بعد تعريب المناهج الجامعية حتى العلمية منها في بواكير عهد حكومة الإنقاذ ثار جدل كثيف بين الناس بين مؤيد ورافض ومادح وقادح وكل طرف كان يدفع بين يدي الأخر حجته مهما كانت درجة صحتها وقربها من المعقولية ولازال الرافضون لهذه الفكرة يقولون انها أضعفت التحصيل الأكاديمي وتميز الخريج وتجويده لمجال دراسته ,جامعة ام درمان الإسلامية دفعت بمقترح جديد ربما يثير غضب التيارات العلمانية اذ طرحت في بحر هذه الإسبوع فكرة تأصيل مناهج العلوم السياسية في مؤتمر مشهود حشدت له المفكرين والأكاديميين الاسلاميين بشراكة وتعاون مع المجلس الوطني ممثلاً في لجنة التربية والتعليم والبحث العلمي برئاسة البروفيسور الحبر يوسف نور الدائم انعقد المؤتمر بالقاعة الخضراء بالمجلس الوطني وقدمت فيه عدداً من الأوراق والمحاضرات تجاوزت الأربعة عشر ورقة وجدت كلها حظها من النقاش والتعقيب والمداولات وكان ابرز مقدمي الأوراق دكتور مصطفى عثمان اسماعيل في ورقة بعنوان( فض النزاعات من منظور اسلامي) عقب عليها دكتور اسامة بابكر والبروفيسور حسن الساعوري ورقة بعنوان(مناهج العلوم السياسية بين الأصالة والتأصيل) عقب عليها البروفيسور علي احمد محمد بابكر وورقة (مداخل أسلمة السياسة) قدمها البروفيسور الطيب زين العابدين ) وعقب عليها البروفيسور محمد سر الختم وورقة (التعددية الحزبية في الإسلام) قدمها الدكتور عبد لوهاب عثمان وعقب عليها دكتور ناصر ابوطه واستغرق النقاش حول الأوراق ساعات طويلة امتدت من التاسعة صباحاً الى الخامسة عصرا ًلتنتهي الى التوصيات الختامية . إصلاح داخلي ومجتمعي البروفيسور الطيب زين العابدين القيادي الإسلامي دعا إلي ضرورة الإصلاح الداخلي للمجتمع والدولة وقال انه لايمكن إحداث تغييرجذري بإعتباره مخالفاً لطبيعة البشروالسنن الكونية ولابد من تأصيل السياسة تأصيلاً لايختلف مع مقتضيات العصر لأن الزمن هذا غير زمان الخلافة الراشدة اننا في حاجة لأسلمة المجتمع والإصلاح المتدرج وفق مقاصد الشريعة وتطوير المناهج التعليمية لتتواءم مع المقاصد والحراك الراهن ويجب تفعيل دور البرلمان في الرقابة والقيام بدوره في مكافحة الفساد وإعطائه صلاحيات واسعة في هذا الإتجاه وتغيير المفاهيم المجتمعية تجاه التأصيل. الإقتصاد والتأصيل في ذات الإتجاه ذهب البروفيسور محمد سر الختم أمين الشئون العلمية بالجامعة الإسلامية حيث قال ان العودة الى القرآن الذي جاء لتنظيم حياة الناس ومعاشهم ونزاعاتهم وقضاياهم هي من أهم المتطلبات الراهنة و التمسك بالهدي القرآني فيه الحل لكل مشكلاتنا حتى الإقتصادية ونحن مشكلتنا الان مالية وليست اقتصادية مشكلة تتعلق بإدارة المال والخطط والرقابة والوسائل وليس هناك ازمة اقتصادية نحن نحتاج الى تدبير ورؤية سديدة تتفق مع الأصل والعصر وتحرك طاقاتنا الكامنة فالمعيشة الضنك ليست هي الفقر فقط وانما عدم الشعور بالإطمئنان في حياة الناس والهدي القرآني هو الحل. فض النزاعات وزير الخارجية السابق ووزير الإستثمار الحالي الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل استثمر الفرصة التي اتيحت له بالحديث عن النزاعات وهي التي تؤثر بشكل مباشر على ملفه الحالي في الإستثمار وملفه السابق في الخارجية ولذلك جاءت ورقته عن فض النزاعات من منظور اسلامي حيث أجتهد في توصيل رسالة من خلالها يؤكد على أن الإسلام والقرآن لم يتركا باباً للمنازعات لم يوجدا له حلول وقال ان مصادر التشريع الرئيسية من كتاب وسنة وسيرة نبوية اهتمت بفض النزاعات ووضعت لها حلولاً وعلينا الإهتمام بهذه المصادر الشرعية التي هي جزء من تكاليفنا بالإحتكام للكتاب والسنة ولعل مايستحق ان نقف عنده ونلفت نظر الناس له ان الغرب وطوال تجربته الانسانية والقانونية الدولية لم يأتي بحلول مثل التي اتى بها الإسلام. العودة للقرآن مرشد الأخوان السابق الشيخ البروفيسور الحبر يوسف نور الدائم ورئيس لجنة التربية والتعليم والبحث العلمي بالمجلس الوطني لم ينسى أن يذكر الناس بأن المطلوب منهم الأن هو الإحتكام الى شرع الله في كل شئ وقال اننا مامؤرين بطاعة ولي الأمر وهناك اجماع من علماء المسلمين بوجوب الامارة وجوباً شرعياً ودعا الحاكمين الى اتباع هدي القرآن. أوامر ونواهي وكان البروف الساعوري قد ذهب في ذات المنحى التأصيلي مؤكداً ان الاصالة السياسية عندنا ليست اجتهاد بل اوامر ونواهي والقرآن يشمل كافة قضايا السياسة والسلطة والثروة وعلينا فقط تدبره وأشار الى ان ورقته التي قدمها بعنوان -مناهج العلوم السياسية بين الأصالة والتأصيل- استغرقت منه عشرة سنوات كاملة في البحث والتنقيب واستجلاء الحقائق من القرآن الكريم ووجد في القرآن الآيات التي فصلت لكي شئ بيانه فيما يتعلق بالسلطة والثروة والحكم ولذلك نحن لسنا في حاجة الى بحث عن مناهج منهجنا يجب أن يكون هو كتاب الله عز وجل . فكرة تأصيل العلوم السياسية ليست جديدة ولكن اقرارها وتنفيذها قد يثير خلافات وتظهر الأصوات الرافضة من العلمانيين الذين يرفضون اسلمة الحياة السياسية والأكاديمية خصوصاً وان الاوراق التي قدمت في المؤتمر قد دعت لأسلمة المعارضة والمجتمع كما قال البروف الطيب زين العادين , الجامعة الإسلامية القت بحجر في البركة الساكنة في انتظار الخطوة القادمة.