لا تزال مسرحية «النظام يريد» تواصل عروضها اليومية بمسرح قاعة الصداقة في العاصمة السودانية الخرطوم، وقد اختلف بشأنها النقاد بين من يرى أنها عمل «جريء» يلامس الواقع، ومن يعدها شيئا من «مسرح السلطة» الذي يكرس ما هو موجود، غير أنهم يجمعون على أنها أعادت الجمهور السوداني إلى المسرح وصالحته مع الخشبة. وقلما يتجشم السياسيون عناء الذهاب إلى المسرح، غير أن هذه المسرحية جذبت إليها بعضهم، ومنهم رئيس الوزراء الأسبق زعيم حزب الأمة الصادق المهدي، الذي حضر أحد عروضها وعلق قائلا إن لها «مدلولات سياسية واجتماعية صادقة التصوير للواقع، وهو ما جعلها تستحق التجاوب الشعبي». وأضاف أن فيها «تأكيدا على أن السلطة المطلقة إفساد مطلق، وأن الظلم هدام». الكثير من النقاد والمتابعيون يرون أن مسرحية «النظام يريد» أعادت الجمهور السوداني إلى المسرح من جديد بعد غربة طويلة، وعدوا ذلك من أول نجاحاتها، والسر في ذلك في نظرهم أنها اقتحمت الواقع السياسي وحركت في الجمهور شجونا. مصطفى أحمد الخليفة: المسرح لا يصنع ربيعا ولا يغير سلطة أزمة الشعوب تتلخص فكرة المسرحية في رئيس مخلوع وآخر تتناوبه الهواجس والمخاوف من لحظة ستأتي أو اقتربت، لذا يحاول الهروب من تلك اللحظة بالسعي إلى «تغيير شعبه»، وفي ذلك عكس ذكي وساخر من المؤلف لشعار «الشعب يريد»، ذلك الشعار الذي سارت به ركبان الثورات العربية التي أسقطت عدة أنظمة وزلزلت أركان أخرى. مؤلف المسرحية مصطفى أحمد الخليفة يقول للجزيرة نت إن فكرتها تتحدث عن أزمة شعوب المنطقة العربية والأفريقية و»شقائها بحكام أدمنوا كراسي السلطة والحكم وأفسدوا هم وبطانتهم ولم يراعوا أشواق الشعوب ولا رغباتها». ويضيف أنه كان الأجدى لهؤلاء الحكام أن يبحثوا عن تنمية الإنسان والمنطقة بدلا من التمسك بالحكم، مشيرا إلى أن الواقع السوداني «ليس بعيدا عن أزمة السياسة في العالم العربي». جرأة كبيرة لكنه يؤكد في المقابل أن السودان «لا يحتاج في الوقت الحالي لثورة بالمفهوم الكبير»، بل يحتاج «لأن تجلس كل الأحزاب والنظام الحاكم والفصائل المسلحة لصناعة ثورة تحدث التداول السلمي للسلطة وتحترم الرأي الآخر». ويخلص الخليفة إلى أن «المسرح لا يصنع ربيعا ولا يغير سلطة، ولكنه يضع يده على الداء أو الجرح لينير الطريق، ومهمته أن يطرح الأسئلة، لا أن يجيب عليها». المسرحي عبد الرحيم قرني يرى بدوره أن نص هذه المسرحية «يتمتع بجرأة كبيرة، ورغم أنه متخيل فإنه يلامس الواقع الراهن». واعتبر أن المسرحية -التي نقلها إلى الخشبة المخرج أبو بكر الشيخ- «خطوة متقدمة في فتح الأبواب للمبدعين ليمارسوا فنهم دون رقابة. الخوف من الرقابة دعا أيضا الصحفي السوداني عثمان ميرغني إلى أن يكتب في عموده الشهير «حديث المدينة» يستحث الناس لمشاهدة العرض قبل إيقافه ومنعه، وهو ما استبعده بطل المسرحية محمد نعيم سعد. ويقول سعد إن الحكومة «استوعبت بالتجربة أن الفنون لا يمكن أن تحارب»، وإن الدولة «ذكية وليس من مصلحتها منع هذا العرض». السر السيد اعتبر أن المسرحية تعبر عن «مسرح السلطة» مسرح السلطة أما الناقد الدرامي السر السيد فيعتبر أن ما يميز هذه المسرحية هو