مشهد الجموع التركية التي خرجت منددةً بالمذابح التي أرتكبتها القوات الأمنية المصرية في حق المعتصمين في ميداني رابعة العدوية والنهضة والتي تُقدر بمئات الأُلوف، وخاطبها قادة هذه الأحزاب ، وبعض منظمات المجتمع المدني ، وكانت هنالك صلاة الغائب لأروح شهداء هذه المجازر ومخاطبة كل الأحزاب – التي مع الحكومة أو معارضة لها - وجموع هادرة وغاضبة ترفع صورة الرئيس المصري المعزول « الدكتور محمد مرسي « وتردد أبيات الشهيد سيد قطب :: أخي أنت حرٌ وراء السدود ****** أخي أنت حرٌ بتلك القيود إذا كنت بالله مستعصماً ******* فماذا يضيرك كيد العبيد لا شك أن تركيا تُعتبر أكثر دول العالم التي انفعلت ودعمت ثورات الربيع العربي ؛لقناعتها التامة بأن الشعب الحر هو الذي يبني الدولة القوية المتقدمة ، وأن الإسلام الذي هو دين أغلب مواطني تلك الدول وهو يدعو إلي الحرية ويمجد الأحرار ...» متي استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهما أحرارا..». تركيا عانت من النظم الديكتاتورية عقود عديدة ، خصوصاً بعد أن قام مصطفي كمال أتاتورك- قبل حوالي 90 سنة - من إزاحة الخلافة الإسلامية ، وبناء ما سماه «الدولة العلمانية الحديثة» ، التي تأثرت بالنظم السياسية الأوربية ، وأفكار جون لوك ومنتيسكيو ، و جون هوبز ووستمنستر وغيرهم ... وأصبحت فيما بعد القدوة التي اقتدت بها العديد من الأنظمة العربية والإسلامية في الشام وفي مصر والعديد من الدول الإفريقية والآسيوية ؛ لتأثير تركيا الفكري والثقافي والسياسي علي تلك البلدان... وبعد مجئ حزب العدالة والتنمية للسلطة 2002م، والطفرات الإقتصادية والسياسية التي أحدثها في الساحة التركية ؛ وبفضل سياسته الإقتصادية الرشيده ، أصبحت تركيا من أقوي 15 دولة في الاقتصاد علي مستوي العالم وحيث كانت قبل هذا التغيير السياسي في ضعف إقتصادي مريع ..وهذا الحزب صاحب الخلفيات والمنطلقات الفكرية الإسلامية ، والتي أستمدت فكرتها من نبع المفكر التركي « بديع الزمان» سعيد النورسي ، وتلاقت مع حركة الإخوان المسلمين ، في المنهاج الوسطي في الممارسة السياسية ... الكل يذكر الموقف البطولي للزعيم رجب طيب أردغان - رئيس الوزراء التركي إبان الإعتداء الغاشم علي غزة الصامده 2008م ، إبان المؤتمر الذي عُقد في سويسرا ، وكان جاره - الرئيس الإسرائيل بيريز الذي تحدث طويلاً ؛ ليبرر الموقف الإسرائيلي ، وعندما أتت الفرصة لأردغان قاطعة رئيس المؤتمر بحجة الزمن ، فثار في وجهه غاضباً وهو يردد ... لقد أعطيت رئيس إسرائيل فرصة أطول من فرصتي . دعني أندد بالموقف الإسرائيلي الظلوم... ولسان حاله يقول :» هذه قسمة ضيزي لن أقبلها أبدا ..» فانسحب من المؤتمر .. وهو ينظر لعمرو موسي الذي ظل ساكناً وكأن علي راسه الطير « كان وقتها أمين الجامعة العربية « ، هذه الجثة السياسية الهامدة التي أضحت عبء إداري ومالي وفكري ، علي الدول العربية التي كان الهدف من إنشائها جمع الدول العربية تحت مظلةٍ واحدة ، وبناء كيان متضامن ومتكامل إقتصادياً ومتحد سياسياً ، ومتآخي إجتماعياً ، ومتحالف عسكريا ... وكان الموقف التركي من المحارق التي قامت بها قوات الفريق أول عبد الفتاح السيسي قائد الإنقلاب العسكري المصري ، والتي راح ضحيتها آلاف الشهداء والجرحي خلال أيامٍ معدودةٍ ، حيث خرجت تركيا عن بكرة أبيها وكأن هذا الأمر حدث في أنقره ، أو استنابول .. في حين أن هنالك دول عربية وإسلامية عبر ملوكها وأمرائها وشيوخها ورؤسائها يشدون من عضد ويحرضون الإنقلابيين المصريين ، ويتمنون لهم النصر علي الإرهابيين!!!... بربكم إرهابي الذي يقتل الآلاف ويؤيد قتلهم، ويدعم القتلة ، ويغتصب السلطة الشرعية ، ويزج بالشرفاء في السجون ، ويحرق الجثث ، يخطف ويسجن الرئيس الشرعي ، ويفعل مالم يفعله شارون في الفلسطينيين الأبطال ، أم الذي يتظاهر ويعتصم من أجل شرعيةٍ وديموقراطيةٍ أعطاها له الشعب في إنتخابات حرةٍ ونزيهةٍ شهد عليها القاصي والداني ؟؟؟!!! .. «مالكم كيف تحكمون ..»؟؟!!... وقف أردغان أمام الحشود ، وتري في محياه بشريات النصر القادم من أعماق التاريخ ، وهو يردد أمام الجموع الهادرة .... أبشروا إخوتي فى مصر ..»سيأتي موسي ويهزم فرعون «.... تركيا بمواقفها الأخوية هذه تذكرنا بشموخ العالم الإسلامي وريادته في العالم عندما كان في وحدةٍ سياسية واقتصادية يتحدث عنها القاصي والداني .. حتي قال خليفة المسلمين .. هارون الرشيد مخاطباً للسحابة الراحلة ..» أمطري في أي جهةٍ شئتي و سيأتيني خراجُك ..» !! ، ويجرد المعتصم جيشاً من أقاصي الدنيا لنصرة إمرأة أستصرخته من مكانٍ بعيد !!! لما لا ..» والمسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضا ... وكالجسد الواحد إذا اشتكي منه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمي ..» والعديد من المعاني الأخوية... فتركيا بمواقفها هذه تُعيد إلي أذهاننا ذلكم المجد التليد ، والتاريخ الإسلامي البازخ يوم أن كان العالم العربي والإسلامي دولة عملاقة يهابُها الأعادي - مسيرة شهر... وما وصلت تركيا إلي هذا الموقع إلا بعد أن بسطت الحرية والشوري والديموقراطية وودعت حقب الإنقلابات العسكرية العجاف ، التي ما جلبت إلا التخلف والهزائم والفقر والمرض ... فحري ٌ بعالمينا الإسلامي والعربي العكوف علي هذه التجربة والإستفادة منها ؛ فهي قد قادة العالم الإسلامي والعالم أجمع عدة قرون ... فهل يُعيد التاريخ نفسه ؟؟