سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المدعي العام لجرائم دارفور المستشار مولانا ياسر أحمد محمد ل«الوطن» «1 2» لدينا إتجاه لإستصدار تشريعات ولائية تجعل مقررات مؤتمرات الصلح القبلي مُلزمة
مهمة المدعي العام لجرائم دارفور جسيمة ولكن..!!
بدأت إتصالات لتطوير أعراق دارفور لتواكب القوانين الحديثة
إستشعرت الحكومة السودانية وفي سياق إيجاد معالجات لمشكلة دارفور بكل تداعياتها المعروفة أهمية تعيين مدعي عام لجرائم دارفور التي حدثت من فبراير 3002م لإستكمال الجهد الذي بذلته الإدارات القانونية بولاية دارفور عبر نياباتها الجنائية، وقد حدد قرار السيد وزير العدل إختصاص المدعي العام لجرائم دارفور في التحري والتحقيق في الجرائم التي وقعت منذ ذلك التاريخ وتمثيل الإتهام فيها.. وتشمل الجرائم الآتي: ٭ جرائم الحرب والإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية الواردة في الباب الثاني عشر من القانون الجنائي لسنة 1991م تعديل 9002م. الإنتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني وقوانين حقوق الإنسان. ٭ جرائم الإرهاب أي جريمة أُخرى يرى وزير العدل أن يتولى المدعي العام لجرائم دارفور التحري فيها وقد تعاقب على هذا المنصب عدد من السادة المستشارين خلال السنوات الماضية وقد بذلوا فيه مجهودات مقدرة برغم التحديات الخاصة بإدارة هذا الملف المهم. وقد تولى المدعي العام لجرائم دارفور الحالي المستشار مولانا ياسر أحمد محمد هذا الملف بموجب قرار السيد وزير العدل رقم 63/3102م بتاريخ 81/6/3102م. الوطن تحاول من خلال هذا الحوار رسم صورة مقربة لهذا الملف المهم والتقت مولانا ياسر أحمد محمد المدعي العام لجرائم دارفور أثناء تواجده بالخرطوم لمباشرة الإتهام في قضية بالمحكمة الخاصة التي يترأسها مولانا الدكتور حيدر أحمد دفع الله قاضي المحكمة العليا وعضوية مولانا علي أحمد علي قشي قاضي المحكمة العليا ومولانا الأمين الطيب البشير قاضي المحكمة العليا.. إذ من المقرر أن يعود الى عمله بالفاشر خلال الأيام القادمة. ٭ مهمة جسيمة : سألته في مفتتح الحوار: كيف وجدت مهمة المدعي العام لجرائم دارفور بعد قرابة العام ونصف العام من التكليف لا سيما وأن زملاءك المستشارين الذين تولوا هذا الملف السابق قد واجهتهم بعض التحديات؟ ٭ أجاب قائلاً: حقيقة مهمة المدعي العام لجرائم دارفور مهمة جسيمة ووطنية عظيمة وتحدي مهني خطير في ظل الظروف التي توليت فيها المنصب. ٭ سألته مقاطعاً: لماذا تمّ إختيار شخصك تحديداً؟ أجاب بسرعة : ليست هذه المرة الأولى التي تدفع بي بها الوزارة لتولي مهام جسام وأحمد الله سبحانه وتعالى أنني استفدت من خبرات وتجارب سابقة امتدت لحوالي 12 عاماً جلها قضيتها بالعمل الجنائي منذ أن كنت وكيلاً لنيابة أم درمان وسط الى أن صرت رئيساً لنيابة أمن الدولة لسبع سنوات وبين هذه وتلك تبوأت كثيراً من المناصب ذات الصفة الجنائية وترأست كثيراً من لجان التحقيق الخطيرة والكبيرة فضلاً عن العمل في الكثير من مناطق الشدة كدارفور عام 0002م وجنوب كردفان في العام 7002م إبان المحاولة التخريبية بجنوب كردفان وأحداث هجليج إبان الهجوم عليها في العام الماضي. ٭ نقطة تحول في حياتي: ويضيف مولانا المستشار ياسر أحمد محمد قائلاً ولعلي بجانب تلك الخبرة المهنية التي نلتها في مجال الدراسات الإستراتيجية والتي بدأتها بالأكاديمية العسكرية العليا كلية الدفاع الوطني والتي أمضيت فيها عاماً كاملاً متفرغاً وقد مثلت هذه الدراسة نقطة تحول في حياتي المهنية والشخصية، الأمر الذي دعاني للإهتمام بعلم الإستراتيجية حيث واصلت دراساتي العليا بجامعة الزعيم الأزهري ماجستير الدراسات الإستراتيجية.. بالإضافة للكورسات بجامعة القاهرة معهد دراسات الشرق الأوسط والسودان واجتهدت في أعمال الفكر الإستراتيجي وإدارة الأزمات وعلاقتهما بالقانون. ٭ سألته : إلى أي مدى إستفدت من كل ذلك في الملف الذي تتولاه الآن؟ أجاب قائلاً: بالفعل قد استفدت من كل ذلك فحتى أتمكن من وضع إستراتيجية دقيقة لهذا الملف المهم كان لا يدلي من تشخيص الأزمة من خلال اطلاعي على كافة التقارير المحلية والإقليمية والدولية التي كتبت عن دارفور وبالذات فيما يليني من موضوعات الجرائم والإنتهاكات وايضاً عكفت على قراءة كافة الملفات القانونية والمتمثلة في صورة بلاغات جنائية. ومن هنا وبعد إستيعابي لما ذكرت بصورة دقيقة وضعت إستراتيجية صارمة لإدارة هذا الملف الشائك وقد كنت مؤقتاً يقول الله تعالى (أفمن يمشي مكباً أهدى أم يمشي على صراط مستقيم) لأجل ذلك شرعت قمت بالتصدي لهذه المهمة والتي كان يشغلها قبلي مستشارون أقدم مني وأنتهز هذه السانحة لأحييهم جميعاً لمجهوداتهم التي بذلوها إبان إدارتهم لهذا الملف.. وكنت حريصاً أن أكون عند حسن ظن الأخ المحترم محمد بشارة دوسة الذي كلفني بهذا الملف والذي راهن على نجاحه عندما توليته. ٭ يستدرك قائلاً: ولكل ما ذكرت وجدت أن هذه المهة شأنها شأن المهام التي أُسندت اليّ من قبل وأن كانت احتاجت مني صبراً إضافياً ومثابرة وتحرك مستمر لكافة مواقع الأحداث الأمر الذي خصم من عمري عشرات السنين. ٭ مفردة الإعتذار لا وجود لها عندي سألته: يتساءل البعض لماذا تخصك قيادات وزارة العدل المتعاقبة على هذه المهام التي ذكرتها دون غيرك من زملائك؟ ٭ أجاب قائلاً: منذ قدومنا للوزارة نذرنا أنفسنا لخدمة العدالة أياً كان موقعها وكنا نؤمن دوماً بقول الله تعالى(إذا فرغت فأنصب) لأجل ذلك ما نادى المنادي إلا وجهزنا أقلامنا وعقولنا وأجسادنا لخدمة العدالة، وأنا اعتبر نفسي محظوظاً إن كلفت بمهام كثيرة ولم أجد بين أدبيات عملي مفردة الإعتذار لأن قناعتنا أن التكليف بأمر الله تعالى يعلمها الله تعالى فضلاً عن أن العمل عبادة وأن العبادة بها الثواب من الله تعالى قبل الثناء من الناس. ومن هنا أناشد زملائي كافة بضرورة أن يعوّدوا أنفسهم على التضحية وقبول التكليف أينما كان لأن ذلك سوف يضيف لتجاربهم المهنية والشخصية ويقويهم. ٭ لي مع دارفور محبة خاصة: سألته: مهمة المدعي العام لجرائم دارفور كما تفضلت بأنها من المهام الجسيمة.. كيف إستقبلت هذا التكليف وماهي الإستعدادات والتدابير الشخصية التي إتخذتها للإضطلاع بهذه المهمة؟ ٭ أجاب قائلاً: أولاً أنا مؤمن جداً بأن للأوطان في دم كل حر يد سلفت ودين مستحق، لأجل ذلك دارفور اعتبرها جزء عزيز جداً وتربطني بها محبة خاصة لها ولأهلها منذ سنوات خلت واعتبر أن أي موظف لم يعبر أرجله في دارفور يجب أن يراجع ذلك.. وأنا أقول هذا الكلام ولا تربطني بدارفور أية صلة رحم أو دم إنما العقيدة والدين والأصل الواحد والمحبة والعُشرة الطويلة علماً بأنني من أبناء الرباطاب بولاية نهرالنيل ولكني مولود بأقاصي الشرق ب«كسلا »، ولكن دارفور شكّلت في داخلي صورة زاهية لما وجدته فيها من طيب المعشر والمحبة والتواصل وأنني أقولها بثقة إنني دخلت دارفور ولا أهل لي فيها والآن لدي ما لا يقل عن إثنين مليون أعتبرهم أهلي وأحبابي. ٭ إطلاع ومعرفة: ويضيف قائلاً: وحتى أتعرف على دارفور برغم تجاربي الإجتماعية إطلعت على كثير من الكتب عن دارفور وهنا لابد من الإشاد ة بأخي وصديقي خليل قمر الدين مدير بنك النيل فرع الفاشر الذي زودني بجملة من المراجع والكتابات عن دارفور وكذلك صديقي الأمير عمر عبدالرحمن التجاني علي دينار وصديقي المستشار محمد ابراهيم محمد، وقد تعرفت عن واقع دارفور عن قرب من خلال علاقاتي الإنسانية الممتدة مع ولاة ولايات دارفور الخمس وأحييهم من هذا المنبر كما تمتد علاقاتي للقيادات الأهلية على مستوى ولايات دارفور الخمس وأذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر الناظر الصادق أحمد ضو البيت من شمال دارفور والناظر سعيد موسى مادبو من شرق دارفور والشرتاي ابراهيم عبد الله من جنوب دارفور والسلطان سعد عبدالرحمن بحر الدين من غرب دارفور والدميقاوي فضل السيسي من وسط دارفور وغيرهم كل ذلك شكّل لي ذخيرة كبيرة من المعلومات والتعرف على العادات والتقاليد والأعراف بدارفور وهذا الأمر ساعدني كثيراً في التعاطي مع واقع دارفور ولعله لا يخفى للجميع أن دارفور لها خصوصية من حيث الموقع الجغرافي والمحادد لخمس من دول الجوار «ليبيا مصر جنوب السودان تشادافريقيا الوسطى» والمساحة التي تبلغ 000،001 كلم مربع وعدد السكان الذي يبلغ 000،000،8 مليون نسمة وعدد (651) قبيلة هذا مع وجود عوامل جغرافية «سهول ووديان ووهاد وصحاري» يضاف الى ذلك ظهور الثروات الطبيعية في ببعض المناطق مع وجود النزاع بين المزارع والراعي مع انتشار السلاح ونقص التنمية كل ذلك مثَّل عوامل مهمة في النزاع في دارفور. ٭ سألته «مقاطعاً» ولكن كيف وجدت تأثيرات ذلك على النزاع بدارفور والذي تطور لبعض الجرائم المنصوص عليها في القانون الجنائي السوداني؟ أجاب قائلاً: حقيقة وجدت النزاع محدوداً ولا يمثل رقماً مزعجاً إذا ما قارنا حجم النزاعات والناتج منها بعدد السكان والعوامل التي ذكرت وما يزعجني جداً ليس النزاع بين القبائل وهذا أمر يمكن السيطرة عليه وللدولة مجهودات واسعة في هذا الإتجاه ومن خلال لجان التحقيق ومؤتمرات الصلح.. ٭ سألته «مقاطعاً» ألاّ تتفق معي مولانا ياسر أن مؤتمرات الصلح هذه لم تعد منتجة وما أن ينفض مؤتمر صلح إلا ويتجدد مجدداً النزاع بين المكونات الإجتماعية؟ أجاب قائلاً : هذا صحيح ولكن لدينا سعي لإكساب هذه المؤتمرات الصفة القانونية ومن ذلك خلال الإتجاه لإصدار قوانين ولائية ملزمة بتنفيذ مقررات الصلح مشفوعة بأوامر طواريء للتنفيذ وإجراءاته. ويستدرك قائلاً: هذه النزاعات القبلية لا تقللني ولكن ما يقللني هو النزاعات والحروب التي يكون طرفها الحركات المتمردة ومن هنا أناشد كافة الحركات بأن تحتكم لصوت العقل وتضع السلام من أولويات وتجعل اللحاق به أهم أجندتها ذلك لأن دارفور لا تستحق أن تكون مسرحاً لأي أعمال عنف وذلك لطيبة إنسانها وتدينه وحرصه على التعايش السلمي والحياة الكريمة. ٭ دارفور اعرافها محترمة ولكن: ٭ سألته: دارفور بها مجموعة أعراف قانونية يتم التعامل بها كقواعد قانونية أهلية ملزمة كيف وجدتها وأنت تؤدي مهامكم في ملف المدعي العام لجرائم دارفور؟ أجاب قائلاً؟ من ملاحظاتي الأولية وأنا أدير ملف المدعي العام لجرائم دارفور أن طرق معالجة النزاعات القبلية كثيراً ما يغلب عليها الطابع العرفي ولعلّ اعراف دارفور هي محترمة جداً من وجهة نظري الشخصية ونحتاج لمزيد من التطوير لمواكبة القوانين الحديثة مثل قوانين الإرهاب أو الجرائم ضد الإنسانية التي أُضيفت للقانون الجنائي السوداني مؤخراً في التعديلات التي جرت عليه في العام 9002م. ٭ سألته «مقاطعاً» ولكن ماهي الإجراءات التي تمّ إتباعها من قبلكم لتطوير هذه الأعراف لا سيما أنها كما هو معلوم أهميتها في دارفور؟ أجاب قائلاً: في هذا الصدد بدأت حواراً جاداً مع قيادات الإدارات الأهلية بدارفور في ولاية شرق دارفور عند زيارتي لها في شهر مايو الماضي واستطعت عقد لقاء جامع لكافة قادة النظام الأهلي بحضور السيد المحترم سعيد موسى مادبو ناظر عموم قبيلة الرزيقات وأعتبر ذلك الإجتماع بمثابة إعلان حركة جادة من الحوار حول تطوير الأعراف لتواكب القوانين الحديثة. وأيضاً وفي ذات الإتجاه إبتدرت حواراً في ولاية جنوب دارفور أيام واليها السابق الأستاذ حماد اسماعيل حماد والذي جمع لنا عدداً من قادة المجتمع الأهلي والرسمي وتحادثنا معهم وتفاكرنا حول أهمية تطوير اعراف دارفور وقوانينها المحلية لتتلاقى مع القوانين الحديثة من أجل أن تنعم دارفور بالإستقرار والسلام والتعايش السلمي وسنواصل هذه المساعي بإذن الله تعالى في كافة الولايات ومن المهم التأكيد على أن هذه الحوارات وجدت التجاوب الكبير من القيادات الرسمية والأهلية والمجتمعية وبإذن الله تعالى سنصل فيها وبتعاون الجميع لمخرجات ونهايات طيبة. «نواصل الحوار في حلقة قادمة»