أنها عادت بجمهور المسرح السوداني بعد غيبة طويلة، وأن نصها «متماسك وله قدرة على الإضحاك». لكنه يرى أيضا أنها تسخر من ثورات الربيع العربي، وتتعامل مع إرادة الشعوب بشيء من «الاستهزاء الفادح» و»تكرس ما هو موجود وتتحدث عن عبثية التغيير»، وهي بالنسبة إليه رغم ما توفر لها من قدرة على الإضحاك، لكنها تعبر عما سماه «مسرح السلطة». وبالنسبة لكثيرين فإن هذه المسرحية قد تكون بداية المصالحة بين المسرح والجمهور في السودان، وقد تكون الخطوة الأولى في تجاوز مرحلة ركود يرون أنها طبعت الساحة الثقافية بالبلاد. فهم يحنون مع هذا النوع من النصوص المسرحية إلى سنوات السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، والتي شهدت ازدهارا كبيرا للحركة المسرحية تشهد عليه أعمال مثل «نبته حبيبتي» و»حصان البياحة» «وسفر الجفا»، قبل أن تليها فترة ركود تميزت ليس فقط بهجرة الجمهور من المسارح، بل بهجرة كثير من المسرحيين السودانيين خارج الوطن. -- فيلم (سودانناحلم الأجيال وبحسب النبذة التعريفية للفيلم في اليوتيوب فإن سوداننا فيلم قصير يهدف لإلهام الجيل الجديد، وذلك استنادا لحديث طارق هلال في إجتماع (تيدكس الخرطوم) ، وقد صُنع ليلهم الشبان السودانيين ويحملهم على التفكير بشكل مختلف عن أنفسهم ومستقبلهم، ولحثهم على الاعتقاد بأن ( المستقبل ليس هو ما سوف يحدث تلقائياً ، ولكنه ما يمكن أن يكون خيارهم وبإمكانهم صناعته). ويحكي فيلم (سوداننا) قصة جيل من الشباب والشابات الذين نشأوا في عالم من الاضطراب والتغيير الكبير، يبدو أن أحلام الجيل القديم قد ضاعت فيه. ويعرض الفيلم وجهة نظر جديدة ، تحاول الاحتفاء بوعد السودان وتدعو الشباب إلى أن (يحلموا حلما جديدا، هو حلم جيلهم). وشاهد الفيلم في يومين فقط من إنزاله أكثر من 19 ألف ، ونال أكثر من ثلاثمائة إعجاب وأكثر من مائة تعليق ، تركز إما على الإشادة بالمجهود والروعة في الفكرة وصوابها وإلهاميتها، أو في المقابل انتقاد اختيار اللغة الإنجليزية للتخاطب. ورأى المنتقدون أن اختيار الإنجليزية يجعل الفيلم نخبوياً لا يخاطب الشباب، كما ركز بعضهم على زي الفتيات في الفيلم. وعلّق آخرون بأن هذه الانتقادات تنصرف عن محتوى الفيلم المؤثر والملهم لجيل الشباب، وتتغاضى عن وجود ترجمة مكتوبة بلهجة سودانية مبسطة في الفيلم. ويذكر أن الشابات والشباب في الفيلم يبدون بسحنات مختلفة، ويرتدون أزياء مختلفة أفرنجي أو تقليدي، والشابات منهن من تضع غطاء الرأس او بدونه ، في رسالة واضحة بأن هذه الفكرة جديرة للاتباع للجميع غض النظر عن موقعهم من التقليدية/ الحداثة، الإسلام/العلمانية، وعن اللون والانتماء العرقي. -- مشاركة ولائية بمهرجان إبداع الطفولة بدأت يوم الجمعةالخرطوم، فعاليات مهرجان إبداع الطفولة، تحت شعار «معاً لنبدع» بندوات تناقش اتفاقيات حقوق الطفل، وتوعية الأطفال في إطار القانون للعام 2010م بمشاركة ولايات السودان، فيما يختتم المهرجان احتفالاته يوم السبت. وقالت أمينة التعليم باتحاد المرأة السودانية، سعاد ديشول، لبرنامج «هذا الصباح» الذي بثته «الشروق» يوم الجمعة، إن المهرجان الذي يشترك فيه أكبر عدد