الأسبوع القادم إن شاء الله تعالى سيكون الملحق الفني خاص بذكرى اثنين من الفنانين المميزين اللذين رحلا في تاريخ واحد مع تباعد السنوات، فمصطفى سيد أحمد الظاهرة والحالة الفنية النادرة رحل في فجر يوم 17/يناير 1996م بالدوحة وقبر في ود سلفاب في الجزيرة محلية الحصاحيصا في أكبر موكب حزن تشهده البلاد، وعندما كتبنا عن أن الغد سنكتب عن ذكراه رقم (16) فإذا بالقدر يحمل إلينا نبأ رحيل فنان الشباب محمود عبد العزير بالأردن فجر نفس اليوم. مصطفى حالة فنية لا تتكرر لأنه فنان متكامل خامة صوتية في التينور الثاني وصاحب قرار متفرد ومدرسة لوحدها لم تتبع ما قبلها من المدارس الفنية، واستطاع مصطفى إنجاح مشروعه الفني الحديث لأنه وجد شعراء يقاسمونه نفس الهم وهو الغناء للغلابا والتعابا والفلاحين وأولاد الشوارع وللنيل والتراب والوطن والحبيبة والقمح والطورية، مثل حميد ويحيى فضل الله وحافظ عباس وأزهري محمد علي وغيرهم من شعراء مشروع مصطفى الفني لذلك نجح مصطفى في مشروعه الغنائي واستخدم الرمزية الحقيقية والواقعية في رسائله الغنائية وكان نصير الغلابا والتعابا ووجد قبولاً منقطع النظير من المثقفين وغيرهم وهو موسيقي وملحن بارع ورسام وشاعر. محمود عبد العزيز صاحب خامة صوتية متميزة وهي في التينور الثاني أيضاً لكن المساحة شاسعة ويستطيع رفع الصوت درجات كثيرة لأعلى دون أن يتأثر ويستخدم أنصاف التون وأرباع التون بصورة طبيعية، لكنه اي محمود لم يقدم أغنيات تنافس المطروح في الساحة من كبار الفنانين مثل الكاشف وعثمان حسين وسيد خليفة وصلاح ابن البادية والكابلي ومحمد ميرغني، لأن المعجبين- على كثرتهم- لم يتركوه يجلس مع شعراء وملحنين مقتدرين رغم أن الأستاذ يوسف القديل قدم له ألحان جيدة إلا أنها متشابهة جعلت صوته الغالب في الغناء دون الألحان والكلمات لكنه من الفنانين الذين رحلوا في سن مبكرة وتركوا سيرة عطرة.