إن كان الزعيم إسماعيل الأزهري قال الحرية نور ونار كذلك السياسة نور ونار وسجون ومعتقلات فمن أراد تعاطيها وممارستها فليهيء نفسه لسجن بلا اسم وزنزانة بلا رقم وسجين سياسي بلا هوية فلقد حاولت مراراً وتكراراً طيلة الفترة الماضية ان أحضر وأنقب بقلمي على أرضي واقع الحزب الاتحادي الموحد حاولت أن أحفر بعُمق أرضي هذا الحزب علني أجد نشاطاً سياسياً ملحوظاً على أرض واقعه أو ليلة سياسياً ملحوظاً على ارض واقعة او ليلة سياسية أقامها بميدان المدرسة الأهلية فلم أجد شيئاً ومثلما كان يفعل ابو الاستقلال الزعيم الأزهري بعد عودته من رحلة انتخابية طاف من خلالها كل أقاليم السودان فيأتي إلى الميدان ويقف أمام المنصة التاريخية بالميدان امام الجماهير الاتحادية الهائلة المتعطشة لسماع صوته الوطني بشوق ولهفة والزعيم مبارك زروق يقف بجواره وهو يحاول تهدئة الجماهير للإنصات لصوت الزعيم الأزهري والجماهير ثائرة تهتف بحياة الزعيم الأزهري فإذا بصوت ينادي يا شعب روق وأسمع كلام زروق وينصت الجميع فيقوم الزعيم زروق بتقديم الزعيم الأزهري لمخاطبة الجماهير فيهتز الميدان بل تهتز مدينة أم درمان بأسرها أبوابها ونوافذها وجماهيرها تستمع الى صوت العقل الوطني فتتلاحم الجماهير مع الزعيم الخالد الأزهري مثلما تتلاحم البشائر هاشم صديق مع الفنان الثائر محمد الأمين وهو يشدو بالملحمة الأكتوبرية عام 5691م بتلفزيون أم درمان وبالمسرح القومي وبحضور الرئيس اسماعيل الأزهري وزير الإعلام عبدالماجد ابو حسبو والكل ينصت للإستماع الى الملحمة الأكتوبرية التي نستمع اليها حتى يومنا هذا فقد جرت كلماتها في دمائنا لأن كاتب هذه السطور من الذين عاصروا ثورة اكتوبر 4691م وعاصروا الإستقلال بل عاصروا حقبة الإستقلال المجيد فيا سيدي الرئيس اسماعيل الأزهري وانت تخرج من جيبك كُتلة من المفاتيح بعد عودتك من رحلة انتخابية ناجحة إلى الأقاليم وامام الجماهير الثائرة تلوح بهذه المفاتيح إلى الجماهير وسط عاصفة قوية من الترحيب والتصفيق وتخاطبهم بمقولتك الشهيرة «جئتكم اليوم بمفاتيح الدوائر» دارت بنفسي هذه الخواطر والمشاهد الوطني التي لا يمكن أبداً أن تزول عن كعب الذاكرة لكني قلت في نفسي أن أحضر بقلمي في عمق ارضي الاتحادي الموحد علني أجد تكراراً لمثل هذه المشاهد الوطنية ولكن لم اجد شيئاً غير طنين ذباب وصراع سياسي فلا ندوة سياسية ولا ليلة ولا حتى نشاط سياسي يذكر وبعد كل ذلك يقوم الحزب بفصل بعض كوادره السياسية المهمة هُما العملاقان السياسيان الاستاذ فتح الرحمن البدوي ومحمد عصمت يحيى، فإن الراحل ابراهيم سيلمان كان فيلسوف الاتحاديين والراحل يحيى الفضلي كان دينمو الاتحاديين، فالأُستاذان فتح الرحمن ومحمد عصمت فرسان الاتحاديين وهذه هي الحقيقة رضي ام لم يرضَ قادة الموحد فالحق يُعلى ولا يُعلى عليه فلا يمكن أبداً لقيادة حزب أن تقوم بجهالة بفضل زعماء هكذا بجرة قلم لهما وزنهما السياسي والشعبي وما هكذا تكون السياسة وما هكذا تعلمنا السياسة من الرعيل الأول من الاتحاديين وما جرى داخل الاتحادي الموحد هرجلة سياسية لا تمت للسياسة الأصيلة بصلة كما إنه لا يمكن أبداً أن يظل حزب كالموحد تحت سيطرة أربعة أشخاص يحتكرونه لأنفسهم ولمصالحهم السياسية فواقع الاتحادي مؤلم فعلينا أن نواجهه بأقلامنا لأنه ليس من عقلانية السياسة ان يبتعد العمالقة عمالقة الحزب عن ساحة الحزب ويظل الحزب بلا عمالقة إنما التاريخ سوف يحاسبنا جميعاً حينما يفرط حزب اتحادي في عمالقته وفرسانه بينما يظل الثالوث يسيطر على قيادة الحزب وهذا أمر غير مقبول لا سياسياً ولا أخلاقياً لقد آن الأوان لقواعد الحزب في كل الأقاليم والعاصمة المثلثة أن تُعيد النظر في قيادة الحزب الحالية لأن هذه القيادة ليست هي القيادة المطلوبة ولا المحبوبة لدى جماهير الحزب فماذا قدمت هذه القيادة للحزب من نهضة أو حتى رفع الحزب نحو الأمام ليصبح في مقدمة الأحزاب، ماذا قدمت قيادة الحزب لتطوير مسيرة الحزب الاتحادي ليكون في طليعة الاحزاب؟ لا شىء قدمته ولن تقدمه فلا ديمقراطية بداخل الحزب ولا مؤسسية بداخله وعلينا ان نعترف بأن هناك أزمة سياسية حقيقية داخل الموحد يجب علاجها من داخل قواعد الحزب فلابد من عودة الحزب الى بداية الطريق لتصحيح مساره السياسي والشعبي فالزعامة لا يمكن الحصول عليها بالتوريث والزعامة طريقها أو الوصول اليها كلها أو حال سياسية وسجون ومعتقلات واستجوابات فالزعيم الأزهري شق طريقه السياسي وسط كل هذه الأهوال حتى نال الزعامة السياسية والشعبية بجدارة فكان الزعيم وكان الرئيس فلماذا لا تقتدوا به وتسيروا على طريقه الوطني؟ إن الزعيم السياسي محمد عصمت يكفيه فخراً انه بالأمس الجمعة تدافعت الجماهير نحو داره العامرة بالجود والكرم وتناولت طعام الإفطار على مائدته السياسية ولنا عودة لأكتب عن ذلك.