من الأطفال من كل ولايات السودان، هو حصيلة لمسابقات تم فرزها لتأهيلهم محلياً وإقليمياً ودولياً. وذكرت أن الاحتفال سيتم بقاعة الكنداكة، بالاتحاد العام للمرأة السودانية، بتشريف وزير الثقافة والإعلام الاتحادي د. أحمد بلال عثمان. وأشارت إلى أن رسالة المهرجان تأتي من أجل طفولة آمنة تستند إلى قيم الحق والعدل، ولربط التعليم بالثقافة، ومكونات المجتمع، في إطار واحد، يجسد الهوية الجماعية لأطفال السودان. وأكدت سعاد، مشاركة فرق قومية في المهرجان، بالإضافة إلى مشاركة المنظمات الدولية والوطنية، والمؤسسات ذات الصلة بعمل الأطفال. -- الصقر في طيرانه نوال الغانم ليست ولودةً أُمُّ الشاعر، ولدتهُ وأغلقت الباب وراءه، هو ابنها الوحيد، وما بعدهُ محض هراء. هكذا قالت لجارتها التي تضعُ حبلاً في رقبةِ الهواء وتجرُّهُ خلفها مثل جروٍ صغير. تطيرُ الشجرة وتحطُّ فوق قميصة خضراء ومليئة بالعصافيرِ، يطيرُ النهر ويصيرُ خفَّيهِ، يطيرُ الطريق، أَيا هذا المحلِّق اضربْ بجناحيكَ الماء ليُبلِّل مناديلَ الفاتنات. ستندمُ النساء ويَنْدبْنَ حظوظهنَّ، حين يَرَيْنَ الصقر يحملني فوق جناحيه. غزيرةٌ مياهي التي صيَّرتِ الشاعرَ زهرةَ عباد الشمس. أدخلُ وأغلق باب الفراغ ورائي، لا تقرع الباب، الشاعرُ نائمٌ. اذهبْ وتعال بعد أن يكمل قصيدتهُ... لا تَرْمِ الحصا وأنت تتجوَّلُ بين السطورِ، رُبَّ رميةٍ تحطمُ بيضة الشاعر. لا تكثر عليه الأسئلة، طوال الوقت ينقلُ جثتهُ من كتفٍ لأُخرى. إنهُ في خلوةٍ يَجلسُ مع حلمهِ ويتحاوران، إنها المرة الأولى الذي يلتقيه، دعهما يرتشفان القهوة ويهزءان من بَلادةِ الحياة. لا أسمعهما يتبادلان الكلام، إنهما يتبادلان الصمت لغةً ويضحكان. ستندبُ النساء حظوظهنَّ، حين يَرَيْنَني أفتحُ الشاعر مظلَّة وأحتمي بهِ حتماً. سَيَحْسدْنَني، حين يَرَيْنَهُ يخيطُ دمعتهُ ثوباً على مقاسِ جسدي حين يدخلُ في جرار ثيابي ويضيعُ، للحدِّ الذي أعثرُ فيه على نفسي. قالت الجارةُ: رأيتهُ ينفخُ الحجرَ، فترتفعُ الخرائط مثل حمامٍ أبيض يلمُّ زرقة السماء بمناقيره رأيتهُ يمدُّ يدهُ إلى الأرضِ ويضمّها إلى صدرهِ، يطوفُ في شرايينها، ويغطي الحروب بالغبار لكي لا يلتفت أحداً إليها. كان يُلقي القُبَل على المارةِ ويضع باقات الورد على عتبات البيوت، رأيتُ جسدهُ الشفَّاف يلمعُ في الظلام، للحدِّ الذي كنتُ أبصرُ فيه النحل يحطُّ على دمهِ ويمتصُّ الرحيق. كنتُ خائفة عليهِ من السواد أن يرشقه بحجر، فيتشظّى. سأنتحلُ يدكَ مرآةً. وأتركُ النسوةَ يَعْقدنَ ضفائرهنَّ بحبل الفراغ. أتركهنَّ يغزلنَ الدهشة دَرَجاً يتسلَّقنهُ ليصلنَ إليكَ، أيها المشتعل لمسةً بين أصابعي، الحافر بئراً من عسلٍ في ثيابي، اللامع في أساوري، النابض في ساعتي اليدوية الطالع حمامةً من بياض قلبي. رد لأمكَ بهجةَ الأرصفة، قبل أن يُلطِّخها المشاة بدخان سجائرهم. قلْ كلمتكَ، لتضع حداً لتدفق عواء الذئاب في سواد عباءتي. يا طائري المطعون بظلال المكان. يا شارعي القادم من عمق شهقتي. يا ملكي المدجَّج بالينابيع. يا أنتَ. يا صقري المغسول الجناحَين بمخاوفي. خذني وحلِّقْ بي بعيداً. سبعيداً في عمق الكلمة.