[email protected] نصف قرن : عندما نصل إلى يوم 15/12/2014م ، فإننا نكون قد وصلنا إلى نصف قرن من الخدمة المقدّسة ،التى بدأها الشاب الخادم سمير فرج واصف ،الذى جاء إلى السودان 15/12/1964م ،وكان يحمل بكالوريوس لاهوت،وقد كانت خطته أن يدرس فى الجامعة ،ويحصل على ليسانسية فى الآداب ،وقد ساعده على هذا تشجيع أستاذ جامعة القاهرة فرع الخرطوم كلية التجارة البروفسور حليم إسكندر ،وقد إنضم فعلاً إلى الجامعة ودرس فى قسم الإجتماع فيها وكان أول دفعته ،وتخرج سنة 1969م ،وكان من حقه أن ينضم إلى طغمة أساتذة الجامعة ،لأنه الأول فى الخريجين ولكن مطران الخرطوم الأنبا دانيال منعه من ذلك ،وصمم أن يأخذه فى سلك الكهنوت فرسمه كاهناً سنة 1969م، فى مثل هذا اليوم الذى نحكى فيه حكايتنا 22/8/2014م ،وبهذا فإن هذا الشاب له الآن من عمر الخدمة خمس وأربعون عاماً ،وقد تزوج بإمرأة سودانية من أسرة عريقة فى 17/4/1966م ، وقدم رسالتة الدكتورا إلى جامعة جوبا . إننا نعلم أن كلمة خادم فى الكتاب المقدس تعنى وزيراً صاحب وزر أو مسئولية ،وهى فى اللغة الإنجليزية MINS TER أى وزير ، ولكن هذا الشاب تعامل مع لقب خادم بإعتباره SERVANT ،وهناك فرق ولقد صار هذا الأب خادماً للكل خادماً فى الكنيسة وخادماً خارج الكنيسة ،وخادماً لأبناء الكنيسة ولغير أبناء الكنيسة ،لقد خدم بين المسيحية وفق تطلعات لاهوتية ،وكان ولم يزل لا يضيّع وقت المخدومين،ويقدم لهم أعمق القضايا اللاهوتية ،وأجمل التفاسير الروحية ،وأقوى التأملات الإلهية ،وقد ساهم فى نشر ثقافة الكتاب المقدس بوعى شديد سواء فى عظاته الإسبوعية ،أم أبحاثه اللاهوتية ،أم دراساته فى صنوف أنواع اللاهوت ويكفيه أنه كتب الجزء الأول عن كتاب أقباط السودان والجزء الثانى تحت الطبع ،كما أن له ما يقرب من ثلاثين مؤلفاً . ولقد وفق فى خدمة المسيحية عندما إختاروه رئيساً للجنة ترشيح القس إيليا الأنطونى ليتقلد كرسى أسقفية الخرطوم ،وقد حباه الله بأن رأى العذراء ثلاث مرات فى عام 1968م فى الزيتون ،وأيضاً أكثر من مرة عام 1986م فى بابا دوبلو بشبرا ،وكان هذا سبب حماسه الروحى المتدفق دوماً . وكان الأب فيلوثاوس خادماً لكل أبناء الوطن خدم كل أبناء السودان ،وأذكر له أنه فى يوم من الأيام أوقفه دبلوماسيان شابان فوقف ،سألهما أى خدمة ،قال أحدهما نحن نرغب فى الذهاب إلى زيارة قبر الرسول ،ونعلم أنه لن يخدمنا سواك، فأنت محبوب عند مسلمينا جميعاً ،ولم يكذّب الأب خبراً فكتب توصية إلى إدارة الحج والعمرة التى قبلت شفاعة أبونا ،ويذكر أبونا نفسه كيف صار حرص الكثيرين على حضوره مراسم الزواج فى جوامع المسلمين المقدّسة ، ويذكر أبونا أن أستاذاً جامعياً مميزاً قابل الأب فى بعض الإحتفالات ،وقال الأستاذ :أبونا لقد تم عقد قران كريمتى فى أثناء سفرك خارج البلاد ،قال أبونا مبروك ربنا يتمم بخير ،قال الأستاذ ولكن لن تستريح كل الأسرة إلا بعد زيارتكم منزل العرس وتبريك المنزل بحضوركم ،وذهب أبونا إلى بيت العرس الجميل ،ووجد مجموعة من العلماء ،وأدار حواراً جهيراً حول العصر المسيحى فى السودان . لقد خدم أبونا كل أبناء الوطن ،مسلمين ومسيحيين ،وصار أباً روحياً لكل من يطلب أبوته ، وقد إستشاره كثير من المسلمين فى أمورهم الخاصة ،و ذات مرة جاء إليه أحد الأصدقاء من المسلمين يشكو أن زوجته قد تركت البيت الزوج و الأبناء والبنات ،وذهبت إلى بيت أسرتها وهى مصممة على عدم العودة ، وذهب أبونا إلى هذه المرأة إلى بيت أهلها ،وسرعان ما تجاوبت وعادت إلى بيتها فى عربة أبونا ذاته،وهناك كثير من القصص وهكذا ،ولأنه يصنع السلام جاءت إليه حمامة وركّت على كتفه فى أمسية مجيدة بعد الثانية عشر مساء ،وأخذ إبنه صورة لها . العمل الوطنى : وقد كان الأب فيلوثاوس أيضاً خادماً للوطن،وقد حمل هموم الوطن وشارك فى لقاءات عديدة حول هذه الأعوام ،ومثّل السودان فى العديد من المؤتمرات ،بدءاً بمؤتمرات السكان ،ثم مؤتمرات حوار الأديان ،وقد إختاره السيد رئيس الجمهورية سنة 1993م ليكون أول رئيس لأول مؤتمر حوار أديان ،وكان إسم الأب يأتى على فم الرئيس فى تصرياحته حوالى ثلاث مرات أحياناً فى اليوم الواحد،لأن الرئيس عمر البشير وضع أمله فى الأب الذى لم يخيّب أمله قط ،بل كان عند حسن ظنه ،وعند حسن ظن كثيرين ،ونجح مؤتمر حوار الأديان ،وقبله كان الأب بجوار الرئيس بناءاً على طلبه أثناء زيارة بابا الفاتيكان يوحنا بولس الثانى الذى أعجب جداً بنشاط الأب ،حتى أنه أعلن أنه يحفظ إسمه ،ويذكر أنه رئيس مؤتمر حوار الأديان ،ولم يزل الأب يكتب لتعميق الحوار والتعايش ،وله خمس أعمدة إسبوعية . ونذكر هنا جهود الأب الدكتور فى نشر الثقافة العربية حتى تم ترشيحه عضواً فى مجمع اللغة العربية . ومرت الأيام ودخل الأب الخادم مرتان على التوالى إلى مجلس الشعب عضواً ،كل دورة أربعة أعوام ،ولثمانية أعوام كان الأب عضواً عاملاً يطالب بكل حقوق كل أبناء السودان ،وكان له مع كل وزير تعليق مهم ،فلقد علَّق ذات مرة على وزير الإعلام الدكتور الطيب محمد إبراهيم وقال عنه أنه كان يظنه فقط مجرد طبيب خريج جامعة الخرطوم يحمل حقنة كبيرة قدرها قدر سيخ من حديد ،حقق بها طموحاته فى إنتخابات طلبة جامعة الخرطوم ،كما حارب بها النهب المسلح فى دارفور ،ولكنه يراه اليوم أديباً لبيباً مهذباً لبقاً،وطالبه بالإهتمام بالإعلام المسيحى ،وحيث كان برنامج التلفزيون وبرنامج الإذاعة لمدة ساعة لكلٍ هدية من الرئيس إلى مؤتمر حوار الأديان ،وفى مرة أخرى كان الوزير هو اللواء ضحوى ،وكان وزيراً للشئون الدينية ،وقدم تقريراً عن مجهودات الوزارة فى خدمة الحج ،وهنا طالب الأب أن يهتم الوزير نفس الإهتمام بزيارة المسيحى للقدس ،وعندما قالوا أن البابا شنودة يرفض هذا،قال الأب إنه ملتزم بتوجيهات البابا لكنه يطالب بحقوق الآخرين من المسيحيين . وكلل الرب جهود الأب بان أعطىَ لقب السفير العالمى للسلام،وهو لقب يحمله بفخر وإعتزاز فى جواز سفره الدبلوماسى ،وقد قام برسائل سلام بين البابا شنودة وبطريرك الأحباش الأب باولوس ،وأقام صلحاً بين الرئيس عمر البشير والرئيس حسنى مبارك ،وبذل مجهوداً كبيراً فى الإفراج عن الصادق المهدى ،وفى ذكرى 45 سنة على كهنوت أبونا ، وخمسون عاماً على خدمته يرجوكم أن تصلوا من أجله لكى يكمل طريقه بسلام الرب .