على غير العادة.. يشوب حراك مجموعة (سائحون) الهدوء، بعد ضجيج ملأ الساحة السياسية لشهور، ولقاءات عدة وفعاليات سياسية وحراك جماهيري، ومشاكسات شهدتها أروقة المجموعة التي تضم قدامى المحاربين وظلت تنادي بالإصلاح داخل الحركة الإسلامية بشقيها الحاكم والمعارض، انحسر الحراك السياسي للمجموعة الجهادية من فعاليات الشارع والاتصال المباشر بالجماهير إلى ملاسنات إسفيرية بين منسوبي المجموعة هدأت رويدا رويدا، ثم انتقل نشاط المجموعة من موقع )فيس بوك) إلى مجموعة على تطبيق واتساب، وانحصرت المشاركات في اجترار ذكريات القتال القديمة، بينما انخفض صوت المطالبة بالإصلاح الذي كان عاليا ، ثم خبأ بريق المجاهدين تدريجيا حتى اختفوا من الساحة، ويرى مراقبون أنه ربما أثرت الأحداث السياسية الأخيرة المتمثلة في خروج مجموعة الإصلاح بقيادة غازي صلاح الدين واستقطابها عددا كبيرا من «السائحون» وقياداتهم، إضافة إلى التغييرات الجذرية التي طالت الجهاز التنفيذي للدولة بشعارات إصلاحية، إضافة إلى اتجاه الدولة لتكوين قوات بديلة. فالمجموعة الجهادية التي قدمت طرحا عدّه المراقبون اختراقاً كبيراً لكتلة الإسلاميين (المقاتلين) وإقرار بعضهم بالأزمات التي نتجت عن فترة 25 عاما من الحكم، ومحاولة حسم كثير من المشكلات داخل البيت الحاكم من جهة وداخل مؤسسات الدولة من جهة أخرى، وتوقع المراقبون أن تصبح المجموعة كيانا يمثل ورقة ضغط ربما تحدث تغييرات في البلاد، بل ومضى السائحون في مشروعهم السياسي من خلال عقد لقاءات مع زعماء سياسيين وقبليين وشيوخ الطرق الصوفية للتبشير بماهية الحراك المستقبلي للمجموعة، وأنها ستكون الكتلة التي سترجح ميزان الفعل السياسي إن نجح حراكها. ولكن.. بعد مضي أكثر من عامين على تكوين منصة «السائحون»، خرجت مجموعة من منسوبيها وقدمت ما أسمته بالاعترافات، وقالت- في بيان لها صدر قبل عدة أشهر: «كان عشمنا كبيرا في أن يكون الحراك الإصلاحي الذي تتبناه السائحون حقيقيا يؤدي دوراً ملموسا في التغيير والإصلاح والعودة بنا إلى جادة الطريق ولكن طال انتظارنا فما وجدنا غير التراخي والانشغال بسفاسف الأمور والكيل بغبن وسلوك طريق إن لم يهدم لن يسهم في بناء أحلامنا. وأشار البيان إلى إن منصة «السائحون» أضحت بلا حراك وخبأ صوت الإصلاح وتفرقت دماء الفكرة بين الفرقاء داخل «السائحون» الإسفيرية والحقيقية، وأضاف البيان لذا فإننا وإخوة آخرين تداولنا كثيراً في هذا الأمر وقررنا أن نقف في صف الدولة ونساندها لنسهم في مسيرة التغيير التي بدأت مؤخراً بتفكيك كنكشة الحرس القديم، ودعا البيان المجاهدين إلى الانضمام إلى مسيرة الانتماء الصادق للحزب الحاكم وإعطاء البيعة، وأعلنت عزمها تقديم البيعة للمؤتمر الوطني في احتفال ضخم بمشاركة آلاف المجاهدين. قال الناطق الرسمي لمجموعة (سائحون) علي عثمان في حديثه ل (الوطن): إن الأجواء في المشهد السياسي السوداني قاتمة ومظلمة وأن الضوء الخافت في هذا المشهد السياسي والذي يقوم به السائحون من