اقل من ثمانية وأربعين ساعة تفصل عن بدء الانتخابات التكميلية لمنصب والي القضارف التي ستجرى عملية الإقتراع عليها في الساعة الثامنة من صباح بعد غد السبت بكافة أنحاء الولاية وتجري هذه الانتخابات وسط حالات متباينة من الرفض والمقاطعة والتأييد والمشاركة حيث نجد أن معظم القوى السياسية فضلت عدم المشاركة في الانتخابات أو الدفع بالمرشحين بينما رأت قوى حكومة الوحدة الوطنية دعم مرشح حزب المؤتمر الوطني باعتباره صاحب المنصب سابقاً فقوى المعارضة رأت مقاطعة الانتخابات وعدم المشاركة فيها بحجة عدم مواتية الظرف لخوض الانتخابات وضرورة إجراء بعض التدابير السياسية والدستورية قبيل الخوض في أي انتخابات جديدة خصوصاً بعد النتيجة التي جاءت مخيبة للآمال للقوى السياسية في الانتخابات السابقة لكن في المقابل هنالك مرشحين فضلوا خوض الانتخابات بهدف التغيير أو إجراء تجارب عملية لرفع حس المواطنين وتنمية سلوكهم الديمقراطي وإمكانية إحداث تغيير بالممارسة السلمية فيما حرص حزب المؤتمر الوطني الحزب الحاكم علي ضرورة إجراء انتخابات لمنصب والي الولاية رغم مطالبة الكثير من أهل الولاية بعدم إجراء انتخابات وتزكية مرشح الحزب الحاكم لكن الوطني تمسك بالانتخابات تأكيداً لالتزامه بالدستور الانتقالي الذي ينص علي اختيار الوالي بالانتخاب المباشر من المواطنين وكانت استقالة والي القضارف السابق كرم الله عباس الشيخ من منصبه في ابريل من العام الماضي قد أثار جدلاً واسعاً لدي الرأي العام.. وتوقع الكثيرون أن يخوض كرم الله الانتخابات كمرشحاً مستقلاً وذلك بسبب خلافاته مع المركز التي دفعته الي الاستقالة إلا أن عباس خيب توقعات وقراءات الكثيرين بعدم تقدمه بالترشيح خارج مظلة حزبه بل اثبت الوالي المستقيل التزام تنظيمي منقطع النظير بحثه بصورة معلنة لمؤيديه ومناصريه بدعم ومساندة مرشح الحزب الأستاذ الضو الماحي ومن المعروف أن الوالي المستقيل كرم الله يتمتع بشعبية واسعة بالمقارنة برصفائه من قيادات الحزب وقادة الأحزاب السياسية الأخرى ويعرف عباس بأنه صاحب شخصية كاريزمية بالولاية وعلي مستوى البلاد بصفة عامة ومن المفارقات أن تجرى انتخابات والي القضارف التكميلية بذات الدستور الانتقالي للولاية لسنة 2005م الممهور بتوقيع كرم الله إبان رئاسته للمجلس التشريعي في ذلك الوقت إذن فمهما يكن من أمر وإلي حين وصول قيادة الدولة والقوى السياسية الأخرى لدستور دائم للبلاد متراضي عليه فان أحكام الدستور القومي الانتقالي ودساتير الولايات الانتقالية ستظل سارية لذلك الحين. ممارسة ديمقراطية وفرصة للتغيير : وتعتبر مرشحة حزب الشرق الديمقراطي الدكتورة أمال إبراهيم انتخابات والي القضارف فرصة حقيقية لإحداث التغيير ليس في ولاية القضارف فحسب بل في جميع شرق السودان. ويري المرشح المستقل تاج السر القاسم في الانتخابات التكميلية لمنصب والي الولاية فرصة حقيقية لترسيخ مبدأ التداول السلمي للسلطة وإنفاذ برامج التغيير ويقول تاج السر انه حتى إذا خسر هذه الجولة من الانتخابات فانه لن ييأس إنما ستكون هذه الجولة تجربة وحافزاً له لخوض الانتخابات في مستقبل الأيام من اجل إنجاح مبادرته وإنفاذ برنامجه. يتعدد المرشحون وصاحب النصيب واحد: ويخوض انتخابات والي القضارف خمسة مرشحين هم (مرشح المؤتمر الوطني الأستاذ الضو الماحي – ومرشح حزب الشرق الديمقراطي – الأستاذة بجامعة القضارف دكتورة أمال إبراهيم – وثلاثة مرشحين مستقلين أبرزهم المرشح تاج السر القاسم الذي يحظي بدعم وتأييد ما يعرف بمبادرة القضارف للخلاص وبعض القوى المعارضة والمرشح المستقل دكتور يوسف إسماعيل الأستاذ بجامعة الخرطوم والمرشح المستقل حسن النور عطية الموظف بإحدى شركات التأمينات) ومن المفارقات