إنتقادنا لبعض المسئولين والوزراء ليس تأليفاً ولا حقداً شخصياً ولا تصفية لمعارك سياسية.. لأن القاصي والداني يعرف أننا مع السودان وشعب السودان، ومع الذين ينحازون له .. مشفقين على إستقلاله وإستقراره.. ومن هنا كان موقفنا الواضح من الذين ظلوا يحاربون الوطن من الخارج، ويوقعون على الوثائق التي تدمر السودان في هويته وتريد تحويله الى عراق جديد وأفغانستان أخرى. الدكتور عبد الرحمن الخضر والي الخرطوم أو رئيس جمهورية الخرطوم، أشدنا به مراراً وتكراراً.. ليس لعلاقة أو مصلحة ولكن لإنجازات رأيناها ولمسناها وظل الجميع يشيدون بها (لسنا وحدنا).. هذه واحدة. أما الثانية فهي النقاء والوضوح الذي ظل يتسم به السيد الوالي الخضر، فلم نسمع أن لديه أبراج أو أراضي أو أي نوع من الإستثمارات الخاصة.. لم نسمع أن أخوانه أصبحوا يملكون (شركات ذكية)، على الرغم أن ذلك متاح لرجل يحكم العاصمة، التي تعج بإستثمارات ضخمة من طرق وجسور ومباني ومنشآت هندسية بمليارات الجنيهات. الخضر عفيف اليد واللسان.. نحن نراهن عليه في نقل العاصمة إلى مصاف الرقي والحضارة.. متمنين أن يحج بعض المسئولين الى ولاية الخرطوم، ويطوفوا حولها ويتعلموا كيف يدير الخضر هذه الولاية دون مشاكل، وفي تناغم عجيب جداً مع أصغر موظف وإلى أكبر منصب داخل الولاية. نحن نعلم أيضاً أن وزارة الصحة الولائية، ووزيرها الدكتور مأمون حميدة جزء لايتجزأ من حكومة ولاية الخرطوم، ويترأسه السيد الوالي الخضر المحترم الذي يجبرك أن تحترمه لتواضعه الجم.. ولكن من الطبيعي أن ننتقد أية سياسات نرى أنها لا تخدم المواطن.. وحينما نعبر عن أننا غير راضين ومختلفين مع سياسة الدكتور مأمون حميدة، فإننا نهدف إلى تقديم مساهمة وليس إستهدافاً أو الدخول في معارك شخصية.. ولو كانت لنا نصيحة نريد أن نقدمها للدكتور مأمون حميدة، فهي سنة التدرج .. وألا يستعمل (مشرطه) ويقطع ويفتح (بدون بنج)، حتى لو كان (موضعي).. فللحقل الطبي في السودان، خصوصية و تاريخ وإرث، لكيانات ظل يتردد عليها الناس منذ الإستعمار والى يومنا هذا. إن على الدكتور مأمون حميدة أن يتعامل مع المرضى حسب نفسياتهم وأفكارهم ينفعهم بسياساته، ممهداً درب الرحمة والعناية. كما مطلوب من وزير الصحة أن يفتح حواراً مع منتسبي هذا الحقل.. بإقناعهم بسياساته، أو الإستفادة من آرائهم وخبراتهم.. إن الاجدر أن يقنع بها الذين يعملون معه في الحقل الصحي، بإتباع سياسة مرنة ولطيفة، تجذب ولا تنفر. الوالي الخضر لو أراد أن يغير مجرى نهر النيل وفق خطة وضعتها الولاية، وتم شرحها للناس.. لاقنعهم.. ولكن لو أراد دكتور مأمون حميدة تحويل (صيدلية) أو مركز صحي أو مستشفى من جبل أولياء إلى أبو آدم، فإنه سيصطدم ببعض منتسبي الحقل الطبي ، سيشككون في نواياه، تماماً كما يحدث هذه الأيام في مستشفى ابن عوف . قرأت أن وزارة الصحة أعلنت أنها بصدد إتاحة فرصة ألف وظيفة أطباء في ولاية الخرطوم.. وبما أنني أفهم العقلية التي يفكر بها الجميع.. فإن على الولاية أن تفتح هذه الفرص للجميع ، ولا ينبغي أن تتاح وفق سياسة «التمكين» ، وأن تخرج من حسابات المصالح الضيقة.. وأن تفتح للمنافسة الشريفة. وبيني وبين نفسي قلت (ربنا يكضب الشينة).. وأن تخصص هذه الوظائف للخريجين من الجامعات الحكومية، وأبناء المساكين الذين ينتظرهم أهلهم، وفي أمس الحاجة لحصاد زرعهم الذي غرسوه وسقوه من عرقهم. تخصيص الألف وظيفة لأبنائنا الذين درسوا الطب والصيدلة بالنجاح وبالسهر و (مبيت القوا)، و (شحدة المراجع) واشتراك (سندوتش الفول) وشراب موية المواسير ورقع البناطلين والقمصان وخياطة الشنط والجزمة . هؤلاء هم الذين يستحقون الألف وظيفة. ولنا عودة باذن الله. تقرأ غداً سيدي عبد الحليم المتعافي وزير الزراعة: تعال نتحاكم أمام التاريخ و (الحساب ولد) ..! غداً بالوثائق والمستندات.. إنتظروني