المؤسسات الشبابية والطلابية، والنسوية وكافة منظمات المجتمع المدني ، لديها نظم أساسية محكمة النصوص ، لها قُدُسيتها عند كافة منسوبيها، وتسير مؤتمراتها بصورة سلسة و شفافة ، لا تعتريها أية مشكلات .... كان المؤتمر العام السادس للشباب السوداني» الإتحاد الوطني للشباب السوداني « والذي انفض سامره قبل أيام ٍ قليلة يحمل العديد من المعاني والقيم التي يجب أن نقف عندها جميعاً ... دعونا نتناول التداول السلمي والسلس للسلطة والإلتزام الصارم بالنظام الأساسي ،» الرئيس يقضي دورة واحدة فقط «!! .. هذا فحوى المادة التي تحدد أجل رئيس الاتحاد ... وفي ثنايا هذا المؤتمر ، وعندما وقف الشاب بلة يوسف رئيس الإتحاد لدورة 2009م - 2013م « مخاطباً جموع الشباب المحتشدين في قاعة الصداقة وبحضور السيد رئيس الجمهورية ، لفيف من قيادات الدولة ، وزعماء الأحزاب ، وضيوف البلاد من شباب ودبلوماسيين ، قيادات شبابية من الدول الصديقة والشقيقة ... وأبان أنه يترجل عقِبَ هذا المؤتمر عن كرسي القيادة، فاسحاً المجال لقيادةٍ شبابيةٍ جديدة، حسب نص النظام الأساسي للاتحاد ، الذي لا يسمح للرئيس بالترشح مره أخرى. الشباب رمى حجراً كبيراً في البركة السياسية الراكدة « بل المُركَدة ، وأرسل رسالة قوية للسياسيين الذين عمروا في كرسي القيادة عقود عددا ، وجزء منهم كان حاضراً لحديث الشباب ، وتدور الأحاديث عن تداول السلطة ، والتغيير ، وتعاقب الأجيال وتواصلها، وغيرها من المفردات التي لا أثر يذكر لها في واقعنا السياسي المأزووم، وهذا الأمر ينسحب على كل مؤسساتنا السياسية في الدولة ، وفي المعارضة، أهل اليمين وأهل اليسار ، الإسلاميين واللبراليين والإشتراكيين ... بربكم هل وجدته أمة تقدمت ، وأزدهرت وبنت حضارة، وحكامها يمكثون في السلطة عقود وعقود ، لا يزيحهم من الكرسي إلا الموت ، أو الثورة الشعبية العارمة التي لا تُبقي ولا تذر ؟؟!! ... الدول التي بلغت شأواً عظيماً من القوةِ والتقدم ، حسمت منذ زمنٍ بعيد أمر الحكم ، تداول السلطة ، ووضعت لنفسها دساتير مُحكَمة ، لا يجرؤ شخص أو مؤسسة كائناً من كان أن يخرق هذا الدستور ... وهو وثيقةٌ مقدسةٌ من قِبل الجميع، وعهدٌ وثيق ...» «...إن العهد كان مسؤولاً..» ...»... فسوداننا الحديث « منذ العام 1956م» عمره قارب الستين سنة، لم تستوي سفينته السياسية على جودي الإستقرار الدستوري ، دستورنا تغير أكثر من القوانين، الذي يُعتبر هو أبوها « الدستور أبو القوانين «... منذ العام 1956م تغير الدستور قرابة الثمانية مرات !!! في حين أن هنالك دول ، وهي الآن تقود العالم دستورها لم يتغير منذ أكثر من 200سنة ... والسبب الأساسي يرجع إلى شقاق النخبة السياسية، وخلاف القيادات الحزبية، حتى في الأساسيات.... الأوطان لا تُبني بهوى النفس ، والطموحات الشخصية ، والرغبات الحزبية الضيقة ... في أحزابنا السياسية قيادات تتربع بامتياز على سدة القيادة منذ نصف قرن من الزمان إلا قليلاً ... لماذا لا تتجدد هذه القيادة طوعاً ؟؟؟، ولماذا يُطوَع النظام الأساسي ، أو الدستور من أجل التجديد للقائد الملهم ؟؟؟، ولماذا لا تكون المبادرة من هذا القائد، ويشكر الذين يقودون الحملات المكوكية لأجل التجديد له ، أو منحه حق القيادة مدى الحياة على هذا الصنيع ويصوبهم ويقول لهم يجب أن يكون التغيير هو القاسم المشترك ، والثابت في معادلة الممارسة الحزبية ؟؟؟... أكاد أجزم أن أزمة الحكم في هذا السودان ناتجة من مكوث بعض القيادات في السلطة عقود .. يأتي للسلطة شاب ويخرج منها هَرِم ، أو على آلةٍ حدباء إلى مقابر أحمد شرفي، أو البكري أو حمد النيل .... في أمريكا على سبيل المثال لا الحصر ... الرئيس الناجح... الناجح فقط !! يمكث في السلطة 8 سنوات ، أما الفاشل لا يزيد من 4 سنوات مهما أوتي من المكر السياسي، وصناعة اللوبيات ، واستقطاب الأنصار .... ووزراؤه مدتهم 4 سنوات فقط... فتعال إلى عالمنا العربي والإسلامي .. عشرين ، وثلاثين ، وأربعين .. وأكثر من ذلك ... ونحن في ظل هذا النظام القائم منذ العام 1989م، هنالك سياسيون علي كرسي السلطة طوال تلك السنوات ... وما يزالون يطمعون في المزيد !!! هل عقُم المؤتمر الوطني ؟؟ ، وهل هؤلاء جلبوا للشعب المن والسلوى ، ورفاه العيش، وهناء المعاش ...». تراها زيادات في زيادات .. ورفع دعم .. وهلم جرا..» والفقر يتمدد في كل الأرجاء ... تجديد الدماء والقيادات يكسب الدولة ، والكيانات السياسية الأخرى عمراً جديداً وحماساً جديداً، وإقرار دستور وفاقي تتواضع له كل القوة السياسية أمرةٌ يحتمه الواقع المحلي والقومي والدولي ... السنة الكونية والتاريخ المتواتر يؤكد أن الصغير يجب أن يقتدي بالكبير... فيا قادة بلادنا إقتدوا بالشباب يرحمكم الله..