فتحت الثورات العربية الباب واسعا للشباب للتقدم خطوات والإعلان عن استلام الراية لقيادة المستقبل، وفي السودان بدأت أحزاب سياسية التنبه إلى أهمية الشباب ودورهم في إدارة الشأن السياسي والتنفيذي. يمثل ذلك -وفق مراقبين- اعترافا بمقدرت هذه الفئة علي التجديد يمكن أن يفيد مسيرة هذه الأحزاب في ظل وضع سياسي يصفه البعض بالجمود و(التكلس)، معتمدا على ثقافة التبعية والولاء القائم على تقديس القيادات التاريخية للأحزاب. على الرصيف ويقول عثمان شيخ الدين عكرة من شباب حزب المؤتمر الوطني الحاكم للجزيرة نت إن ثبات الأقطاب القيادية أكبر أمراض السياسة السودانية، و"هناك دول متقدمة تعتمد على قيادات شابة في سن (43 عاما)، وهي السن التي لا تمكن الشاب في السودان لقيادة قطاعات شبابية يتولاها الشيوخ في الغالب". وتابع "ننظر بكثير من التقدير لثورة الشباب العربي التي وصلت إلى شواطئ السودان لتصحو القيادات الحزبية على صوت الشباب الواقف على الرصيف". ولفت إلى أن الشباب أصابه اليأس من الحركة السياسية و"كثيرون هجروا الأحزاب لعدم وجود طرح سياسي حديث، ما يؤشر إلى صعود أجيال ترضى عنها قيادات الأحزاب وتمارس الوصاية عليها، وهي على ذلك النسق تصبح رهينة الاعتقاد لقيادات غير متصلة بالمشهد السياسي، أو قيادات تمارس احتكارا واضحا، وبعضهم يورث أبناءه". وضع مختلف لكن الإعلامي والكاتب السياسي خالد عويس قال للجزيرة نت إنه بحكم انتمائه لحزب الأمة القومي فإن الحزب تنبه مبكرا لدور الشباب والمرأة في القيادة، وقدم في مؤتمرين نحو (65%) من أعضاء المكتب السياسي، ومساعدون لرئيس الحزب والأمين العام من الشباب. وأشار إلى أن الوجود الكثيف للشباب في قمة العمل المؤسسي نتاج للعمل الكبير في الحركة الطلابية منذ الثمانينيات والتسعينيات، وهي الفترات التي أفرزت كوادر شبابية وصل بعضها الآن إلى قمة العمل التنفيذي. وقال إن هناك المئات من الكوادر الشبابية سيكون لها دور أكبر في المرحلة القادمة، وبين أن هؤلاء الشباب يجرون نقاشات فكرية وسياسية واسعة ويطرحون رؤى جديدة بغية إقامة مؤتمر لشباب السودانيين للمساهمة في رؤية موضوعية وعلمية حول المستقبل، وحل مشكلات السودان. قبلية وعشائرية من جانبه قال قرشي عوض القيادي الشاب في حركة القوى الجديدة الديمقراطية (حق) إن القيادة حاليا في السودان رهينة ثقافة عشائرية، ومهما ادعت الأحزاب من مؤسسية وديمقراطية فهي تكرس في الجانب الآخر لقائد أزلي دائم، يستمد وضعه من الطائفة أو القبيلة. واعتبر ذلك "أزمة مرتبطة بطبيعة المؤسسات السياسية، وما يظهر من ملامح شبابية داخل الأحزاب عبارة عن قيادات محكومة بقادة في الظل". وأشار إلى أن الشباب يمكن أن يقودوا العمل داخلها، لكن هذه الأحزاب عبارة عن (ناد للقيادات) يصعب اختراقه. وهناك بعض الأحزاب لا تقبل قيادات شبابية لأنها قائمة على الولاء الجماهيري لقائد الحزب، وتابع قرشي "لست متفائلا بقيادات شابة في ظل هذه الثقافة". حب السلطة بدوره قال أستاذ العلوم السياسية والاجتماعية بجامعة بحر الغزال الفاتح جمعة إن احتكار الممارسة السياسية يؤثر على تواصل الأجيال مما يترتب عليه احتقان العمل السياسي داخل المؤسسة، والحرمان من المشاركة ويخلق أحزابا انشطارية تعاني من الانقسامات، وعزا الأمر إلى البنية الاجتماعية والتنشئية. وقال جمعة إنه "في علم النفس السياسي فإن سيطرة القيادة تجعل الذات متضخمة للدرجة التي يظن معها البعض أن انسحابهم سيتسبب في انهيار المؤسسة، وهو ما يحدث في السياسة السودانية بجلوس الرموز على كراسي الأحزاب لفترات طويلة"، مشيرا أن السلطة تخلق حبا لممارستها يصعب معه الفكاك، مما ينعكس على حركة الشباب والتغيير. المصدر: الجزيرة