مبادرات ورؤى وتقريب بين وجهات النظر بين القوى السياسية لا يراه كل الناس ولكن قطعاً سيكون له أثره في مستقبل الحوار الوطني، مؤكدا أنهم متمسكون بالحوار الوطني ويعتقدون أنه الطريق الأمثل والأفضل للعبور بالسودان من أزماته المتطاولة وجروحه المنوسرة، مشيرا إلى أن أطرافاً في المؤتمر الوطني لا تريد للحوار الوطني أن يستمر خوفاً على مصالحها الشخصية والحزبية الضيقة ويجب علي الراغبين في الحوار في صفوف الحزب الحاكم أن يفرضوا إرادتهم إذا أرادوا لعملية الحوار الوطني أن تستمر وعلى رأس هؤلا السيد رئيس الجمهورية، وأضاف نعتقد أن هناك أطرافاً من المعارضة السودانية كذلك لا تريد للحوار الوطني أن يستمر وتشتهي «سيسي» في السودان يفعل مثل ما فعل السيسي في مصر وهؤلاء لا يريدون ديمقراطية ولا حريات، فقط يريدون مقاعد للسلطة والحكم وإزاحة التيار الإسلامي من الحياة السياسية تماماً، مشيرا إلى أن التجربة التونسية تمثل مرجعية حقيقة للحوار يجب النظر إليها بتمعن وعقلانية من الجانب الحكومي ومن المعارضة للخروج من أزمة السودان. قال المحلل السياسي والباحث الأكاديمي النور آدم في حديثه ل (الوطن): انقسمت الآراء حول حراك «السائحون» بين مؤيد ورافض، حيث يرى البعض أن مسألة اجتماع مقاتلين إسلاميين سابقين ليست كافية وحدها لكي تصبح مقبولة لدى قطاعات عريضة من كيانات الشعب السوداني المعارض وللشارع، حيث هناك جملة ملاحظات ستتفرع منها بالضرورة جملة مطلوبات لا بد منها حتى تتوفر الضمانات الأخلاقية للقبول بها مبادرة جادة تلحق ببقية ما هو مطروح من مشاريع سياسية، يجري الآن صياغتها لتقدم مشروعا موحدا وميثاق عمل للمرحلة القادمة تتبناه كافة قوى المعارضة السياسية، معللين لذلك بأن أهداف «السائحون» الفكرية ومشروعهم السياسي لم يكن واضحا بل غامضا ومريبا، خاصة أن اسم المجموعة يعبّر عن مجموعة داخل أروقة النظام الحاكم وتتبنى مشروع فكري في وجهة الدولة وتبشر بأشواقها التي تهفو إلى سيرة الإنقاذ في سنواتها الأولى، وبالتالي هي على خلاف فكري وعقائدي مع بقية المكونات داخل حزب المؤتمر الوطني. -- بعد افتتاح مقرها بالقاهرة علي محمود والجبهة الوطنية العريضة- الدلالات والعبر تقرير: فتحيه عبدالله أعلنت الجبهة الوطنية العريضة التي تكونت في أواخر أكتوبر (2010) برئاسة علي محمود حسنين القيادي في الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل افتتاح مقرها الجديد في القاهره شارع فيصل بعد حصولها على موافقة الحكومة المصرية على ذلك، الشيء الذي دفع بمؤسسها بتبليغ الدعوة لكل الأحزاب السياسية السودانية المعارضة والأحزاب المصرية لحضور افتتاح المقر، هذه الخطوة عدّها مراقبون أنها عززت العمل المعارض في الخارج واصفين إياها بالنوعية لأن العمل المعارض دائما ما يتخذ أسمرا ويوغندا مقرا له ولا شك أنها لن تصب في صالح العلاقة بين دولتي السودان ومصر إضافه إلى أنها قد يتأثر بعملها الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل برئاسة مولانا محمد عثمان الميرغني وقد تلتف جماهير الحزب حول قيادة علي محمود خاصة أنه ما زال عضوا في الحزب ولم يفصل حتى الآن على الرغم من عمله المعارض الذي يتنافى مع السياسة الآنية للسيد محمد عثمان الميرغني، تسؤلات عديدها أفرزها افتتاح مقر الجبهة الوطنية العريضة في مصر فاختلفت الآراء حولها لكن دلالات المقر ودلالات ما يقوم به علي محمود حسنين تصدرت الأسئلة إضافة إلى ماهية موقف الحزب الاتحادي تجاه علي محمود وموقف علي محمود منه؟ ما هي تأثيرات الجبهة على الحزب الاتحادي؟ قيادات بالحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل أكدت أن الحزب لم يفصل علي محمود حسنين لذلك فإن ما يقوم به من أعمال معارضة قد تؤثر بشكل سلبي على الحزب والبعض آثر الصمت وآخرون أكدوا أنه على الرغم من وجوده عضوا إلا أنه لا يمثل الحزب الاتحادى الديمقراطي الأصل وأن كل ما يقوم به يمثل نفسه وجبهته العريضة وهذا ما أكده نائب رئيس الحزب الاتحادى الديمقراطي الأصل الفريق عبد الرحمن سعيد نافيا انتماء علي محمود حسنين إلى الحزب الاتحادى قائلا: لم ينتمِ للحزب الاتحادى وعمله عمل فردي لا يمثل الحزب ولن يؤثر عليه لأنه لم يستشر أحدا في الحزب في أفعاله التي يقوم بها في الخارج بل تعنت في رأيه فقط بيد أن القيادي في الحزب الشيخ حسن أبو سبيب أكد أن علي محمود حسنين ما زال عضوا في الحزب والحزب لم ولن يفصله يوما ما لذلك فإن أي عمل يقوم به سيتأثر بموجبه الحزب و سيكون تأثيره سالبا عليه وتابع أن انطلاق عمل سوداني معارض من القاهرة يترك استفهاما كبيرا لأن العمل السوداني المعارض كان ينطلق في السابق من أسمرا ويوغندا وكينيا وهذه الخطوة جديدة من نوعها كما أنها ستضر بالعلاقة بين السودان ومصر وذلك لاحتواء الأخير للمعارضة السودانية.. الجدير بالذكر أن علي محمود حسنين لم يعرف التملق يوما بل اشتهر بوضوحه في الرأي وكان ضمن قوات التجمع الوطني التي كان يترأسها مولانا محمد عثمان الميرغني وجاء إلى السودان بموجب اتفاق وقع بين الحكومة والتجمع في القاهرة، ظلّ في صفوف الحزب الاتحادى الديمقراطي الأصل زمنا طويلا لكنه عاد وانفرد بمعارضته وقام بتكوين مجلس انتقالي معارض لأن اتفاق القاهرة لم ينفذ بعد، وأعلن انتقاداته للنظام الحاكم وهو عضو في المكتب القيادي ونائب لرئيس الحزب الاتحادى الديمقراطي، غادر السودان متنقلا ما بين القاهرة ولندن وكون جبهته الديمقراطية العريضة بعد أن اتخذ مصرا مقر له ولجبهته. المحلل السياسي عبد الله آدم خاطر أكد أن تدشين موقع الجبهة الديمقراطية العريضة بعد فوز الرئيس عبد الفتاح السيسي يحمل دلالات واضحة لمصر تجاه الحكومة السودانية، قائلا هذا بالتأكيد قد يؤثر على العملية السياسية في السودان وقد تزداد العلاقة بين الدولتين (مصر والسودان) توترا بالغا، مضيفا أن هذه الخطوة قد تعني اجتهاد السودان في استيعاب حقيقة المتغيرات الدولية والإقليمية وضرورة الانقلاب بنية حسنة حول إكمال دورة الحوار الوطني الشامل.