[email protected] هذه المقولة المروعة لأجيال اليوم والتي ربما تمثل في نظرهم الحقبة المتوحشة المظلمة في تاريخ التعليم أو وسائل التعليم , والتي ربما يطالعها جيل اليوم ويسمع عنها وفي مخيلتهم تدور وحشية الاهالي في ذلك الزمان الغابر حيث كان السيد الوالد هو الذي يطلق عبارة لكم اللحم ولنا العظم كعربون صداقة بينه وبين المعلمين حيث لا يجد التلميذ حينها مفراً من الاقبال علي التحصيل والمثابرة واكتساب السلوك السوي وهو يعلم يقيناً ان السيد الوالد قد اهدر لحمه ووهبه لإنزال اشد انواع العقاب عندما تستدعي الضرورة التي ترك امر تقديرها للمدرسين , وهذه المقولة الوحشية تعد بمثابة اشارة المرور وأداء اليمين ايذاناً ببدء العملية التعليمية لحظة قبول الطلاب في المدارس الابتدائية , ولكن وجب التنويه ان هذه المقولة كانت الوسيلة الانجح عندما كان التعليم تعليماً والأستاذ استاذا ليس تقليلاً من شان اساتذة الحاضر بل اعني عندما كان الاستاذ فعلاً يستحق ان يهبه الاباء لحوم الابناء من حيث التفرغ الكامل لمتابعة الابناء والاهتمام بهم حيث كان المعلم لا تستهويه أو تستخف به اغراءات زيادة الدخل ولم يجور الزمان عليه ولم يشغله هم الاكل والشرب والسكن وقد كان دخله الشهري تتغنى به الحسان وتتمناه السيدات زوجاً لبناتهن وهذا معروف لكل من عاصره وشاهده في ذلك الزمان . انا من الذين اهدر لحمهم ومزق كل ممزق ونثر علي الهواء الطلق حيث كانت المدرسة شبيهة بمسكرات الجيش من حيث الانضباط والتنظيم وكان المعلم له من الهيبة والوقار حد التقديس بحيث انني كنت عندما اصادفه في الشارع العام يتجمد الدم في عروقي وأتصبب عرقاً ,لم نكن حينها نعلم ان الاستاذ هذا كائن بشري عادي يأكل ويشرب ويفرح ويحزن ويشارك في المناسبات العامة ويرقص ويطرب ويحزن ويبكي وذلك من فرط التقدير والاحترام الذي لا يمكن للطالب معه ان يتجرأ علي مجرد التفكير في ادمية الاستاذ . كان لهذا الجو القدسي والهالة المضروبة علي اسوار المدارس من الايجابيات الكثير وأكاد اجزم ان لا احد يستطيع نحت دماغه ليخرج بسلبية واحدة لهذا الاسلوب , فآدمية الاستاذ وأحاسيسه وحرياتنا الشخصية والميول للأنعتاق والاستقلال كانت متروكة لعوامل النضج الذاتية التي لم تكن ممنوعة كما يتصور البعض والتي كانت تعمل رويداً رويداً ببراعة وإتقان لإعادة صياغة المفاهيم فأحالت الخوف احتراماً وحباً والرهبة ادباً وسلوكاً فاضلاً وعلمتنا فيما بعد ان الاستاذ هذا ربما كان افضل ادمي علي الاطلاق وذلك بعد ان نهلنا من العلوم والمعارف ما شاء الله لنا فاكتشفنا ان اساتذة الاجيال السابقة كانوا قمة العبقرية والنبوغ . المكونين الحاليين اللذان تتألف منهما وزارة التربية والتعليم هما التربية والتعليم وهما رأس الرمح في اخراج الانسان السوي ولا تستقيمان دون مكونين اخرين بمثابة الدعم والوسيلة لبلوغ مقاصد التعليم هما الثواب والعقاب وقد اشار اليه معلم البشرية الحديثة سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم في قوله (مروهم بالصلاة في سبع واجلدوهم عليها في عشر) فهل من عاقل سينتقل الي شق العقاب لو ان الحاجة اليه انعدمت وأصبح الولد من المصلين في سن العاشرة وهذا الشئ يفهم ضمنا من قول من اوتي جوامع الكلم ولا حاجة لذكره . فعملية التربية وتغير السلوك يجب فيها الصبر والتوجيه دون عقاب وهي عملية بطيئة لا تتأتى بين عشية وضحاها فإذا امرناهم بالصلاة في سن السابعة واستمر الوضع بالتوجيه والترغيب لفترة ثلاثة اعوام حتى العاشرة وجب علينا ان نعلم حينها ان الأمر يحتاج لبعض القسوة بالجلد وهذا دليل علي اهمية عملية الجلد في التعليم ولكن عملية التعليم الاكاديمي والتحصيل الدراسي سريعة النتائج وجب فيها الاخذ في الاعتبار العقوبات المتنوعة بما فيها الجلد وتجربتي الشخصية في متابعة ابنائي قد خرجت منها بأنهم يهتمون بشدة للمواد التي يشرف عليها الذين يصرون علي مدارس العقاب القديمة رغم توجيهات وزارة التربية والتعليم ويهملون المواد التي يشرف عليها فلاسفة العصر الحديث ويكون فيها التحصيل صفراً فأخذت علي عاتقي امر العقاب فيها والإشراف عليه بنفسي. لم يتقدم احد بأدلة مقنعة لمنع عقوبة الجلد اللهم الا التنفير والخوف الذي من الممكن علاجه بتنويع العقوبات بين الجلد وغيره من التكاليف العقابية والثناء والإطراء عندما يحسن الطالب صنعاً ولا ينبغي لنا الانجراف وراء النظريات الغربية التي لا تهتم كثيراً للمخرجات المتكاملة للإنسان من حيث السلوك والتعليم والنبوغ ويجب تفعيل مقولة لكم اللحم ولنا العظم ولكن بتقنينها وإجراء الدورات التدريبية في كيفية العقاب وان توضع مناهج التدريب للمعلمين علي كيفية العقاب وتنويعه بحيث لا يكون بغرض التشفي أو الاذلال وليكن مدرسة اسلامية بحتة ونتأكد تماماً ان العالم كله سوف يعلم اهمية هذه النظرية وسوف يعود لها من جديد .