الأعباء الإقتصادية أصبحت صداعاً مزمناً في عقول أبناء الشعب السوداني من الطبقة الوسطى والطبقة الفقيرة طوال أعوام الانقاذ العجاف، بل تحولت بالفعل إلى مأزق حقيقي وفي هجير الارتفاعات المتوالية للأسعار والتي أصبحت تسير جنباً إلى جنب مع الأزمات السياسية المستمرة، أصبحت هذه التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بصمات واضحة على ملامح ووجوه الناس عامة ماعدا شريحة من الشرائح السياسية تدثرت بالحرير الناعم وبالموكيت الفاخر لمنازلهم، بل قصورهم من فلل ومنتجعات ويخوت بحرية ونهرية وملبوسات آخر موضة وآخر صيحة عالمية للأزياء المختلفة، أما حفلات أفراحهم فحدث ولا حرج فأصبحت هذه الشريحة بين ليلة وضحاها من الأثرياء ومنهم من كان مديونير فأصبح مليونير بل ملياردير ومن طبقة النبلاء وطبقة الاستقراطيين فجأة بلا مقدمات بينما بصمات الفقر المدقع أصبحت واضحة بياناً عياناً على وجوه السواد الاعظم من أبناء الشعب السوداني فظهرت على بعضهم وهم شباباً ظهرت عليهم علامات الشيخوخة المبكرة والقلق النفسي وتفشي البطالة والعطالة التي أنهكت عقولهم بسبب التفكير الكثير وصعوبة الحصول على العلاج وعدم تمكن ابناء الفقراء من مواصلة تعليمهم و وهم في قمة الذكاء والنبوغ فأصبح 79% من أبناء شعب السودان يعيشون وسط ضغوط إقتصادية حرجة للغاية وظروف اجتماعية أقسى من قسوة الحياة وظروف نفسية قصمت ظهورهم بسبب الفقر الذي لطم الخدود والجيوب معاً بينما ارتفاع تكاليف المعيشة تزداد وتيرته يوماً بعد يوم حتى أصبحت لقمة العيش هاجساً، كل رب أسرة بينما الديون يحملها المواطن وهو يتصبب عرقاً منها ومن قسوة قهر الرجال، فلقد وصلت البلاد إلى مرحلة سياسية واقتصادية حرجة أوصلنا إليها النظام الحاكم والنظام يحاول الآن بشتى الطرق الملتوية التي يمارسها في محاولة بائسة منه ليعطي المواطن إحساساً وهمياً بان الأمور تسير على مايرام في البلاد وليس هناك ما يلوح في الأفق من بوادر أزمات حاضرة او قادمة على أجنحة نظام الانقاذ التي باتت مهيضة الجناح بعد انفصال الجنوب ومن حقنا أن نتساءل اليوم إلى أين تسير البلاد ؟ وأي حوار هذا الذي ينادون به كل القوى السياسية وعلى أي شئ يتحاورون؟ وماهي الأجندة المطروحة من قبل المؤتمر الوطني لمناقشتها؟ وهذا الحوار أين هو مناخه السياسي لاقامته ؟ وهل المؤتمر الوطني أفسح الطريق لإجراء حوار ديمقراطي يرضي طموحات المعارضة ثم أي إنتخابات هذه التي ينادون بها ؟ وأي قانون للإنتخابات الذي تم تعديله؟ ولصالح من تم تعديله وإلى أين تقود نتائج هذه الانتخابات وهل هي انتخابات ديمقراطية أم شمولية؟ صدقوني كل هذه الأسئلة لو طرحتها على تلميذ بالمرحلة الابتدائية لأجاب عليها فوراً يلا تردد أو تهته فإذن الذي يجري الآن في الساحة السياسية عبارة عن ضجيج سياسي لا معنى له سواء اللهم مضيعة للوقت السياسي وملهاة سياسية تدور عجلته لصالح المؤتمر الوطني بينما تظل سياسة التمكين واحتكار السلطة لأهل الانقاذ وحدهم لا يريدون أبدا أن يرحلوا عن السلطة لا طوعاً ولا كرهاً ديدنهم وادعائهم أن لديهم 61 مليون ملتزم أي انضارهم المؤتمرجية أضحى عددهم ستة عشر مليون مواطن وشر البلية ما يضحك ولا تعليق لدي بهذا الشأن فقد قال رئيس الوزراء المصري ( أحمد زيور ) في عهد الملك فاروق في مصر قال (( إن الذي يدخل السلطة يفقد نصف عقله وعند مايخرج منها يفقد النصف الآخر )) إن أجندة المؤتمر الوطني والتي بحوزته منذ 52 عاماً هي أجندة شمولية لا علاقة لها بالديمقراطية ولا بالدستور الديمقراطية ولا بما يسمى بالتحول الديمقراطي ظلوا يحملون ثياب التحول الديمقراطي لربع قرن من الزمان يلوحون له للناس في الاحتفالات والكرنفالات كقميص عثمان يستخدمون عند اللزوم السياسي فلا هم من انصار الديمقراطية ولا هم من أنصارالحرية فالذي ينقلب على الديمقراطية ويطيح بها بانقلاب عسكري كيف بالله عليكم يأتي ويلوح بتحول ديمقراطي قادم ؟ كيف بالله عليكم يحدث ذلك وفاقد الشئ لا يعطية أبدا أبدا فأفيقوا ياقادة الأحزاب الوطنية وقادة القوى السياسية أفيقوا من غفوتكم المزمنة فغياب الديمقراطية عن البلاد ربع قرن من الزمان مصاب جلل وخسارة فادحة وكارثة سياسية لا عزاء لنا فيها..