أن المرشحين المستقلين الآخرين ترجع جذورهما للاتجاه الإسلامي حيث عرف المرشح دكتور يوسف بصفة خاصة بنشاطاته المتعددة بمنظمات المجتمع المدني وترسيخ المبادئ والقيم الديمقراطية وهو بخوضه لهذه الانتخابات يهدف لترسيخ ذلك ، وبحسب القراءات حول المرشحين فان فرص الفوز لمرشح الوطني تكاد تكون شبه مضمونة بينما تكاد تكون شبه معدومة لدى المرشحين الآخرين وذلك ليس استخفافاً وإنما بحسب القراءات من حيث الثقل الجماهيري والإمكانيات والاستعدادات لكن مع ذلك فقد قدم المرشحون المتنافسون حملة انتخابية قوية وجادة وحرص معظمهم علي إجراء جولات ميدانية شملت معظم المحليات وخاطبوا الجماهير هناك بالميادين والساحات العامة وركز المرشحون المنافسون لمرشح المؤتمر الوطني لوالي القضارف في خطاباتهم السياسية علي انتقادات السياسات الحكومية في مجالات الصحة والتعليم والاقتصاد والرعاية الاجتماعية وقدموا برامج انتخابية لم تختلف بصورة عن برنامج مرشح حزب المؤتمر الوطني وبصفة خاصة في الشعارات والمطالب التنموية ولم يخف المرشحون الأربعة المنافسين لمرشح الوطني إحساسهم بفوز الأخير إلا أنهم اعتبروا خوضهم لهذه الانتخابات تجربة لترسيخ مبادئ التبادل السلمي للسلطة ودرب للتغيير وتمثلت فيهم قناعة المثل السائد (من سار علي الدرب وصل) أي أنهم يسلكون الطريق السلمي كوسيلة للوصول للسلطة. عقبات في طريق المرشحين: وكشف المرشح المستقل تاج السر (للوطن) عن عقبات واجهتهم في خوضهم لهذه الانتخابات تمثلت في ضعف وشح الإمكانيات بالمقارنة بإمكانيات مرشح حزب المؤتمر الوطني الذي يتمتع حزبه بإمكانيات كبيرة وهائلة ويقول تاج السر المؤتمر الوطني صرف مبالغ كبيرة في حملته الانتخابية ونحن لن نستطيع أن نجاريه لشح إمكانياتنا فهو حزب يمتلك الكثير من الشركات والمؤسسات ويري تاج السر بان المنافسة بينهم تعتبر غير عادلة في ظل ضعف الإمكانيات المادية البائنة ويضيف المرشح المستقل أن هنالك عدد مقدر من الوزراء الاتحاديين قدموا لولاية وافتتحوا العديد من المنشآت التنموية في مختلف المجالات الأمر الذي ساعد علي وجود دعاية انتخابية إضافية لمرشح المؤتمر الوطني بيد أن القيادي بالوطني دكتور عوض الجاز وخلال زيارته لمنطقة الرهد وحضوره لافتتاح مشروعات تنموية كبرى في مجالات المياه والكهرباء والصحة في تلك المناطق نفي بصورة قاطعة ارتباط تلك الخدمات بالانتخابات وقال الجاز في مخاطبته اللقاء الجماهيري بالقرية 12 بمنطقة الفاو (نحن نقدم الخدمات للمواطنين والقرى دون النظر لانتماءاتهم السياسية وليس هنالك تمييز في ذلك فالناس سواسية في الحصول علي الخدمات بصرف النظر عن انتماءاتهم). ويري رئيس القطاع الاقتصادي بالمؤتمر الوطني الدكتور موسي بشير موسي إن الزخم الكبير الذي صاحب حملتهم الانتخابية نتج من كونهم حزب كبير وعريض لافتاً الي أنهم قد خاضوا أجواء الحملة الانتخابية بصورة جادة في الدعاية الانتخابية والتعبئة السياسية لدفع عضويتهم وجماهيرهم للتصويت لمرشح الحزب في اليوم المحدد للاقتراع وأشار بان هذه الانتخابات تعتبر تجربة وتمرين بالنسبة لهم لخوض الانتخابات القادمة وقال موسي (نحن كما قال الرئيس البشير جاهزون للانتخابات في أي مكان وأي زمان). التزام دستوري: ويقول رئيس القطاع التنظيمي بالمؤتمر الوطني في حديثه (للوطن) إن هذه الانتخابات هي استحقاق دستوري بحسب الدستور والقانون لذلك فنحن كحزب حاكم واجب علينا أن نطبق هذا القانون ويؤكد التزامهم القاطع بالأسس والمعايير المنظمة للحملة الانتخابية ونفي دكتور موسي استغلال حزبه لموارد الدولة في الانتخابات وأضاف نحن لسنا بحاجة لموارد الدولة فمرشحنا الوالي المكلف الضو الماحي عندما تكون هنالك ندوة أو مخاطبة سياسية يترك