الزمن المتخثر يمضي ومازال الزيف حقيقة، عاماً خلف عام، والوطن يسقط في التجربة خيطاً من الدماء بين الجرح وحد لسكين يختبئ في صرر المهجرين والمشردين والنازحين والمذبوحين واللاعبين في السياسة بين النار والموت يأتمرون على الناس ضد الناس النازحين والمهاجرين. في دبر من خطط وسحب الارض من تحت خطوات الناس في دارفور ؟ والدفاتر عتيقة لا من الناس من سأل ماذا فعلوا؟ والحرب تحمل الموت تزور القرى والقرية خلف القرية تقتل أسماءها وتنام، واللعبة تكبر تصبح بحجم الكبار من القوات المتعددة الجنسية ... ثم ... ثم... حاول أكامبو تنفيذ سياسة الفوضى الخلاقة ذلك المصطلح الذي رسمته اسرائيل لسياستها الخارجية في بعض الدول التي لم تنجح معها سياسة التهديد والوعيد في الهجوم العسكري والمحاصرة التي تقوم بتنفيذها نيابة عنها أمريكا وكانت تلك أوهام مدعي لاهاي بالاعتماد على الفوضى التي كانت ستزيح البشير ومن خلالها تظهر شخصيات جديدة لنج !! لا تقتصر عملية التلفيق وفق الإطار المرجعي الغربي أي مع الخارج، ولكن هنا ايضاً نوع من التلفيق ضمن الإطار المرجعي المحلية في الإعلام الداخلي دون الفطنة إلى وفق الواقع وأهم معطياته المتجددة ودون الإلتفات لما يسمى بعلم الفروق هذه الرؤية التلفيقية فرع من التقليد، فالتناول الكلامي من مدمر وهذا خندق يخشى الوقوع فيه - فأمريكا ترفع كلمات مثل الحرية والديمقراطية والحضارة الشر ومحوره الخ.. كلمات.. والألفاظ قوالب للمعاني تدل عليها كما قال العلماء وتوصل إليها.. اما أمريكياً فلفظ الحرية مثلا مفهومه عندهم في الحضارة الغربية ليس كمفهومه عند المسلمين، وهكذا بقية المصطلحات. ولا شك أن الدين والشريعة أكدت لنا هذه الأمور تأكيداً وعلمتنا المعاني الصحيحة وأتت بأسماء شرعية لها معاني ثابته كالإيمان والإحسان، فأزالت اللبس والمفاهيم الخاطئة ولو كانت ألفاظها عند النطق والظاهر حسنة، فكلمة راعنا التي كان المسلمون يقولونها بمعنى راع أحوالنا يا رسول الله استغلها اليهود وصاروا يخاطبون الرسول صلى الله عليه وسلم بها للإساءة والسب بمعنى الرعونة قاصدين غير معناها الأصلي، فأمر الله سبحانه وتعالى بتركها لأن فيها نوع من التشوش واحتمال أمر غير لائق. هذه الآية وحدها تكفي لنا تعليماً وتفهيماً بأهمية المصطلح ووضوحه وتأدية معناه دونما تشويش أو تحميله لمعان أخرى كما هو الحال لأن في كثير من الكلمات والمصطلحات الحاملة لمفاهيم حضارات معينة وأديان وثقافات محددة يراد إدخالها إلى قلوب الآخرين قسراً أو ترغيباً وتزييناً وإلا لما هددوا بالحروب الإستباقية..!! التي ذكرناها في مفتتح هذه الجملة في الحلقة الأولى، قال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا أنظرنا ) أي أقبل علينا وأنظر إلينا. وهناك مصطلح آخر يحمل معاني واضحة للمتوسمين وهي ضرب أية قوة يظن أو يفترض أو يتوقع أن تفكر بمقاومة أو مهاجمة المعتدي ، وهذا ليس إرهاباً إنما مقاومة أو تكون لها قوة لحفظ التوازن مع عدو يخاف شره بينما المصطلح عندهم يعني القضاء على عدو إرهابي يهدد السلم العالمي أو العدالة أو حقوق الانسان بزعمهم ولا يظنني ظان انها تشمل كل نفس آدمية تهدد أو تضعف أو تضارع قوتهم وقوة أصدقائهم وعلى رأسهم اسرائيل. ويدخل في ذلك المصطلح كل من يقف في طريق إطماعهم بأنواعها الاقتصادية والثقافية والعسكرية والاستراتيجية. ومن هنا يجب أن نتوجس شراً كثيراً ولا ننخدع من ذلك الزحم من المصطلحات.. والعجب أن التلاعب بالمصطلحات