت من الأوضاع السياسية المأزومة في فترات الديمقراطية الثالث قصيرة الزمن إذ أن تلك الأحزاب لم تحترم قواعد اللعبة الديمقراطية فكانت المناورات الحزبية ولبطء في إتخاذ القرارات عدم الإلتفات إلى البرامج التي أوصلتهم إلى السلطة عدم الجدية في إنفاذ أي برامج تنموية عدم القيام بأية إجراءات سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية لتغيير وجه الحياة بعد وصولهم إلى الحكم تجعل الجماهير تقدم على فقدانهم للسلطة بل أن المناورات السياسية بين تلك الأحزاب جعل الجماهير تكفر بالديمقراطية وتتمنى وصول سلطة عسكرية قوية تعيد الإستقرار السياسي للبلاد بعد فوضى الفترات الحزبية.