عربته ويستقل عربات الحزب برفقة كوادر الحزب ويختتم حديثه بقوله (لسنا في حاجة لعربات الدولة). انسحاب : وكانت انتخابات والي القضارف قد شهدت انسحاب المرشح الأستاذ عبد الهادي إدريس القيادي بحزب المؤتمر الشعبي والمرشح جعفر الشريف والمرشح الأمين عبد اللطيف البدوي القيادي بحزب المؤتمر الوطني الذي تقدم للترشح مستقلاً وقد أثار انسحاب الأخير جدلاً واسعاً للرأي العام بولاية القضارف وسرت شائعات في المدينة أن صفقة سرية قد تمت سحب بموجبها البدوي أوراقه من الترشيح لمنصب الوالي في المدة القانونية المحددة للانسحاب لكن رئيس القطاع التنظيمي بالوطني القضارف دكتور موسي نفي بشدة وجود صفقة سرية بين البدوي والحزب وقال (الأستاذ الأمين عبد اللطيف من القيادات صاحبة الرؤية الثاقبة وهو ليس من الأشخاص الذين يمكن استرضائهم بالمال أو المناصب لأنها لا تضيف إليه شيئاً ونحن لن نسترضي احد ولم نساوم احد بل نرغب في منافسة شرسة وقوية ولدينا كوادر جاهزة وقوية لخوض الانتخابات في أي وقت كما ذكرت). نافع ووضع اللمسات الأخيرة: ووصل الي ولاية القضارف ظهر أمس الدكتور نافع علي نافع نائب رئيس المؤتمر الوطني للشئون السياسية والتنظيمية للوقوف علي الترتيبات النهائية لحزبه لخوض الانتخابات حيث دخل في اجتماعات مكثفة ومتواصلة مع قيادات الحزب واجتمع بالمكتب القيادي لحزبه الذي التأم أمس واستمع لتقرير وتنوير من قيادات حزبه حول مجريات العملية الانتخابية ولولاية القضارف أهمية خاصة لدى الحزب الحاكم لموقعها الاستراتيجي وإمكانياتها ومواردها وما يمكن أن تلعبه من دور في اقتصاد البلاد وعلاقاتها الإستراتيجية والتعاونية وقد أفلح والي القضارف المكلف الضو الماحي مرشح الوطني لمنصب الوالي في الخروج بالولاية لبر الأمان عقب الاستقالة العاصفة للوالي السابق كرم الله ونجح بصورة كبيرة في الحفاظ علي وحدة الحزب وتماسكه وسيطمئن دكتور نافع خلال زيارته للقضارف علي وحدة الحزب وتماسكه وعدم خلافات أو انشقاقات تهدد من مسيرة الحزب الحاكم الولاية المهمة. مراكز الاقتراع استعداد وجاهزية : ويؤكد رئيس اللجنة العليا للانتخابات الأستاذ أمين عريبي استعداد وجاهزية المفوضية القومية للانتخابات لإجراء الاقتراع لانتخابات والي القضارف ويقول عريبي (للوطن) لدينا (265) مركز اقتراع بها عدد (394) لجنة لحوالي (515,501) ناخب ويؤكد عريبي استلام كافة رؤساء المراكز للمعدات والمعينات من استمارات وبطاقات اقتراع وصناديق ويشير عريبي لوجود مراقبة دولية في انتخابات القضارف بمشاركة دول بريطانيا وأمريكا وكندا وروسيا حيث تم تنسيق مشاركتهم عبر سفاراتهم بالإضافة لوجود مراقبة محلية من عدد (5) منظمات محلية هي (منظمة سودانيون بلا حدود وجمعية حماية المستهلك واتحاد المعوقين ومنظمة شروق الثقافية ومنظمة نواعم) ومنوهاً لأهمية المراقبة بالنسبة للمفوضية للوقوف والتأكد من نزاهة العملية الانتخابية وتوضيح الحقائق للمجتمع الدولي والمحلي وأعلن رئيس لجنة الانتخابات بالقضارف عن انتهاء اجل الحملة الانتخابية بالولاية في الساعة الثانية عشر من مساء اليوم بعد أن استمرت لمدة (46) يوماً وحظر عريبي علي المرشحين أو الأحزاب استخدام أي نوع من أنواع الدعاية بعد هذا التاريخ وأعلن عن إجراء عمليات الفرز بحضور وكلاء المرشحين والمراقبين بعد انتهاء عملية الاقتراع مباشرة والتي ستبتدئ في الساعة الثامنة من صباح يوم السبت وتنتهي في السادسة مساءاً حيث تبدأ بعدها عملية الفرز لافتاً لوجود كافة بدائل الإنارة لمراكز الاقتراع التي ستجري بها عملية الفرز وأكد عريبي اتخاذ كافة الإجراءات التحوطية اللازمة لتأمين العملية الانتخابية بولاية القضارف بالتنسيق مع شرطة الولاية والأجهزة ذات الصلة.