التي تحمل المعاني الكثيرة ولا سيما بعد 11 سبتمبر 1002م، فباسم الارهاب افترست الولاياتالمتحدةأفغانستان فدكت بيوت على سكانها الآمنين وقتل المارينز الآلاف من الأبرياء هتكت أعراض فاغتيل استقلال البلاد ومازال الجرح ينزف باسم القضاء على أسلحة الدمار الشامل العراقية والقضاء على الطاغية !! وهم صانعوه خربوا الطرق وأهلكوا الحرث والنسل والله لا يحب الفساد وانتقلت الحال إلى أسوأ مما كانت عليه العراق زمن صدام ولن يهدأ لهم بال حتى يعيدون الكرة بنفس السيناريو في السودان أو قطر آخر.. فما كان يضير الحكومة الغافلة أن ترد عليهم بنفس بضاعتهم واسلوبهم فانه لا يفل الحديد إلا الحديد، ولكن العرب لا يفقهون المعاني المزحرفة المموهة فيعتقدون الحق باطلا والعاقل من يعتبر بما فعله هؤلاء المخادعين المعتدين بدولتين مسلمتين فلا يفتر بشعاراتهم البراقة وكلماتهم المعسولة التي تبدو فيها شبه من الشيطان في خداعه وتزينه للانسان الساذج الضعيف (يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا) وقال عز وجل (وشياطين الانس والجن يوحون إلى أوليائهم زخرف القول غرورا فذرهم وما يفترون) جعلهم أهل إفتراء أي معناه يزين بعضهم لبعض الأمر حتى يجعلوه في أحسن صورة ليفتر بها السفهاء وينقاد له الأغبياء الذين لا يفهمون الحقائق ولا يفقهون المعاني المموهة فيعتقدون الحق باطلا ولذلك قال تعالى( ولتصغي إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة) أي يميل إلى ذلك الكلام المزخرف (وليرضوه وليقترفوا ماهم مقترفون) بعد أن يصغوا إليه فإذا مالوا إليه رأوا تلك العبارات المستحسنة رضوه وزين في قلوبهم وصار عقيدة راسخة ووصفة لازمة. فعالمنا اليوم أصبح صعباً ومتنافساً ولا يحترم ولا يمنح الشرعية والقدرة إلا للحكومات التي تدمج كل أفراد المجتمع في نظامها السياسي وتحقيق المصالح الاقتصادية لكل أبنائها ولا تهمش فريقاً لصالح آخر وتواجه ظروفها بشجاعة بقرارات حكيمة متبصرة تنتقل بشعوبها من حال الفوضى الاقتصادية والعطالة والتيارات الارهابية لحماية العدالة الناجزة ويكون لديها نزوع لتجعل مواطنيها متساويين أمام قانون عادل بعيداً عن التدخل الأجنبي في شؤونها فتختار أصلب المفاوضين أصلبهم عوداً وأقدرهم محاورة في فهم خطط الخصوم، ولكن أن تتأمل هذه الزلازل الماحقة والقلاقل كانت نتيجة لهذه المفاسد العظيمة المحملة بالإغراء والزينة التي يهدفون منها القضاء على مقومات العقيدة والهوية للأمة فالحكومة الأمريكية لا تفاوض السادات أي تقبل بالدخول معه كوسيط في اتفاقية السلام الاسرائيلية قبل أن تعرف سيرته الذاتية.. وكيف يفكر ومتى يغضب ونقاط ضعفه الخ.. وفي مفاوضات نيفاشا اختارت الانقاذ غازي العتباني وهو مفاوض بارع وصقر من صقور الانقاذ وهو ند لقرنق كما اختارت اسرائيل مناجم بيجن فاقترح القادة العسكريين على السادات عبدالغني الجمصي ليكون نداً لمناجم بيجن ولكن كلاهما أبعد من المفاوضات، غازي أبعد بضغط من كولن باول وهذا أول خطأ للانقاذ كما ذكرنا في الحلقة الاولى والثانية الجمصي استقال بسبب تعنت بيجن وكان البديل هو اسماعيل فهمي الذي استقال بسبب زيارة السادات للقدس قبل المفاوضات.. المهم المفروض أن لا ترضخ الانقاذ لتعليمات باول لأنه وسيط لا يحق له أن يتدخل في الأمور السياسية التي تخص المتفاوضين أنفسهم ومثال ذلك انه لما اعترض عصمت عبدالمجيد على بيجن في بعض النقاط الجوهرية غضب بيجن، وقال إن القانونيين لا ينبغي أن يتدخلوا في السياسة.